الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

تعليق مباحثات جدة.. ما تأثيرات العقوبات الأميركية على صراع السودان؟

تعليق مباحثات جدة.. ما تأثيرات العقوبات الأميركية على صراع السودان؟

شارك القصة

نافذة إخبارية لـ"العربي" تسلط الضوء على تداعيات العقوبات الأميركية على الصراع في السودان (الصورة: رويترز)
يأتي قرار واشنطن والرياض تعليق محادثات جدة نتيجة الانتهاكات الجسيمة المتكررة لوقف إطلاق النار قصير الأمد في السودان.

أعلنت السعودية والولايات المتحدة، مساء الخميس، تعليق محادثات جدة بين أطراف الصراع في السودان، نتيجة "الانتهاكات الجسيمة والمتكررة" لوقف إطلاق النار.

وقالت الدولتان الراعيتان لمباحثات جدة، في بيان باسمهما نشرته السفارة الأميركية لدى السودان عبر تويتر: "تعلن السعودية والولايات المتحدة الأميركية تعليق محادثات جدة بصفتهما المسهّلين (الرعاة)".

وبحسب البيان، "يأتي هذا القرار نتيجة الانتهاكات الجسيمة المتكررة لوقف إطلاق النار قصير الأمد، وتمديد وقف إطلاق النار المؤخر من قبل الجيش السوداني وقوات الدعم السريع".

وتابع: "أعاقت تلك الانتهاكات إيصال المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية التي هي هدف وقف إطلاق النار قصير الأمد".

وأضاف: "المسهلون يذكرون الطرفين بأنهما لا يزالان ملتزمين بالتزاماتهما بموجب إعلان جدة في 11 مايو (أيار المنصرم)، للالتزام بحماية المدنيين في السودان، وتمديد وقف إطلاق النار لمدة 5 أيام في 29 مايو".

وأردف أن "الرعاة أبلغوا الطرفين بالخطوات التي سيتعين عليهما اتخاذها لإثبات التزامهما الجاد بمحادثات جدة، واتخاذ إجراءات بناء الثقة التي يريدان تنفيذها من قبل الطرف الآخر قبل استئناف محادثات جدة".

لكن البيان المشترك حرص على تأكيد استعداد الرياض وواشنطن لإعادة عقد محادثات جدة بمجرد أن يتخذ الطرفان "الخطوات اللازمة".

استئناف محادثات جدة "بشروط"

وقال إنهما "على أهبة الاستعداد للعمل بجدية مع الطرفين لاستئناف محادثات جدة بمجرد اتخاذ خطوات يمكن إثباتها لتنفيذ الالتزامات لتمكين المساعدة الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية".

وبين أنه "على الرغم من عدم تنفيذ وقف إطلاق النار بشكل كامل، إلا أن وقف إطلاق النار الأول لـ7 أيام أدى إلى بعض الانخفاض في القتال، ومكن من وصول المساعدات الإنسانية إلى حوالي مليوني سوداني".

واستطرد: "مع ذلك، فقد ارتكب الطرفان انتهاكات خطيرة لوقف إطلاق النار، وشمل ذلك احتلال منازل مدنية، وشركات خاصة ومباني عامة ومستشفيات".

وزاد البيان: "كذلك الضربات الجوية والمدفعية والهجمات والتحركات المحظورة، وقد أثرت هذه الانتهاكات بشكل مباشر على جهود المساعدات الإنسانية".

وأشار إلى أنه منذ اندلاع الأعمال العدائية "أبلغت الجهات الإنسانية عن سرقة 115 مركبة ونهب 57 مستودعًا و55 مكتبًا"، وأنه "خلال فترة وقف إطلاق النار مُنعت شاحنات المساعدات الإنسانية من المرور، ونُهبت المستودعات في المناطق التي يسيطر عليها الطرفان".

ولفت البيان إلى أن "محادثات جدة تهدف إلى دعم جهود إقليمية وعالمية أوسع، بما في ذلك خارطة طريق لحل الصراع في السودان".

واتهمت الدولتان طرفي النزاع بأنهما "يدعيان تمثيل مصالح الشعب السوداني، لكن أفعالهما زادت من معاناته، وعرضت الوحدة الوطنية والاستقرار الإقليمي للخطر"، وفق البيان.

"بيان السعودية"

في سياق متصل، قالت الخارجية السعودية: "تعرب السعودية والولايات المتحدة عن قلقهما البالغ إزاء الانتهاكات الجسيمة لوقف إطلاق النار وإعلان جدة من قبل كل من القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع".

وأوضحت في بيان مساء الخميس، أن "الانتهاكات أضرّت بالمدنيين والشعب السوداني، وتعوق إيصال المساعدات الإنسانية وعودة الخدمات".

