كشفت دراسة حديثة أن تأثيرات الإصابة بـ "كوفيد 19" تتجاوز أعراضه الحالية وتطال جودة النوم والأحلام.
ففي مراجعة لجميع الدراسات العلمية المتاحة حاليًا حول تأثير كورونا على صحتنا الجسدية والعقلية ووظائف الدماغ، تبيّن أن 52% من الأشخاص الذين يصابون بكورونا يعانون من اضطرابات النوم.
وذكرت الدراسة التي نشرتها مجلة "ساينس أليرت" الطبية أن أكثر أنواع اضطرابات النوم شيوعًا التي تمّ الإبلاغ عنها هو الأرق، لكن الأمر المثير للقلق هو أن مشاكل النوم تستمرّ أحيانًا حتى بعد الشفاء من العدوى.
ووجدت دراسة في الصين أن 26% من الأشخاص الذين تمّ إدخالهم إلى المستشفى بسبب كورونا، ظهرت عليهم أعراض الأرق بعد أسبوعين من الخروج من المستشفى.
كما أظهرت دراسة أميركية أن الأشخاص الذين أصيبوا بكورونا كانوا أكثر عرضة للإصابة بمشاكل النوم من الأشخاص الذين لم يصابوا أبدًا، حتى بعد شهر من تشخيص إصابتهم.
وبينما يتعافى معظم الأشخاص من كورونا بسرعة، يستمر ظهور الأعراض لدى البعض على المدى الطويل.
ووجدت دراسة أجريت عام 2021 على أكثر من 3 آلاف شخص مصابين بفيروس كوفيد لفترة طويلة، أن حوالي 80% من المشاركين أبلغوا عن مشاكل النوم، وبالأخصّ الأرق.
كما جمعت دراسة حديثة بيانات عن مدة النوم وجودته باستخدام الأساور الذكية، وتبيّن أن المشاركين الذين يعانون من فيروس كورونا لفترات طويلة كانوا ينامون أقل بشكل عام، وحصلوا على نوم عميق أقل من المشاركين الذين لم يصابوا بالفيروس.
علاقة مشاكل التنفس أثناء النوم بفيروس #كورونا 👇 pic.twitter.com/XLKGeUjFIi
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) November 12, 2021
ويُعتبر فقدان النوم العميق أمرًا مثيرًا للقلق بشكل خاص، لأن هذا النوع من النوم يُقلّل من الشعور بالتعب ويقوي التركيز والذاكرة. وقد تكون قلة النوم العميق مسؤولة جزئيًا عن "ضباب الدماغ" الذي يتم الإبلاغ عنه بشكل شائع أثناء كوفيد وبعده.
كما أن مجرد تأثير كوفيد على النوم أمر مقلق، لأن النوم يساعد جهاز المناعة على مكافحة العدوى.
كيف يؤثر كورونا على النوم؟
وهناك العديد من الأسباب وراء قلّة النوم لدى المصابين بكورونا، من بينها العوامل الفيزيولوجية والنفسية والبيئية.
ويمكن أن يكون لكورونا تأثير مباشر على الدماغ، بما في ذلك المناطق التي تتحكّم في كل من حالات الاستيقاظ والنوم، ويمكن أن تشمل إصابة الفيروس بالجهاز العصبي المركزي أو التأثير على إمداد الدماغ بالدم.
إلى ذلك، تؤدي الصحة العقلية السيئة إلى مشاكل النوم والعكس صحيح، كما أن هناك علاقة قوية بين الإصابة بفيروس كورونا ومشكلات الصحة العقلية، وخاصة الاكتئاب والقلق، الذي يُمكن أن يكون ناجمًا عن مخاوف بشأن التعافي أو الشعور بالوحدة أو العزلة الاجتماعية. ومثل هذه المخاوف قد تجعل النوم أكثر صعوبة.
وفي الوقت نفسه، يمكن أن يواجه المصابون بكورونا والموجودون في المستشفى صعوبات إضافية في محاولة النوم في بيئات المستشفى المزدحمة، نظرًا للضوضاء والعلاج والمرضى الآخرين.
ماذا عن الأحلام؟
واستطلعت الدراسة الدولية حول النوم أثناء الإصابة بكوفيد، وهي مشروع بحثي عالمي يشارك فيه علماء النوم من 14 دولة، المشاركين المصابين وغير المصابين عن أحلامهم.
وأظهرت النتائج أن الجميع كانوا يحلمون بعد بداية الوباء أكثر من ذي قبل. لكن المثير للاهتمام، هو أن المشاركين المصابين بكورونا عانوا من كوابيس أكثر من المشاركين غير المصابين، بينما لم يكن هناك فرق بين المجموعات قبل الوباء.
وبينما لا يوجد تفسير بسيط لماذا قد تؤدي الإصابة بفيروس كورونا إلى زيادة الكوابيس، إلا أن الصحة العقلية قد تلعب دورًا مرة أخرى، إذ غالبًا ما تكون الصحة العقلية السيئة مصحوبة بكوابيس.
ووجدت الدراسة أن المجموعة المصابة بكوفيد أظهرت المزيد من أعراض القلق والاكتئاب.
توصيات لاتباعها في المنزل
والروابط الوثيقة بين النوم والصحة العقلية والجسدية تعني أن الوقاية من اضطراب النوم وعلاجه لم يكن أكثر أهمية من أي وقت مضى، ويتطلب حلولًا إبداعية من الحكومات ومقدمي الرعاية الصحية.
وغالبًا ما يمكن لطبيبك تقديم العلاج لكل من الأرق قصير وطويل الأمد بالعلاج السلوكي المعرفي (CBT).
بالنسبة لمشاكل النوم الأقل حدة، قدّمت الأكاديمية الأوروبية للعلاج السلوكي المعرفي للأرق توصيات، بعضها يعتمد على المبادئ المطبقة في العلاج المعرفي السلوكي، والتي يمكنك اتباعها في المنزل.
وتشمل هذه التوصيات:
- الحفاظ على جدول منتظم للنوم والاستيقاظ
- حصر التفكير في الأشياء التي تجعلك تشعر بالتوتر
- استخدام السرير للنوم فقط
- الذهاب إلى الفراش والنهوض منه عندما ترغب بفعل ذلك
- مشاركة مشاعر التوتر والقلق مع العائلة والأصدقاء
- الحد من اضطراب النوم الناتج عن التعرّض للضوء، من خلال التأكد من أن غرفة نومك مظلمة قدر الإمكان
- ممارسة الرياضة بانتظام خلال النهار
- تجنّب الأكل قبل النوم.