يمتد تاريخ الكتابة المصرية لأكثر من 5 آلاف عام، ما يجعلها من أقدم أنظمة الكتابة المعروفة في العالم.
وبدأ كل شيء حوالي 3200 قبل الميلاد باختراع الهيروغليفية، وهي نظام للرموز التصويرية استخدمها قدماء المصريين.
وكانت الهيروغليفية تستخدم في المقام الأول للنقوش الدينية والأثرية، وتزين جدران المعابد والمقابر، وكانت محصورة بالنخبة والكهنة والكتبة نظرًا لتعقيداتها.
بمرور الوقت، تطوّر نظام الكتابة المصري ليشمل نصوصًا أخرى أكثر سهولة في الوصول إليها. فحوالي 2600 قبل الميلاد، ظهرت الكتابة الهيراطيقية كشكل مبسّط من الهيروغليفية، وتمّ استخدامها للأغراض اليومية مثل كتابة الرسائل وحفظ السجلات والكتابة على ورق البردي.
وتمت كتابة الخط الهيراطيقي بالفرشاة والحبر، وسمحت أشكاله المبسّطة بكتابة أسرع، وتم استبداله عام 700 قبل الميلاد بالنص الديموطيقي المصري، وهو شكل أبسط وأسرع من الكتابة.
لعنات مخيفة مخبأة في اللغة الهيروغليفية
حتى وقت قريب نسبيًا، تركت الكتابة الهيروغليفية العلماء في حيرة، إلى أن فكّ الباحث الفرنسي جان فرانسوا شامبليون رموزها في أوائل القرن التاسع عشر.
وبذلك، بدأت تتكشّف مضامين هذه الكتابة ومن بينها عشر لعنات مخيفة يرصدها موقع "ليست فيرس" (listverse.com) فيما يلي:
خبيئة شيخ عبد القرنة (The Sheikh Abd el-Qurna Inscription)
تقع مقبرة شيخ عبد القرنة في مدينة طيبة (الأقصر الحديثة) في مصر، وتحتوي على نقوش مخيفة تهدف إلى تحذير غزاة القبور بعيدًا.
ومن بين اللعنات الموجودة في الخبيئة، لوح موجود حاليًا في المتحف الوطني في اسكتلندا، وكُتب عليه باللغة الهيراطيقية، ونصّه كالآتي: "إذا وجدت هذا الحجر فلا تتعدَّ عليه. في الواقع، الآلهة الموجودون منذ زمن طويل، أولئك الذين يستريحون في الجبال يكتسبون القوة كل يوم، على الرغم من أن حجارتهم تُسحب بعيدًا".
هذا النقش المخيف، يحذّر الناس بشكل أساسي من أنهم إذا أزالوا حجرًا من القبر، فسيتعين عليهم مواجهة غضب الآلهة والمتوفين. ومع ذلك، نظرًا لإزالة الحجر ونقله إلى اسكتلندا، فلا بد أن نتجاهل هذه الرسالة المخيفة.
لعنة قبر أمنحتب (Amenhotep Tomb Curse)
يقع قبر أمنحتب في وادي الملوك. ويحتوي على نقش مرعب إلى حد ما يحذر المتسللين من إزعاج الملك النائم.
ويُحذّر النقش من أن أي شخص يحاول السرقة من القبر، سيفقد ثروته ويغرق في البحر ويُحرق حتى الموت في أتون ناري، ولن يكون له خلفاء ولا قبر ولا جنازة، وسيموت جوعًا. كما تمّ تحذيرهم من أن عظامهم ستهلك، ما يشير على الأرجح إلى حياة أخرى غير سارة.
ولحسن الحظ، على الأقل في العصر الحديث، لا يبدو أن هذه اللعنة قد أحدثت ضررًا كبيرًا.
مصاطب سقارة (The Mastabas at Saqqara)
تضم منطقة سقارة أكثر من 160 نوعًا من المصاطب أو المقابر ذات الأوجه المسطّحة. وتحتوي هذه المقابر على مومياوات، وهي جثث محنطة لقتلى المصريين.
ووفقًا لعلماء الآثار، فإن بعض المقابر في سقارة تحتوي على كتابات هيروغليفية ملونة، تنذر أي شخص يفكّر في نهبها.
وتُدين هذه المقابر أي "نجس" يدخل القبر لتعاقبه الآلهة، ويبدو أن العقوبة المذكورة كانت أن الآلهة ستخنق رقبة الشخص مثل الإوزة.
ويمكن العثور على أحد هذه النقوش على مصطبة خنتيكا إيخي. ويقول النقش الموجود في قبره: "الرجل الذي سيدخل قبري هذا نجس، وسأمسك عنقه مثل الطائر".
