الجمعة 13 Sep / September 2024

تمرير قانون التعديلات القضائية.. ماذا بعد "انتصار" ائتلاف حكومة نتنياهو؟

تمرير قانون التعديلات القضائية.. ماذا بعد "انتصار" ائتلاف حكومة نتنياهو؟

شارك القصة

"للخبر بقية" يقدم قراءة في تصديق الكنيست الإسرائيلي على قانون التعديلات القضائية (الصورة: رويترز)
طالب نتنياهو، في خطابه عقب عملية التصويت على التعديلات القضائية، بضرورة بقاء الجيش خارج أي انقسام سياسي.

لم تؤثر الموجة البشرية الضخمة من المعارضة التي أحاطت بجدران الكنيست الإسرائيلي على سير عملية التصويت النهائي الأكثر جدلًا، والمنتهية بانتصار الائتلاف الحاكم، بتمرير أهم جزء من حزمة التعديلات القضائية: إلغاء بند المعقولية.

وهذا الجزء من شأنه أن يضعف المحكمة العليا غير المنتخبة، وأن يكبّلها من القدرة على نقض قرارات الحكومة.

وطالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في خطابه عقب عملية التصويت، بضرورة بقاء الجيش خارج أي انقسام سياسي، محذرًا في الوقت ذاته "الأعداء" بألا يعوّلوا كثيرًا على الانقسام الداخلي، وفق تعبيره.

"بداية أولى فقط"

ومن داخل الكنيست الذي خلا من نواب المعارضة، كان مزاج نواب الائتلاف مبتهجًا. ووصف وزير القضاء ياريف ليفين، وهو كبير مهندسي التعديلات القضائية، ما حدث بأنه "بداية أولى فقط في عملية تاريخية لإصلاح النظام القضائي".

في المقابل، أكدت المعارضة الإسرائيلية على لسان زعمائها أنها ستستأنف ضد القانون أمام المحكمة العليا. وتوعّدت بعدم الاستسلام ومواصلة ما سمته "الكفاح" ضد المتطرفين.

ويرى النقاد أن ما حصل اليوم ليس فقط اتساعًا لدائرة الاحتجاج وغلقًا للطرق والمواصلات وتعطيلًا للقطارات وحركة الطيران، بل هو تهديد بحدوث إضراب صناعي وعمالي على نطاق واسع يجمد الحياة فعليًا.

والمثير للقلق أيضًا في إسرائيل، إعلان نحو 10 آلاف من جنود احتياط العسكريين توقفهم عن الخدمة، من بينهم أفراد من القوات الخاصة وطيارين وضباط مخابرات. 

وعلاوة على ذلك، فقد قسمت المجتمع الإسرائيلي على أسس دينية وعرقية وطبقية، ونتج عنها تسرب مخاوف بشأن العلاقات مع الحليف الأبرز: الولايات المتحدة.

المعارضة الإسرائيلية تتوعد بعدم الاستسلام بعد إقرار قانون التعديلات - غيتي
المعارضة الإسرائيلية تتوعد بعدم الاستسلام بعد إقرار قانون التعديلات - غيتي

"تغييب القانون كاملًا"

ويلفت المحامي ومدير مركز "عدالة" حسن جبارين، إلى أن بندًا مركزيًا حاولت حكومة نتنياهو تمريره ونجحت في ذلك اليوم، موضحًا أن البند "يحدد صلاحيات محكمة العدل العليا الإسرائيلية بأن تتدخل في قرارات إدارية إذا كانت غير معقولة".

ويوضح في حديثه إلى "العربي" من حيفا، أن القرارات غير المعقولة بالنسبة للمحكمة العليا الإسرائيلية يعني أنها لم تقم "توازنات جدية" عندما تم اتخاذها.

وبينما يشير إلى أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد تدخل المحكمة العليا، يذكر بأنها تتألف من 3 أضلاع لكل منها مصلحة في هذا الأمر: الليكود المعني بقضايا الفساد أي تعيينات بشكل حر، لذا فهو يؤيد الخطوة.

ويضيف: "المتدينون الحريديم المعنيون بهذه الخطوة من أجل منع تدخل المحكمة بأمور دينية، أما الضلع الثالث فهو حركة المستوطنين المعنية باستمرار اضطهاد الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل واستمرار توسيع الاستيطان".

ويردف: "لذلك فهم بحاجة إلى هذا التغيير من أجل تغييب القانون كاملًا".

وينبّه إلى أن "هذا لا يعني أن المحكمة العليا الإسرائيلية كانت سبّاقة في الدفاع عن حقوق العرب، أو أنها حجّمت من تطوير المستوطنات في الضفة الغربية، ولكن لكون اليمين متطرفًا جدًا فهو يريد أن تكون له يد حرة من دون أي تدخل".

"مرحلة ستتعمق فيها الانقسامات"

بدوره، يعتبر مدير عام مركز "الكرمل" للأبحاث مهند مصطفى، أن المجتمع الإسرائيلي في لحظة تاريخية هامة؛ وهي استمرار الاحتجاج والعصيان ورفض الخدمة الطوعية داخل الجيش الإسرائيلي.

ويلفت في حديثه إلى "العربي" من حيفا، إلى فقدان النظام السياسي الإسرائيلي "قدرته على الحفاظ على تكتل المجتمع الإسرائيلي".

وبرأيه، أدت التغييرات الدستورية الحالية إلى إبراز الشروخات والانقسامات العميقة داخله، والتي كانت موجودة سابقًا ولكن النظام السياسي الإسرائيلي استطاع سابقًا تنظيمها من خلال مؤسسات الدولة ووجود نظام سياسي استطاع أن يدير هذه الانقسامات. 

ويردف بأن "هذا النظام فقد أي شرعية له في قدرته على إدارة الانقسامات"، وفق تعبيره، وبأن "إسرائيل في مرحلة سياسية وتاريخية هامة ستتعمق فيها هذه الانقسامات وستظهر بدون وجود أي نظام أو مؤسسة تنظمها".

ويتحدث في هذا الصدد عن تسييس الجيش ودخول الانقسام إلى صفوفه بشكل غير مسبوق في تاريخ المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، وذلك في واحدة من التداعيات الهامة جدًا للتغييرات الدستورية.

"لا يمكنها التدخل بشكل مباشر"

من جانبه، يشير كبير الباحثين في المجلس الأطلسي توماس واريك إلى الموقف الأميركي الذي وصف الإجراءات في الكنيست بأنها مؤسفة.

ويلفت في حديثه إلى "العربي" من واشنطن، إلى أن لدى إسرائيل والولايات المتحدة تاريخا طويلا من المحادثات التي تجري دائمًا بطريقة سرية بعيدًا عن الإعلام، فيقول إن البيت الأبيض يجعل الآن من العلني أنهم كداعمين لإسرائيل أسفوا لقرار الحكومة التي اتخذت هذه الإجراءات.

وبينما يعتبر أن زيادة التظاهرات في الشوارع أمر غير مسبوق في الحياة السياسية الإسرائيلية، وكذلك الإضرابات العامة والإجراءات الأخرى التي سيتم اتخاذها رفضًا لهذا القرار، يوضح أن الولايات المتحدة تراقب هذا الوضع.

ويذكر أنه قد يكون للإدارة الأميركية موقف لكن لا يمكنها التدخل بشكل مباشر، مؤكدًا أن العملية السياسية الإسرائيلية وحدها هي من سيحل كيف ستمضي الأمور قدمًا في ما يتعلق بالتغييرات القضائية في المستقبل.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close