Skip to main content

حكومة برأسين.. هل تنجح "وساطة" المنفي في إخراج ليبيا من "المأزق"؟

الجمعة 18 فبراير 2022

يحيي الليبيون ذكرى ثورتهم على نظام معمر القذافي في ظلّ تنازع على السلطة يهدّد الاستقرار الهشّ الذي نعمت به البلاد مؤخّرًا.

فبعد تعطّل الانتخابات الرئاسية والتشريعية، اختار البرلمان فتحي باشاغا رئيسًا جديدًا للحكومة في خطوة رفضها رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة، متعهّدًا بإجراء الانتخابات في يونيو/ حزيران المقبل.

أما جديد هذه الأزمة، فيتمثّل بما نقلته صحيفة "جون أفريك" الفرنسية عن جهود يقودها رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي لإخراج ليبيا من مأزق حكومة برأسين.

ووفقًا للصحيفة الفرنسية، يرى رئيس المجلس الرئاسي الأزمة الحالية تنافسًا شخصيًا بين الدبيبة وباشاغا المنحدرين من مدينة مصراتة، التي تضمّ أيضًا بعضًا من أقوى الميليشيات عتادًا.

إزاء ذلك، تُطرَح مجموعة من علامات الاستفهام، فهل تنجح الوساطة التي يقودها المنفي؟ هل يؤدي تنافس الدبيبة وباشاغا إلى إعادة رسم خارطة التحالفات السياسية؟

"جناية النخب" في ليبيا

في ذكرى الثورة، ينظر الليبيون 11 عامًا إلى الخلف، منذ أن ثاروا على نظام معمر القذافي، ومنذ أن قرروا محاولة بناء نظام سياسي، ومنذ أن استعصى على نخبهم تحويل أحلام الثورة إلى واقع دولة.

ذاك ما يبدو في ليبيا مسارًا عالقًا في دائرة من الأزمات، فقبل أشهر، رسم الليبيون خط سير للخروج من الأزمة. تشكّلت حكومة وحدة، وضُرب موعد لإجراء انتخابات، قبل أن يتعثّر التحضير لها، فكان ذاك محرّضًا على إعداد مزيد من الانقسام.

وفي الشرق الليبي، كان يكفي قرار مجلس النواب انتخاب رئيس جديد للحكومة الليبية، حتى يدبّ الخلاف في الغرب هذه المرّة حول قسمة السلطة، في وقتٍ كان شركاء التحالف الواحد يعيدون مواقف اصطفافاتهم في العاصمة.

وفيما يرى الدبيبة أنّ قرار تعيين رئيس غيره هو تكريس للانقسام، يبدو أنّ هذا الانقسام يتكرّس أكثر في الخزان الاجتماعي الذي يستمدّ منه كلّ من الدبيبة وباشاغا ثقلهما السياسي، وهو ما تجلّى في ظهور المجاميع المسلحة التي يخشاها كل الليبيين.

وفي النتيجة، في عيد الثورة، توالت بيانات القادة المتنافسين على السلطة في ليبيا، بالعبارات ذاتها، لكن بمضامين مختلفة، حيث يقول الكثير من الليبيين إنّ تعثّر انتقالهم نحو الديمقراطية هو ربما جناية النخب في بلادهم، فالديمقراطية بحاجة لديمقراطيين.

الدبيبة "يعرقل الانتخابات"

يرى الباحث السياسي أحمد المهداوي أنّ محاولة المجلس الرئاسي للتوسط ما بين الأطراف السياسية في ليبيا هي محاولة لمنع انجرار البلاد إلى انقسام سياسي.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من بنغازي، إلى أنّ رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة فشل في مهمّته، وأخلّ بتعهداته أمام الشعب الليبي. 

وفيما يعتبر أنّ الدبيبة "أصبح أحد الأطراف المعرقلة للانتخابات بانتهاكه للقوانين"، على حدّ وصفه، يشدّد على أنّ "تغيير الدبيبة أصبح ضروريًا لاستكمال المسار الانتخابي".

ويلفت إلى أنّ "خارطة الطريق الأممية انتهت بتاريخ 24 ديسمبر/ كانون الأول من دون الذهاب إلى انتخابات"، معتبرًا أنّ مجلس النواب الليبي نجح في ما لم تنجح به البعثة الأممية.

ويخلص إلى أنّ رئيس الحكومة المكلف من البرلمان فتحي باشاغا لن يقدم تنازلات، واصفًا إياه بأنّه شخص توافقي وقوي ولديه علاقات دولية متشابكة وقوة عسكرية واجتماعية تدعمه.

من أحدث الانقسام؟

في المقابل، يذكّر رئيس المكتب السياسي لحزب التغيير حازم الرايس بأنّ خارطة طريق تونس جنيف أنتجتها البعثة الأممية بحوار ليبي ليبي.

ويشير في حديث إلى "العربي"، من طرابلس، إلى أنّه من حق المجلس الرئاسي وفقًا لهذه الخارطة أن يبت الحكومة، وبالتالي ليس من حق مجلس النواب أن يسحب الثقة من الحكومة أو يشكل حكومة جديدة موازية.

ويعرب عن اعتقاده بأنّ المجلس الرئاسي تماهى مع هذه الخارطة لأنّ مجلس النواب ضمن له البقاء حتى وإن شُكّلت حكومة مخالفة لحكومة الوحدة الوطنية.

ويشدّد على أنّ الانقسام أحدثه مجلس النواب عندما شكّل حكومة جديدة موازية لحكومة الوحدة الوطنية من خلال خارطة طريق انبثقت عنها.

"أزمة شرعية"

أما مدير المركز المغاربي للأبحاث رشيد خشانة، فيرى أنّ الأزمة القائمة الآن في ليبيا هي أزمة شرعية، موضحًا أنّ مشكلة ليبيا خلال الأعوام الـ11 الماضية هي أنّ كلّ المؤسسات تقريبًا تشكو من عدم الشرعية.

ويشرح في حديث إلى "العربي"، من تونس، أنّ مجلس النواب تجاوز فترة انتهاء صلاحيته بكثير، والقائد العام للجيش الليبي في المنطقة الشرقية منح نفسه هذه الصفة بالتعاون مع حليفه رئيس البرلمان، وبقية المؤسسات كلها تقريبًا معيّنة بتدخل الأمم المتحدة.

ويخلص إلى أنّه ليست هناك مرجعية، "ولذلك نبحث عمّن يقوم بوساطة بين هذا وذاك"، ويضيف: "أشعر بنوع من الارتياح عندما يقوم المنفي بوساطة بين الرجلين المتصارعين لأنّ ما قيل في السابق إنه لا بدّ من وساطة دولية لتقريب وجهات النظر بينهما".

ولا يستبعد خشانة وجود بعد شخصي في المنافسة والمناكفة بين الدبيبة وباشاغا، "وبالتالي فإنّ قبول الطرفين لوساطة المنفي سيضع البلاد على سكة العودة إلى الوضع الطبيعي".

ويشدّد على أنّ المسؤولية التاريخية والسياسية للدبيبية وباشاغا تقتضي منهما أن يتنازلا معًا ويبحثا عن مربع مشترك يمكّن ليبيا من خروج هذا الوضع الاستثنائي الذي سيستمر في خلق الأزمات واحدة تلو الأخرى.

ويخلص إلى أنّ "ما يمكن أن ينهي ذلك هو التوافق على رؤية مشتركة للانتخابات".

المصادر:
العربي
شارك القصة