أصبح مشهد ضخ مياه الصرف الصحي في الأنهر الرئيسة والفرعية بالعراق مألوفًا منذ سنوات، حيث سجّل باحثون مختصون في البيئة تلوثًا بكتيريًا وصناعيًا بنسب عالية نتيجة تلك الظاهرة، ما يؤدي إلى تسمم الأهالي أحيانًا وإصابتهم بأمراض معوية وجلدية وسرطانية.
ويعزو رئيس اللجنة العلمية في مديرية زراعة البصرة جاسم حسين العبد الله تراكم هذه المشاكل إلى النمو السكاني وزيادة المساكن بمحاذاة الأنهر، إضافة إلى قلة المصاريف المائية، ما جعل المشكلة أكثر تعقيدًا.
من جانبه، يوضح مدير دائرة الصرف الصحي في البصرة خزعل حميد الفرطوسي أن ما ربط من شبكات تصريف المياه لتصبّ في شط العرب هو شبكة تصريف مياه الأمطار، وأنّ الأهالي هم من تجاوزوا على الشبكة وربطوا مياه الصرف الصحي بها.
وتعمل محطات إسالة المياه بمجملها على تنقية وتصفية مياه الأنهار لإيصالها الأهالي كي يستعملوها للغسل فقط، ولكن بين الأهالي من يرى أنها لا تصلح حتى لأعمال التوظيف المنزلية.
ويتخوف المختصّون في البيئة من أن يتمدد التلوث ليصل إلى الخليج العربي، معتبرين أن العمل بموجب اتفاقيات المياه مع الدول المجاورة للعراق هو الحل لخفض نسب التلوث.
حلول لمعالجة ظاهرة التلوث
وفي هذا الإطار، أوضح مدير منظمة طبيعة العراق في ذي قار جاسم الأسدي أن ظاهرة إطلاق مياه الصرف الصحي للأنهار الرئيسة أصبحت السمة السائدة في جنوب العراق على وجه التحديد، حيث توجد عشرات محطات الصرف الصحي التي أنشئت عام 2003 lk دون أي معالجة.
ويرى في حديث إلى "العربي" من الحلة، أنه يمكن معالجة هذه المعضلة من خلال بعض التقنيات قرب البحيرات وجداول الأنهار والأهوار، موضحًا في الوقت ذاته أن هذه المعالجة لا تتطلب تقنيات عالية، بل تحتاج لاستيراد معدات من خلال زرع أدوات قادرة على امتصاص العناصر الثقيلة.
ويلفت إلى أنه يمكن اعتماد وحدات المعالجة الصغيرة أيضًا لحل المشكلة في مراكز المدن الرئيسية، والاستفادة من المياه التي تخرج منها لزراعة الحدائق والمشاتل.
ويؤكد الأسدي أن هذه التقنيات لا تحتاج إلى مبالغ كبيرة، لكنه يشدد على أنّ "قطاع البيئة لا تتوفر لديه القدرة المالية الكافية لكي يأخذ زمام المبادرة لحل هذه القضايا".