تسلم لبنان المسودة النهائية لاتفاق بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل تفي بجميع متطلبات البلاد، ويمكن أن تؤدي قريبًا إلى "اتفاق تاريخي"، حسبما صرّح كبير المفاوضين اللبنانيين إلياس بو صعب.
وأشار بو صعب إلى وكالة "رويترز"، بعد دقائق من تسلم المسودة النهائية إلى أنه "إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن جهود آموس هوكشتاين يمكن أن تؤدي إلى اتفاق تاريخي".
وكان يشير إلى الوسيط الأميركي هوكشتاين، الذي انخرط في جهود دبلوماسية مكوكية لأشهر بين بيروت وتل أبيب، في محاولة للتوصل إلى اتفاق لترسيم الحدود البحرية المشتركة.
وقال بو صعب: "تلقينا قبل دقائق المسودة النهائية، شعر لبنان بأنها تأخذ في الاعتبار كل متطلبات لبنان ونعتقد أن الطرف الآخر يجب أن يشعر بالمثل".
"الموقف الإسرائيلي"
وعلى المقلب الآخر، أكد إيال حولاتا رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي اليوم الثلاثاء أن إسرائيل راضية عن المسودة النهائية لاتفاق توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية مع لبنان.
وأضاف حولاتا في بيان: "جميع مطالبنا تمت تلبيتها، والتغييرات التي طلبناها تم تعديلها. حافظنا على مصالح إسرائيل الأمنية ونحن في طريقنا إلى اتفاق تاريخي".
توقعات بتهدئة طويلة الأمد بين #لبنان وإسرائيل حال تحقيق اتفاق ترسيم الحدود البحرية#العربي_اليوم تقرير: جويس الحاج خوري pic.twitter.com/CVxwe6SqCQ
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) October 11, 2022
وسيحل الاتفاق نزاعًا إقليميًا في شرق البحر المتوسط في منطقة يهدف لبنان إلى التنقيب فيها عن الغاز الطبيعي، وبالقرب من مياه عثرت فيها إسرائيل على كميات صالحة للاستخدام التجاري.
وكان حزب الله اللبناني هدد باستخدام القوة ضد إسرائيل إذا شرعت في استكشاف الغاز بالقرب من المنطقة المتنازع عليها قبل أن يُسمح للبنان بأن يفعل ذلك في مناطقه البحرية.
ورفضت إسرائيل الأسبوع الماضي تعديلات أجراها لبنان في اللحظة الأخيرة على مسودة الاتفاق مما ألقى بظلال من الشك على جهود دبلوماسية امتدت لسنوات.
وكان مسؤولون من كلا البلدين على اتصال وثيق عبر الوسيط الأميركي خلال الأيام الماضية في محاولة لحل الخلافات القائمة.
وقال الرئيس اللبناني ميشال عون أمس الإثنين إن الاتفاق لا يعني وجود أي "شراكة" مع إسرائيل، وهي دولة لا يعترف بها لبنان ويعتبرها عدوًا من الناحية الرسمية.
ًوفي الأسبوع الماضي، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي: "نتفادى حربًا أكيدة في المنطقة".
اتفاق قانوني
وفي هذا الإطار، يوضح أستاذ القانون الدولي بول مرقص أن الاتفاق سيكون عبارة عن نسختين منفصلتين، إذ توقع كل من بيروت وتل أبيب نسخة منهما، بحيث أن التوقيع لا يلازم التوقيع الآخر، وتوضع النسختان أمام الأمم المتحدة بعناية الوسيط الأميركي الذي يكون حاضرًا على التوقيع لكن في مكان منفصل عن الآخر حتى لو كان متقاربًا جغرافيًا أو زمانيًا.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة بيروت، يبيّن مرقص أن لبنان أراد هذه الخطوة، حتى لا يوقع اتفاقًا ثنائيًا متبادلًا مع إسرائيل وحتى لا يعترف بها، مشيرًا إلى أنه من وجهة نظر القانون الدولي، والمادة الثانية من اتفاقية جنيف للعلاقات الديبلوماسية فإن أي توقيع بين دولتين لو لم يكن وثيقة واحدة، هو اتفاق.
"مناخ إيجابي"
من جهته يرى المحاضر في جامعة القديس يوسف المختص في شؤون الطاقة شربل سكاف أن توقيع الاتفاق بين لبنان وإسرائيل سيخلق مناخًا إيجابيًا، من ناحية بدء شركة "توتال" بالتنقيب في البلوك رقم 9، ومن ضمنه حقل قانا، واستكمال دورة التراخيص الثانية واستقطاب المزيد من الشركات العالمية للتنقيب في البلوكات اللبنانية الأخرى.
وأضاف في حديث إلى "العربي" من بيروت أن التفاوض مع شركة "توتال" هو جزء لا يتجزأ من الاتفاق الذي سيتم التوقيع عليه بين لبنان وإسرائيل، ما يعني إعطاء ضمانات لـ"توتال" في أن تبدأ فورًا بالتنقيب في البلوك رقم 9، لأن الشركة مرتبطة باتفاقية قانونية مع الدولة اللبنانية، وهي اتفاقية ترعى وتنظم عمليات التنقيب والاستكشاف.
وتواجه السلطات اللبنانية انتقادات واسعة بسبب مسودة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، نظرًا إلى القبول بحقل قانا الافتراضي وضبابية كمية الموارد الباطنية بداخله.