الأربعاء 20 نوفمبر / November 2024

حرب دعاية واستقطاب.. ما علاقة النظام السابق بصراع العسكر في السودان؟

حرب دعاية واستقطاب.. ما علاقة النظام السابق بصراع العسكر في السودان؟

شارك القصة

ناقش "للخبر بقية" دلالات تصاعد وتيرة الاتهامات بين طرفي الصراع حول المسؤولية عن إطلاق سراح سجناء كوبر (الصورة: تويتر)
لم تقتصر معركة الدعاية على الجيش وقوات الدعم السريع، بل بدت وكأنها تندرج في سياق صراع الطرفين على استقطاب مكوّنات مدنية وشعبية.

يبدو أنّ معركة العسكر في السودان اتخذت شكلًا جديدًا في اليومين الأخيرين. فإلى جانب نار البنادق، دخلت حرب الدعاية بشكل لافت بين الجيش وقوات الدعم السريع، وقد برز ذلك في تصاعد الاتهامات بين طرفي الصراع فيما يخصّ المسؤولية عن هروب أو إطلاق سراح عدد من السجناء، خاصّة من سجن كوبر الذي يوجد فيه الرئيس السابق عمر البشير وعدد من أركان نظامه، قبل نقله إلى أحد المستشفيات، كما تقول المعلومات الواردة من هناك.

فبينما اتهمت قوات الدعم السريع قادة الجيش بتنفيذ إخلاء إجباري لجميع السجناء من سجن كوبر بمن فيهم قادة نظام البشير، نفى الجيش هذه المزاعم واتهم قوات "حميدتي" بالوقوف وراء إطلاق سراحهم بعد أن شنّت هجمات على عدد من السجون.

وأكدت وزارة الداخلية السودانية رواية الجيش، حيث قالت إنّ قوات الدعم السريع اقتحمت منذ أيام خمسة سجون، وقتلت عددًا من أفراد الشرطة الذين كانوا يؤمّنونها، قبل أن تُهرّب السجناء.

وأضاف الجيش سببًا ثانيًا لخروج السجناء، وهو تسبّب قوات الدعم السريع بقطع الغذاء والماء عن عدد من السجون، ما أدى إلى خروج عدد من السجناء.

ولم تقتصر معركة الدعاية هذه على الجيش وقوات الدعم السريع، بل بدت وكأنها تندرج في سياق صراع الطرفين على استقطاب مكوّنات مدنية وشعبية.

ويحاول حميدتي أن يُظهر المعركة بين نظام سابق يمثّله الجيش وبين قواته، وكأنها تُدافع عن ديمقراطية الشعب.

في المقابل، يُشدّد الجيش على رفضه القاطع لما وصفه بالمحاولات اليائسة لربط ما يجري في السجون بأي مزايدة على موقفه الوطني، وفق قوله.

رد القوى المدنية

لكن قوى "الحرية والتغيير" تدخّلت في معركة الرواية هذه، حيث اعتبرت أنّ خروج أركان النظام السابق من سجن كوبر يؤكد أنّ نظام البشير هو مَن يقف خلف الحرب الدائرة في البلاد منذ منتصف الشهر الجاري، على حد تعبيرها.

بيد أن البعض يرى أنّ مساعي حميدتي ومحاولة استقطاب دعم المكوّنات المدنية السودانية عبر إظهار المعركة الحالية وكأنّها بين ثورة وثورة مضادة هي مبتذلة ومكشوفة.

فقوات الدعم السريع، برأيهم، خدمت النظام السابق في معارك دارفور في سنوات مضت، وأنّ شرعنتها جاءت في عهد نظام البشير بقرار صدر عام 2017.

من هذا المنطلق، لا تتّفق مكوّنات مدنية متعدّدة مع موقف "قوى الحرية والتغيير" التي تعتبر النظام السابق هو من أشعل معركة العسكر الجارية، بقدر ما أنّها صراع بين مكوّنين عسكريين على السلطة بعيدًا عن الحكم المدني.

"جيش وطني مهني واحد"

في هذا السياق، أوضح عمّار حمودة، المتحدث باسم المجلس المركزي لـ"قوى الحرية والتغيير" في بريطانيا، أنّ فلول النظام السابق هي التي تروّج لفكرة تأييدهم الجيش في الصراع الدائر الآن.

وقال حمودة، في حديث إلى "العربي" من لندن، إنّ قوى الحرية والتغيير تؤكد على ضرورة وجود جيش وطني ومهني ومنضبط واحد، ويخضع بعد الانتخابات للسلطة المدنية الكاملة، بما فيه دمج الجماعات المسلّحة وحملة السلاح فيه.

 

ورأى أنّ البرهان وحميدتي يخطئان إذا ما اعتبرا أنّه يمكن أن تكون القوى السياسية مطية لاستخدامها في الصراع العسكري، لأنّ الديمقراطية لا يُمكن أن تأتي عبر فوهة البنادق.

وأكد أن محاولة الترويج لانحياز القوى المدنية لأي جهة من الصراع هي مسألة مكشوفة ومحالة لاستقطاب الدعم الشعبي لطمس الحقائق.

"تعدّد الجيوش"

بدوره، أشار أحمد أبو شوك، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في جامعة قطر، إلى أنّ تعدّد الجيوش هو من أهم التهديدات الأساسية لاستمرار الانتقال الديمقراطي في أي بلد.

وقال أبو شوك، في حديث إلى "العربي" من الدوحة، إنّه منذ البداية كانت مواقف بعض القوى السياسية السودانية أن قوات الدعم السريع ستكون في يوم من الأيام عاملًا يُهدّد العملية الديمقراطية، مشيرًا إلى أنّه بالعودة إلى كل الاتفاقيات السابقة ومن بينها اتفاقية جوبا، كانت المطالبات تدعو إلى توحيد الجيش السوداني.

ورأى أنّ بعض الآراء السودانية تتحدّث عن ثورة وثورة مضادة، كما أن الخلاف على الوثيقة الدستورية أوجد حالة من الاصطفاف السياسي حول طرفي الصراع.

وأكد أنّ الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع هو "صراع وجودي"، لكن دخول أركان النظام السابق أحدث إرباكًا في المشهد السوداني.

"علاقة بالنظام السابق"

من جهته، شرح عبد الواحد إبراهيم، الكاتب الصحافي، أنّ بعض أركان الجيش وقوات الدعم السريع تربطهم علاقة مع النظام السابق، وكلاهما حقّق مكاسب اقتصادية خلال عهد البشير.

وقال إبراهيم، في حديث إلى "العربي"، من لندن، إنّ انقلاب البشير هو انقلاب حزبي مدني قامت به الجبهة الإسلامية القومية.

وأشار إلى أنّ الحركة الإسلامية موجودة في الدولة ولم يكن للشعب السوداني أي عداء أو خلاف معها إلا بعد أن انقضّت على الحكم الديمقراطي التعدّدي عام 1989.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة