تصاعد التفاؤل في الأيام الأخيرة من قبل مسؤولين لبنانيين وإسرائيليين على حدّ سواء، كدلالة على إمكانية نضوج اتفاق لترسيم الحدود البحرية بين تل أبيب وبيروت بوساطة أميركية.
وممّا يؤشر على حجم التفاؤل المتزايد ما نقله رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى في لبنان الشيخ علي الخطيب عن الرئيس ميشال عون، الذي أبلغه بأن ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل أصبح في خواتيمه السعيدة.
وقال الخطيب بعد لقائه عون في قصر بعبدا، إنّ الأخير أكد له أن لبنان سيحصل على حقوقه من ثرواته البحرية، لافتًا إلى أن أحدًا لن يتخلّى عن حقه السيادي في ظلّ موقف لبناني موحّد.
وتناغمت إفادة عون هذه في حجم التفاؤل مع ما ورد عن رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ونائب رئيس المجلس النيابي الياس بو صعب، عقب لقائهما مسؤولين أميركيين في نيويورك، حيث تحدّثا عن حصول تقدم كبير في مفاوضات الترسيم، وأنّ التفاوض بات في مرحلته الأخيرة.
بدوره، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد أن تل أبيب تؤمن بإمكانية التوصل إلى اتفاق بشأن الخط البحري مع لبنان، بما يخدم مصلحة الطرفين، ويحقق الاستقرار الإقليمي على حد وصفه.
ويبدو أنّ تل أبيب ومعها واشنطن لا تقلّان حماسة من لبنان لإبرام الاتفاق، فإسرائيل ترى أنه مهم لإبرازها بديلًا لأوروبا عن غاز روسيا، ضمن تداعيات حربها على أوكرانيا، وهو ما يتطلب تعهّدًا من لبنان بعدم المساس بمنصّة الغاز الإسرائيلية كاريش، مقابل ضمان عدم التعرض للمنصّة اللبنانية الموعودة.
تفاؤل باقتراب إتمام الاتفاق بين #لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية #العربي_اليوم تقرير: أدهم مناصرة pic.twitter.com/O0MpNq5Bxx
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) September 22, 2022
دور حزب الله
ويرى الكاتب الصحافي اللبناني غسان سعود، أن المفاوضات لم تتناول قضية ترسيم الحدود فحسب، بل تجاوزتها إلى حق لبنان باستخراج الغاز، لافتًا إلى أن "التنقيب في حقل كاريش المتنازع عليه متصل حكمًا بعمل الشركات اللبنانية مجددًا بالحقول اللبنانية البحرية".
وكان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، قد أعلن يوم أمس، أن استخراج الغاز من حقل "كاريش" بالبحر المتوسط المتنازع عليه مع لبنان "سيبدأ في الموعد المحدد".
وتعليقًا على موقف غانتس، يعتبر سعود في حديث إلى "العربي" من بيروت، أن بعض المسؤولين الإسرائيليين يكابرون، حيث لمس لبنان عددًا من تصريحات أمنيين إسرائيليين، نصحوا بعدم البدء بالتنقيب في كاريش، قبل الحصول على ضمانات بعدم وجود أي عمل عدائي من حزب الله، معتبرًا أن مواقف الحزب لعبت دورًا ايجابيًا بتسريع وتيرة المفاوضات.
وكان الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصرالله، قد حذر إسرائيل من أنه لن يسمح باستخراج النفط والغاز من حقل كاريش، قبل أن يحصل لبنان على مطالبه المحقة، وفق تعبيره، مؤكدًا أيضًا أن صواريخ حزبه موجهة إلى الحقل.
توافق لبناني
ويكشف سعود في هذا السياق أنه، وبعد 6 أشهر من جولات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين، تم الاتفاق على جميع التفاصيل بما في ذلك النقاط الخلافية الأخيرة، ولا سيما حول ما قيل عن منطقة بحرية تعتقد إسرائيل أنها تشكل خطرًا أمنيًا عليها، الأمر الذي قد يؤدي إلى استفادة لبنان منها اقتصاديًا، إنما دون بسط أي سيادة أمنية عليها.
ويؤكد الصحافي اللبناني أن الأفرقاء اللبنانيين متفقون فيما بينهم على مضمون الاتفاق، وبأن ذلك لم يكن ليحصل لولا تنسيق تام بين رئيس الجمهورية وحليفه حزب الله، كذلك تناغم موقف رئيس مجلس النواب نبيه بري مع باقي الفرقاء.
ويسعى لبنان من خلال اتفاقية الترسيم، إلى تخطي الأزمة الاقتصادية التاريخية التي يمر بها، فيما تتمسك إسرائيل بالاتفاق للعب دور أساسي في تأمين الغاز إلى أوروبا، وسط أزمة الطاقة التي تعاني منها القارة العجوز، جراء الصراع مع روسيا حول الحرب الأوكرانية.