يطلق البعض على منطقة زلفان وسط غربي تونس، لقب "عاصمة التين الشوكي"، للانتشار الواسع لمزارع التين الشوكي الذي تستخلص من ثماره زيوت ومواد تجميل، تصدّر بدورها للخارج.
وتحقق هذه الصادرات، انتعاشًا للاقتصاد في مناطق مهمشة في البلاد، تحديدًا في محافظة القصرين التي كانت من أبرز المناطق التي انتفضت ضد حكم الرئيس التونسي الراحل زين العابدين بن علي عام 2011.
فعلى طول الطريق المؤدية لمنطقة زلفان تخطف مزارع فاكهة التين الشوكي الأنظار بمساحاتها الشاسعة، بعد أن باتت اليوم ذهبًا أخضر ومصدرًا للتنمية في مناطق اقترن اسمها بالفقر الذي تخطت نسبته الـ 33%، ونسبة البطالة 20% قبل 10 سنوات، لتوفّر هذه الثمرة اليوم، أكثر من 5000 مورد رزق.
وتنتج تونس أكثر من 500 ألف طنٍ من ثمار التين الشوكي، وتستخدم كمية كبيرة منها لاستخراج الزيوت الغنية بالفيتامينات، كما تضاعفت أعداد الشركات التي تستثمر في القطاع 10 مرات، من 5 شركات مطلع الألفية الثالثة وصولًا إلى 55 عام 2021.
أما التين الشوكي، فيعّد منتوجًا جذابًا ومربحًا إذ لا تتطلب زراعته موارد مائية كبيرة، ويتأقلم مع أنواع التربة المختلفة، ما يجعله نعمةً للبيئة.
صعوبة الوصول في آسيا
لكن بالرغم من فوائد زيوت التين الشوكي وشعبيتها، إلا أن المستثمرين في هذا المجال يواجهون صعوبة الوصول إلى الأسواق الكبرى في القارة الآسيوية.
فبحسب المزارع الصناعي ومصدر زيت ثمار التين الشوكي العضوي محمد رشدي البناني، ينتجون سنويًا نحو 20 ألف طنّ لكن لا يمكنهم تحميل كل هذه الكمية من الزيوت، كونه ليس معروفًا بعد بالقدر الكافي لبيع كل الإنتاج.
وعليه، تقتصر سوق زيوت التين الشوكي على القارة الأوروبية إلى جانب الإقبال القليل عليه في الولايات المتحدة، في حين لا تستخدم العلامات التجارية في آسيا هذا الزيت في صناعتها التجميلية، وفق البناني.
وإلى جانب هذه المشكلة، يواجه المستثمرون في هذا القطاع المربح نفقات إضافية دفعت بعضهم إلى استغلال مشتقات ثمار التين الشوكي في صنع العلف للحيوانات، بهدف تغطية تكاليف الإنتاج.
ديناميكية كبيرة للاقتصاد التونسي
كما يتحدث البناني في حديث مع "العربي" أن إنتاج التين الشوكي في تونس بدأ عام 2005، من خلال افتتاح أول مصنع لتثمين التين الشوكي في قصرين، واليوم تنتج البلاد نحو 3 ملايين طن من هذه الثمار على مساحة تناهز الـ 700 ألف هكتار.
وبلغ عدد الوحدات المنتجة والمحولة للتين الشوكي ما يفوق الـ 30 وحدة، ما خلق ديناميكية كبيرة جدًا في مناطق الإنتاج التي تعد في مجملها مناطق نائية وداخلية معزولة عن النسيج الاقتصادي والصناعي في البلاد، والذي يوفّر فرص عمل لسكان هذه المناطق، وفق المزارع الصناعي ومصدر زيت ثمار التين الشوكي العضوي.
وعن مكانة التين الشوكي في الاقتصاد التونسي يقول البناني: "القطاع الفلاحي بالبلاد مبني أساسًا على تصدير زيت الزيتون، والثمار، وبعض المنتوجات الأخرى، ولكن التين الشوكي يعد قطاعًا مستحدثًا لم يصل بعد إلى مرتبة زيت الزيتون وغيره".
رغم ذلك يؤكد الصناعي من تونس: "لدى منتوج الزيت من التين الشوكي إمكانيات وفرص كبيرة، ليتبوأ مكانته في تونس والعالم، ولا سيما وأن يصدر إلى أكثر من 25 بلدًا بعد أن أثبت أهميته في مكافحة الشيخوخة ومنافعه للبشرة".