الثلاثاء 17 Sep / September 2024

حالة واحدة فقط.. هل يتخلى قادة الـ"سيلوفيكي" عن ولائهم لبوتين؟

حالة واحدة فقط.. هل يتخلى قادة الـ"سيلوفيكي" عن ولائهم لبوتين؟

شارك القصة

تقرير يرصد آلية صنع القرار في روسيا في ظل تجمع مفاتيح السلطة بيد الرئيس فلاديمير بوتين (الصورة: غيتي)
منذ انهيار الاتحاد السوفيتي، سعت مجموعات من قدامى المحاربين العسكريين إلى اكتساب السلطة السياسية، لكنهم فشلوا في كل مرة.

أثارت التوترات المتزايدة بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وقادة أجهزته الأمنية والجيش بسبب الهجوم على أوكرانيا تساؤلات حول إمكانية قيام هذه الدائرة الضيقة المقربة من الكرملين المعروفة باسم "سيلوفيكي"، بانقلاب.

ومنذ فترة طويلة، اعتمد بوتين على هذه المجموعة لفرض سياساته ومساعدته في الحفاظ على قبضته على السلطة.

لكن خلال الأسابيع الأخيرة، برزت تحولات غير مسبوقة في العلاقة بين الكرملين وقادة الجيش والأجهزة الأمنية، من وضع جنرالات رهن الإقامة الجبرية، مرورًا بفتح تحقيق في المعلومات الاستخبارية الخاطئة وسوء استخدام الأموال المخصصة لتنمية الجماعات الموالية للكرملين في أوكرانيا، وصولًا إلى إجبار بعض القادة على الاستقالة، ناهيك عن سجن آخرين.

وفي 9 أبريل/ نيسان الحالي، أعاد بوتين تنظيم التسلسل القيادي العسكري، وعيّن الجنرال ألكسندر دفورنيكوف مسؤولًا عن العمليات في أوكرانيا.

ومع "الحملة القمعية المتزايدة التي يقوم بها بوتين ضد هؤلاء الرجال والوعي المتزايد في موسكو بأن الحرب سارت على نحو سيئ، برزت تساؤلات حول المدى الذي سيستمر به هؤلاء في التسامح مع أخطائه الكارثية".

وذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأميركية أن مثل هذه الأسئلة تتجاهل العلاقة التاريخية بين قوات الأمن والدولة الروسية، والطريقة الخاصة التي بنى بها بوتين قاعدة سلطته.

نظرة تاريخية تؤكد 

وأضافت أنه على الرغم من أن التطورات الأخيرة جديرة بالملاحظة، إلا أنها لا تشير إلى انهيار كبير للنظام الحالي. فحتى في خضم التوترات الحالية، تظل فرص قيام أعضاء بارزين من النخبة الأمنية أو العسكرية باتخاذ خطوة ضد بوتين "ضئيلة".

تاريخيًا، لم يشكل الجيش الروسي تهديدًا كبيرًا لحكام البلاد؛ كان هناك عدد قليل للغاية من الانقلابات العسكرية الناجحة أو المحاولات، مثل المحاولة الفاشلة للإطاحة بالقيصر نيكولاس الأول عام 1825، حيث قُتل أو نُفي معظم قادة الانقلاب.

ومنذ انهيار الاتحاد السوفيتي، سعت مجموعات من قدامى المحاربين العسكريين إلى اكتساب السلطة السياسية، لكنهم أيضًا فشلوا في كل مرة.

وفي التسعينيات، وقبل وصول بوتين إلى السلطة، استغلّت حركة "اتحاد الضباط" ضعف الحكومة الروسية وحاولت الاستيلاء على السلطة، لكن تمّ اعتقال أفرادها قبل بدء التمرد.

وبعد أربع سنوات، ترك الجنرال الروسي ليف روكلن الجيش، وشكّل حزبه السياسي حركة "دعم الجيش"، والتي تهدف إلى الاستيلاء على الكرملين. سرعان ما اكتسب حزبه شعبية، ولكن عام 1998، أطلقت زوجة روكلن النار عليه خلال نزاع عائلي في منزلهم الريفي. وأدى القتل إلى ظهور العديد من نظريات المؤامرة، ولكن أصبح أمر واحد واضحًا: حركة روكلن لم تنجُ من موته.

وفي المناسبات القليلة التي تحدى فيها أفراد من الجيش بوتين، كان من السهل إيقافهم، مثل فلاديمير كفاتشكوف، العقيد المتقاعد في المخابرات العسكرية، الذي حاول اغتيال أناتولي تشوبايس، الاقتصادي الذي فتح برنامج الخصخصة الروسي المثير للجدل في التسعينيات. وتعرض كفاتشكوف لمحاولة اغتيال ثم اعتقل في وقت لاحق.

