استنكرت إيران تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن تعهد فيها بمواصلة زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي عليها، واعتبرت أن السياسة التي تعتمدها إدارة بايدن "تعارض" رغبته المعلنة بإحياء الاتفاق النووي مع طهران.
والأسبوع الماضي، قال بايدن في مقال رأي نشرته صحيفة "واشنطن بوست": "ستُواصل إدارتي زيادة الضغط الدبلوماسي والاقتصادي حتى تصبح إيران مستعدة للعودة إلى الامتثال للاتّفاق النووي لعام 2015".
وأكد بايدن أيضًا في مقال "واشنطن بوست"، رغبته خلال الزيارة في "العمل من أجل استقرار أكبر" في المنطقة.
وجاء الموقف الإيراني قبيل جولة بايدن إلى المنطقة، التي سيزور خلالها إسرائيل والضفة الغربية المحتلة من 13 إلى 15 يوليو/ تموز، على أن يتوجه بعدها إلى السعودية، في أول جولة إقليمية منذ توليه منصبه مطلع عام 2021.
وتأتي الزيارة أيضًا في ظل جمود يهيمن على مباحثات إحياء اتفاق عام 2015 بين طهران والقوى الكبرى بشأن البرنامج النووي الإيراني؛ الذي انسحبت منه الولايات المتحدة عام 2018.
"استمرار لسياسة الضغط الأقصى الفاشلة"
وجاء الموقف الإيراني على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني الذي رأى اليوم الثلاثاء أن "تأكيد بايدن على اتباع وممارسة سياسة الضغط الاقتصادي والدبلوماسي ضد إيران يتعارض مع تعبيره عن رغبة هذا البلد في إحياء الاتفاق النووي".
واعتبر أن هذه التصريحات "استمرار لسياسة الضغط الأقصى الفاشلة التي بدأتها إدارة ترامب ضد إيران".
وأضاف كنعاني أن "الحكومة الأميركية السابقة، بانسحابها الأحادي من الاتفاق النووي، تسببت بالفعل في إلحاق أضرار جسيمة بإستراتيجية الدبلوماسية المتعددة الأطراف لحل الخلافات"، وأن الإدارة الحالية "تتبع النهج نفسه مع استمرار ممارسة الضغوط الاقتصادية وسياسة فرض الحظر على إيران".
ورأى كنعاني أن "منطقة الشرق الأوسط لن تكون أكثر أمنًا واستقرارًا إلا من خلال قيام أميركا بإنهاء سياستها في خلق الانقسام بين دول المنطقة"، مضيفًا: "طالما لم تصحح الولايات المتحدة سياساتها الخاطئة والمسببة للأزمات، فإنها المسؤولة الرئيسية عن عدم الاستقرار في منطقة غرب آسيا".
"زيارة بايدن ومسار المفاوضات"
وفي حديث سابق مع "العربي"، اعتبر أستاذ العلوم السياسية في جامعة علامة طبطبائي مسعود أسد اللهي، أن هناك مشاكل في إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن حيال توقيع اتفاق جديد، مشددًا على أن الكرة ليست في الملعب الإيراني بل لدى الولايات المتحدة، في ظل الزيارة المرتقبة لبايدن إلى إسرائيل والسعودية.
وأشار أسد اللهي إلى أن الطرف الأميركي جاء بذرائع حتى يوقف المفاوضات في الدوحة لفترة من الزمن، إلى حين مرور زيارة بايدن بسلام، وذلك بسبب معارضة إسرائيل والسعودية للاتفاق النووي منذ انطلاق المفاوضات بشأن هذا الملف.
ولفت إلى أنه من المفترض أن تكون هناك محاولات لإعادة إحياء المفاوضات مرة أخرى بعد زيارة بايدن، ملمحًا إلى إمكانية عقدها في مكان آخر غير العاصمة القطرية الدوحة.
الاتفاق النووي
وأتاح اتفاق 2015 رفع عقوبات اقتصادية كانت مفروضة على الجمهورية الإسلامية، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها. إلا أن مفاعيله باتت في حكم اللاغية مذ قرر الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب سحب بلاده أحاديًا منه في 2018.
وأعاد ترمب فرض عقوبات قاسية على طهران في إطار سياسة "ضغوط قصوى" اعتمدها حيال الجمهورية الإسلامية.
وأبدى بايدن نيته إعادة واشنطن إلى متن الاتفاق، بشرط عودة طهران لاحترام كامل التزاماتها بموجبه، والتي بدأت بالتراجع عنها اعتبارًا من عام 2019.
وأجرت إيران وأطراف الاتفاق (روسيا، بريطانيا، فرنسا، الصين وألمانيا)، مباحثات في فيينا اعتبارًا من أبريل/ نيسان 2021، شاركت فيها الولايات المتحدة بشكل غير مباشر.
ورغم تحقيق تقدم كبير، تعثرت المباحثات اعتبارًا من مارس/ آذار الماضي مع تبقي نقاط تباين بين الطرفين الأساسيين واشنطن وطهران.
وأجرى الجانبان في أواخر يونيو/ حزيران، مباحثات غير مباشرة في الدوحة بتسهيل من الاتحاد الأوروبي، انتهت دون تحقيق اختراق.
وفي حين تبدي الدول الغربية أولوية عودة إيران لالتزاماتها وضبط أنشطتها النووية، تؤكد طهران ضرورة رفع العقوبات المرتبطة بعهد ترمب وضمان عدم انسحاب واشنطن مجددًا من الاتفاق.
وخلال الأشهر الماضية، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على أطراف وشركات تتهمها بالتحايل على العقوبات النفطية على إيران، مؤكدة أنها ستواصل محاولات إحياء الاتفاق النووي وتطبيق العقوبات في الوقت عينه.