أفادت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية بأنّ التشريع الأميركي بحظر تطبيق "تيك توك"، يُمكن أن يُضرّ بمصلحة الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يسعى لولاية رئاسية ثانية في الانتخابات المقررّة في نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
وحظي مشروع القانون بدعم واسع من الحزبين الديمقراطي والجمهوري، وتمّ تمريره في مجلس النواب بأغلبية 360-58، ومجلس الشيوخ بـ79-18، مما يعني أنّ الجمهوريين والديمقراطيين كانوا مسؤولين عن إقراره.
وسيتمّ حظر التطبيق إذا لم تبعه الشركة المالكة الصينية "بايت دانس" بحلول 19 يناير/ كانون الثاني 2025، وهو الموعد النهائي الذي يُمكن للرئيس تمديده لمدة 90 يومًا.
وتعهّدت الشركة بعدم بيع عملياتها في الولايات المتحدة، كما رفعت هذا الأسبوع دعوى قضائية اتحادية تهدف إلى وقف التشريع.
تأثير الحظر المتوقّع على الناخبين
وتتباين استطلاعات الرأي حول نظرة الناخبين، بما في ذلك الشباب، لهذا الإجراء.
وأظهر استطلاع أجرته مؤسسة "إبسوس" لصالح وكالة رويترز في أواخر أبريل/ نيسان الماضي، أنّ نصف الأميركيين يُؤيدون حظر التطبيق، بينما يُعارض 32% الفكرة، مع ارتفاع المعارضة إلى 50% بين أولئك الذين تقل أعمارهم عن 35 عامًا.
وفي استطلاع أجرته مجموعة الإستراتيجية الديمقراطية "بلوبرينت" في مارس/ آذار الماضي، أيّد 56% من الناخبين "الضغط من أجل حظر أو تقييد تطبيق تيك توك، ما لم يتم بيعه لشركة أميركية"، بما في ذلك 46% ممن تقل أعمارهم عن 45 عامًا. بينما عارض هذا الاقتراح 27% من إجمالي الناخبين، و38% من الناخبين الشباب.
ومع انتشار أخبار الحظر المحتمل عبر المنصّة، يميل الجزء الأكبر من المنشورات السياسية إلى التشكيك في بايدن والديمقراطيين، الذين يعتمد ائتلافهم الانتخابي بشكل ملفت على الناخبين الشباب.
وأفاد استطلاع رأي لـ"AP VoteCast"، بأنّه خلال انتخابات عام 2020، فاز بايدن بنسبة 61% من أصوات الناخبين تحت سن 30 عامًا، و55% من أصوات الناخبين الذين تتراوح أعمارهم بين 30 و44 عامًا؛ بينما حصل الرئيس الأسبق دونالد ترمب على أصوات الناخبين الذين تزيد أعمارهم عن 45 عامًا.
كما أظهر استطلاع للرأي أجراه معهد هارفارد للسياسة، أنّ بايدن يتقدّم بأكثر من 20 نقطة على ترمب في صفوف الفئة العمرية الأقل من 30 عامًا، رغم أنّ أقلّ من نصفهم يعتزم التصويت هذا العام.
"نفاق" بشأن "تيك توك"
والأمر الملفت أنّ بايدن تودّد إلى شخصيات معروفة على "تيك توك"، ودعاهم إلى البيت الأبيض وجمع التبرعات للحملة.
وفي وقت سابق هذا العام، انضمّت حملته إلى التطبيق بهدف الوصول إلى الناخبين الشباب، لكنّ متابعيها لا يزالون قليلين، وغالبًا ما تمتلئ الردود على منشوراتها بردود فعل غاضبة.
وأثار استخدام حملة بايدن لتطبيق تعتبره إدارته خطرًا على المصالح الأميركية، اتهامات بـ"النفاق". في المقابل، تؤكد الحملة أنّها تلتقي بالناخبين بشكل قانوني أينما كانوا وتتّخذ الاحتياطات الأمنية.
وقالت ميا إهرنبرغ، المتحدثة باسم حملة بايدن، إنّ الادعاء بأنّ الناخبين الشباب سيبنون خياراتهم الانتخابية على أحد تطبيقات التواصل الاجتماعي "أمر غير جاد وغير دقيق ومهين".
وأضافت أنّه "في الانتخابات تلو الأخرى، يُواصل الشباب إظهار أنّهم يفهمون مخاطر هذه اللحظة، وسوف يصوّتون وكأن مستقبلهم يعتمد على ذلك".
واعتبرت الصحيفة أنّ مشروع قانون حظر "تيك توك" قد لا يكون له القدرة على ترجيح كفّة الانتخابات، لكنّه "لم يمنح بايدن العديد من الأصدقاء بين مستخدمي التطبيق".
ويؤكد مؤيدو "تيك توك" أنّ غضب الشباب لا بد أن تكون له عواقب انتخابية، في الوقت الذي يبحث فيه بايدن عن منفذ للفوز على منافسه ترمب.
وقالت هايلي جوستين الكاتبة البالغة من العمر 31 عامًا للصحيفة: "أعتقد أنّهم يُقلّلون من شأن تداعيات التشريع".
ونشرت جوستين العديد من مقاطع الفيديو تطلب فيها من المشاهدين الاتصال بأعضاء الكونغرس والتعبير عن معارضتهم للحظر أو سحب التطبيق قسريًا. وأكدت أنّها لم تشهد مثل هذا الإجماع على أمر ما.
"هجوم على الشباب"
ورجّحت الصحيفة أن يؤدي الإجراء ضد "تيك توك" إلى تعميق شعور الشباب بالعزلة والتشاؤم والخيانة من قبل النخب، وكلها تشكل رياحًا معاكسة لإعادة انتخاب بايدن.
وفي أحد مقاطع الفيديو، زعم النائب جمال بومان الديمقراطي اليساري من نيويورك الذي عارض التشريع صراحةً، أنّ تمرير التشريع كان بمثابة انتقام لنشاط الشباب في معارضة الوقود الأحفوري وسلوك إسرائيل في حربها على غزة.
وقال: "إنّهم يلاحقون تيك توك، لأنّهم يُلاحقون الشباب".
من جهتها، اعتبرت آني وو هنري، خبيرة إستراتيجية الاتصالات الرقمية (28 عامًا) التي تدعم بايدن، أنّ تشريع "حظر تيك توك خطأ"، مضيفة أنّ "غضب الشباب يتوافق مع قلق العديد من التقدميين الشباب بشأن دعم بايدن لإسرائيل في حربها".
وأشارت إلى أن الإجراء تم إقراره بالتزامن مع تقديم المساعدات لإسرائيل، وهو ما يعارضه العديد من الشباب أيضًا.
وقالت: "يحدث هذان الأمران في وقت واحد، حظر تيك توك والمساعدات الإسرائيلية، في الوقت نفسه الذي تحدث فيه الاحتجاجات السلمية في الجامعات. ويبدو الأمر وكأن الشباب يتعرضون للهجوم على جبهات متعدّدة".