وكان قادة الأجهزة الأمنية، وأحيانًا الجنرالات والضباط في الجيش يلقون بثقلهم وراء القادة الإقليميين الأقوياء، مثل عمدة موسكو، لكن بوتين قضى بشكل منهجي على هذا النوع من التهديد، ولم يعد في روسيا أي قوى معارضة كبيرة.

قتل بوتين خصومه السياسيين السياسيين (بوريس نيمتسوف، الذي اغتيل بالقرب من الكرملين عام 2015) ، أو ألقى بهم في السجن (أليكسي نافالني) أو أجبرهم على النفي (جميع مساعدي نافالني تقريبًا وعدد متزايد من المطلعين السابقين، مثل فلاديمير ميلوف نائب وزير الطاقة السابق، وسيرغي ألكساشينكو نائب وزير المالية السابق، وحتى أندريه كوزيريف وزير خارجية روسيا السابق).

النظام يراقب الجيش

وأشارت المجلة إلى سبب هيكلي آخر لفشل الجيش في تحدي بوتين، ألا وهو مراقبة النظام الشديدة له، وهي سياسة قديمة اتبعها الاتحاد السوفيتي، توسعت في عهد بوتين عن طريق جهاز الأمن الفيدرالي (FSB)، الذي أنشأ فيه وحدة خاصة للتجسس على الجيش، وهي تتولى حاليًا مراقبة القوات الروسية خلال الحرب على أوكرانيا.

في وقت مبكر من بداية عام 2000، تمّ تمكين جهاز الأمن الفيدرالي للتحقيق، كما جاء في القانون، للتحقيق في أي "تشكيلات مسلحة غير شرعية، وجماعات إجرامية، وأفراد وجمعيات عامة قد تسعى إلى تغيير عنيف للنظام السياسي في الاتحاد الروسي، والاستيلاء العنيف، أو الاحتفاظ بالسلطة".

وأوضحت المجلة أنه "مع وجود هذه المراقبة المستمرة، لم يُنتج الجيش الروسي أبدًا هذا النوع من الضباط الذين قد يقودون تمردًا فعالًا".

منفّذو إرادة بوتين

وأضافت: "لطالما كانت الأجهزة الأمنية الروسية عرضة للفساد، لكنها لم تكن بارعة بشكل خاص في بناء قواعد قوة فعالة وشبكات رعاية خاصة بها".

وبسبب طريقة عمل جهاز الأمن الفيدرالي، يميل الضباط الأفراد إلى أن يكونوا مخلصين لرتبهم ومناصبهم، كما يدركون أنهم قد يتعرضون للملاحقة مثل أي شخص آخر.

ولم يعرف الجيل الحالي من ضباط " FSB"، وهم في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر، أي رئيس سوى بوتين، وبنوا حياتهم المهنية تحت قيادة مدير واحد، هو ألكسندر بورتنيكوف، الذي قاد الجهاز منذ عام 2007.

ويخدم ضباط هذه المؤسسة الرئيس فقط، وتتمثل مهمتهم الرئيسة في القضاء بلا رحمة على أي مصادر محتملة للمعارضة أو المعارضة من دون طرح أي أسئلة، كما أن المكانة الرفيعة التي يتمتعون بها في المجتمع الروسي تجعلهم أكثر ولاءً للنظام.

حدود الولاء

ورغم اعتماد بوتين منذ فترة طويلة على الدعم الثابت من أجهزته العسكرية والأمنية، إلا أن الحرب في أوكرانيا تشير إلى أنه قد تكون هناك حدود للولاء.

وتشير التوترات الواضحة بشكل متزايد بين بوتين وكبار أعضاء النخبة الأمنية إلى أن الرئيس الروسي قد يكون أكثر ذعرًا من أي وقت مضى بشأن التحديات المحتملة لحكمه. ومن ناحية أخرى، يشير هذا الخلاف أيضًا إلى أن بعض أعضاء دائرته الداخلية على الأقل غير راضين عن المسار الذي حدّده.

ومع افتقاد الخبرة السياسية وقاعدة عريضة من الدعم، فإن الـ"سيلوفيكي" غير قادرين على إنتاج وقيادة انقلاب بمفردهم؛ كما أنه من غير المحتمل أن يتأثروا، إذا انقلبت المشاعر الشعبية في روسيا، بشكل كبير ضد بوتين.

وقالت المجلة إن الحالة الوحيدة التي قد تدفعهم للتحرّك، هي إذا وصلت المشكلات الاقتصادية لروسيا إلى درجة انقسام الحكام الإقليميين بشأن بوتين والنظام الاقتصادي الذي منع انهيار دولة بوتين منذ 20 عامًا. وحينها فقط قد يشعرون أن الكرملين يفقد السيطرة على البلاد وأن مستقبلهم مهدد؛ وفي هذه الحالة، يمكنهم التنحي جانبًا، أو حتى تقديم المساعدة.

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
Close