تجد إسرائيل نفسها على مفترق طرق مصيري وفقًا لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو. حالة من التوتر تحاول تل أبيب تصديرها، فتوزع الاتهامات، وتلوّح بالتصعيد المستمر، وتشير لتحوّلات إستراتيجية في الاشتباك مع لبنان عبر جبهة حزب الله.
كما تجنّد إسرائيل قدراتها العسكرية والدبلوماسية للمعركة، التي تضع ضمن أهدافها المعلنة "عودة سكان الشمال"، فيقول قائد المنطقة الشمالية إن الجيش في حالة تأهب قصوى لخطط هجوم إضافية ضد حزب الله، فيما يراسل وزير خارجية تل أبيب نظراءه بأن إسرائيل ستفعل ما يلزم إذا لم يضغط العالم على حزب الله للانسحاب إلى شمال الليطاني.
فجبهة جنوب لبنان التي شهدت ليلة أمس قصفًا طال مئات المواقع التابعة لحزب الله، ردَّ من خلالها الحزب بصواريخ طالت حيفا ومراكز عسكرية إسرائيلية، وصفها حزب الله بأنها دفعة من "كشف الحساب الذي لم ينته بعد"، وفق حديث نائب الأمين العام للحزب الشيخ نعيم قاسم، الذي أكّد عدم قدرة إسرائيل على إعادة سكان الشمال ملوِحًا باستعداد الحزب لكل الاحتمالات العسكرية في ظل استمرار جبهة الإسناد لغزة.
ويتزامن ذلك مع مناوشات وتبادل قصف على الشريط الحدودي بين كوادر الحزب والجيش الإسرائيلي.
قلق دولي
ويثير هذا التوتر القلق دوليًا، حيث يقول البيت الأبيض إنّ التصعيد العسكري ليس من مصلحة إسرائيل، فيما وصف موقع "أكسيوس" الدور الأميركي بالملغوم في جبهة لبنان، مشيرًا إلى دور واشنطن في ضبط إيقاع الصراع وليس وقفه.
كذلك أبدى الاتحاد الأوروبي قلقه من خطورة المشهد، داعيًا إلى وقف فوري لإطلاق النار، في موقف تقاطعت به لندن التي حمَّلت صحافتها اليوم إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن مسؤولية الاتجاه نحو حرب أوسع نطاقًا، بعد فشل واشنطن في التعامل مع الحرب في غزة، وفق صحيفة "الغارديان".
"التصعيد في الشمال لإطالة حرب غزة"
ويلفت الباحث في مركز مدى الكرمل د. مهند مصطفى، إلى أن نتنياهو وضع هدف إعادة النازحين الإسرائيلين إلى الشمال "كهدف مركزي"، مشيرًا إلى أن التصعيد يخدم أهداف رئيس الوزراء الإسرائيلي السياسية الواضحة". ويرى أن الحديث عن أن إسرائيل على مفترق طرق مصيري هو "جزء من الدعاية السياسية".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من أم الفحم، يؤكد مصطفى أن التصعيد في الشمال يهدف إلى إطالة الحرب على قطاع غزة.
لكن مصطفى يرى أن نتنياهو لا يريد الربط بين الجبهتين الجنوبية والشمالية، فهو يستطيع أن يتجاوز ضغط الأسرى لكنه لا يستطيع تجاوز ضغط آلاف النازحين من الشمال.
وبينما يشير إلى أن نتنياهو قام بتوسيع العمليات العسكرية في الشمال لتجاوز ضغط النازحين، أكد أن إسرائيل "غير قادرة بالمفهوم العسكري على إعادة سكان الشمال".
حزب الله أمام "حساب مفتوح" مع إسرائيل
من جانبه، يقول مدير المركز العربي للحوار علي سبيتي إن نتنياهو حدد الخطوة المطلوبة لتحقيق عودة السكان إلى الشمال، والتي تقوم على احتلال منطقة سمّاها "المنطقة العازلة" في جنوب لبنان، معتبرًا أن ذلك يعني أن حزب الله "أمام حساب مفتوح مع إسرائيل ومعركة قادمة".
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، يصف سبيتي نتنياهو بأنه "صائد فرص" ويستغل الموقف الأميركي وطبيعة الانتخابات الأميركية.
كما يؤكد سبيتي أن حزب الله لم يختر الحرب، ودائمًا ما كان يبتعد عنها ويذهب بالاتجاه الذي لا تريده إسرائيل رغم عملياتها وضرباتها ضده، مشيرًا إلى أن حزب الله أعلن أنه يريد أن تبقى جبهة الجنوب جبهة إسناد لغزة.
"تركيز أميركي على إنهاء الحرب على غزة"
وبشأن الموقف الأميركي، يشرح المستشار والسياسي في الحزب الديمقراطي كريس لابتينا أن "واشنطن لا تريد انخراط إسرائيل في حرب مطولة مع حزب الله، لأن ذلك سيفضي لاجتياح لبنان وتدميره"، حسب قوله.
وفي حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، يرى لابتينا أن التصعيد بين إسرئيل وحزب الله سوف يؤجل اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.
ويعتبر أن الولايات المتحدة تركّز على إنهاء الحرب في غزة، وعدم السماح لنتنياهو بنقل التصعيد إلى لبنان.