وفيما حثت طرفي النزاع على "الالتزام بجدية بوقف إطلاق النار ودعم الجهود الإنسانية"، أكدت الخارجية أنه "بمجرد اتضاح جدية الأطراف بالامتثال لوقف إطلاق النار فإن المسيّرين، السعودية والولايات المتحدة، مستعدان لاستئناف النقاش".

والأربعاء، أعلن الجيش السوداني تعليق مباحثات جدة، بسبب "عدم التزام قوات الدعم السريع بتنفيذ بنود الاتفاق واستمرار الخروقات".

وفي 26 مايو المنصرم، أعلنت السعودية والولايات المتحدة اتفاق طرفي النزاع في السودان على تمديد اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بينهما، لمدة 5 أيام إضافية.

ومنذ 15 أبريل/ نيسان الماضي، اندلعت في عدد من مدن السودان اشتباكات واسعة بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، و"الدعم السريع" بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، راح ضحيتها المئات بين قتيل وجريح، معظمهم من المدنيين.

إلى ذلك، فرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات على شركات اتهمتها بإذكاء الصراع في السودان، وصعّدت الضغط على الجيش وقوات الدعم السريع لوقف القتال الدائر في الخرطوم ومناطق أخرى.

وقالت وزارة الخزانة الأميركية إنها استهدفت شركتين مرتبطتين بالجيش السوداني وشركتين مرتبطتين بقوات الدعم السريع.

هل تخرج العقوبات السودان من أزماته؟

وبشأن العقوبات الأميركية، يوضح الكاتب والصحفي السوداني مزمل أبو القاسم، أن واشنطن تبدو مثل الطبيب الذي يصر على استخدام دواء واحد لكل الأمراض، مذكرًا بأن الولايات المتحدة جربت العقوبات مع السودان على مدى أكثر من 30 عامًا، ولم تساعد بها الشعب السوداني بأي شكل من الأشكال، بل أضرت به ضررًا بالغًا.

وفي حديث لـ"العربي" من استديوهات لوسيل، يضيف أبو القاسم أن منظومة الصناعات الدفاعية التي وقعت عليها العقوبات تم إنشاؤها في الأصل في ظل عقوبات أميركية، مشيرًا إلى أن الأمر الغريب هو أن الولايات المتحدة هذه المرة طرحت نفسها كمسهل ووسيط، والوسيط في العادة لا يرفع العصا في وجه من يتوسط بينهم، حسب تعبيره.

ويتابع أن الولايات المتحدة الأميركية كانت جزءًا من المجموعة الرباعية التي تبنت حلًا سياسيًا فاقم من حالة التشرذم السياسي في السودان، وأدى إلى اندلاع حرب في الخرطوم وعدد من مناطق السودان، وبالتالي عليها أن تراجع أهليتها، مشددًا على أنه ليس مقبولًا أن تظل واشنطن تتعامل مع السودان تحديدًا بسيف العقوبات في كل العهود.

وبشأن الخيارات المطروحة أمام واشنطن، يرى أبو القاسم أن على واشنطن البحث عن بدائل أخرى، وأن تحاول أن تتعامل مع الأزمات والشعوب بطريقة أخرى بغير سلاح العقوبات، متسائلًا عن الضرر الذي قد يصيب قادة الجيش السوداني من حرمانهم من تأشيرة دخول الولايات المتحدة مثلًا، مشيرًا إلى أن هؤلاء القادة لا يمتلكون ثروات في الخارج لكي يتم تجميدها.

ويردف أن العقوبات قد تضر قوات الدعم السريع على اعتبار أن شركة "الجنيد" التي صدرت بحقها عقوبات تمثل الرافعة الاقتصادية والذراع المالية لقوات الدعم السريع.

وفيما يرى أن مدخل المفاوضات بين طرفي الصراع لحل النزاع كان خاطئًا منذ البداية، لفت إلى أن الصراع الحاصل بمجمله يمثل تمردًا لقوى نظامية سودانية على الجيش الوطني للدولة، وبالتالي لم يكن مقبولًا منذ البداية أن يتم وضع الطرفين على قدم المساواة.

ويعرب أبو القاسم عن اعتقاده بأن الجيش السوداني يحرز تقدمًا ملحوظًا في الميدان من خلال محاصرته بالصراع في ولاية واحدة مع مناوشات متفرقة في بعض الولايات الأخرى، بحيث تدور الحرب الآن في الخرطوم فقط.، مشيرًا إلى أن الجيش نجح في إحباط المخطط الأساسي والذي يستهدف الاستيلاء على السلطة.

ويضيف أن الجيش السوداني نجح أيضًا في أن يوسع مجال التأمين حول مقراته الرئيسية ووحداته الأساسية، وانتقل من خانة الدفاع إلى الهجوم، وبات يهاجم حصون القوات المتمردة في جنوب الخرطوم، حسب رأيه.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - وكالات
تغطية خاصة