نصوص الإعدام (The Execration Texts)
نصوص الإعدام هي مجموعة مخيفة أخرى من الهيروغليفية، تعود إلى القرنين الرابع والعشرين والثاني والعشرين قبل الميلاد. وهذه النصوص ليست مجموعة واحدة محدّدة من الهيروغليفية ولكنّها تتبع جميعها النمط نفسه.
للتوضيح، كانت نصوص الإعدام عبارة عن قطع من الفخار- غالبًا في شكل أشكال شبيهة بالبشر- منقوشة باللعنات. وعلى عكس تلك الموضوعة في مقابر الفراعنة، كانت هذه النصوص المعينة موجهة عادةً ضد الجيران الأجانب أو أعداء الدولة.
وكان المصريون القدماء يكتبون أسماء أعدائهم، إلى جانب اللعنة، على قطع من الفخار أو الحجر، ثمّ يكسرونها ويدفنون القطع.
في معظم الحالات، تم وضعها بالقرب من مواقع الطقوس أو في أماكن الدفن. وتضم الكتابة الموجودة على هذه القطع نصوص مثل: "ذبحه بسكين" أو "ضربه بحربة"، إضافة إلى لعن الأجانب والمدن الأجنبية المذكورة في النصوص بموت بغيض.
قبر عنخ تيفي (The Tomb of Ankhtifi)
عنخ تيفي كان حاكم مقاطعة "نخن" (Nekhen) في الأسرة التاسعة في مصر القديمة قبل حوالي عام 2100 قبل الميلاد. وعلى الرغم من أنه ربما لم يصل إلى مرتبة الفرعون، إلا أنه يبدو أنه لم يخاطر بعد عندما يتعلق الأمر بترك قبره من دون مراقبة.
ترك هذا الحاكم رسالة مخيفة مكتوبة بالهيروغليفية على جدران قبره. ويذكر النقش أن أي حاكم قد يسيء إلى نعشه، يجب أن يرفضه الإله حور، إله الشمس عند قدماء المصريين. كما أنه يدين ورثة القبر المحتملين بفقدان ميراثه.
مقبرة سارنبوت الأول (Sarenput I)
سارنبوت الأول هو أول حاكم لإقليم الفنتين خلال عهد الأسرة الثانية عشر، وترك نقشًا في قبره من أجل حماية القرابين التي تركها في أحد تماثيل الآلهة بداخلها.
ينص النقش على أن أي شخص يحاول أخذ القرابين من التمثال الموجود داخل القبر سيواجه مصيرًا سيئًا: "ستقطع ذراعه، وتلتوي رقبته، ولن يكون منزله في النوبة، ولن يكون قبره موجودًا في المقبرة، ولن يقبل إلهه خبزه الأبيض، ويجب أن يكون لحمه في النار، ويجب أن يكون أطفاله من النار، جثته لن تكون على الأرض، وسأكون ضده كتمساح في الماء، وثعبان على الأرض، وكعدو في المقبرة".
قبر حرخوف (Harkhuf’s Tomb)
كان حرخوف مستكشفًا مصريًا قديمًا خلال حكم الأسرة السادسة، ترك داخل قبره نقشًا على الحائط يتحدث إلى حد كبير عن تجربته في الحياة الآخرة.
ويقول النقش: "أما أي رجل يدخل هذا القبر، فسوف أمسكه مثل الطيور البرية. سوف يحكم عليه الإله العظيم".
وعلى الرغم من أن هذا قد لا يبدو كرسالة تهديد، إلا أنه وفقًا للمعايير المصرية القديمة، كانت لعنة الإله العظيم أسوأ لعنة يمكن لأي شخص أن يتمناها لأحد.
قبر عنخ ماحور (The Tomb of Ankhmahor)
قبر عنخ ماحور هو مقبرة أخرى تقع في سقارة، تحتوي على لعنة تساعد في ثني غزاة القبور عن دخول المثوى الأخير للرجل الميت.
يقول هذا النقش: "أما ما قد يفعله أي شخص ضد قبري هذا، فسيحصل الشيء نفسه لممتلكاته. أنا كاهن ممتاز، وعارف بالتعاويذ السرية وجميع أشكال السحر، وأما كل من يدخل قبري نجسًا أو لا يطهر نفسه، فإني أمسكه كإوزة وأملأه بالخوف من رؤية الأشباح على الأرض".
بمعنى آخر، الكاهن المدفون داخل هذا القبر يعرف السحر ولا يخشى استخدامه.
مقبرة سننموت (The Tomb of Senenmut)
كان سننموت رئيس كهنة والمستشار الملكي للملكة حتشبسوت. وتمّ تشييد قبره بعد وفاة سننموت، بالقرب من قبر الملكة وفرعونها. وكان هذا امتيازًا كبيرًا في ذلك الوقت، ولهذا السبب يعتقد البعض أنه ربما كان هناك علاقة بينه وبين الملكة.
وكان القبر محفوظًا جيدًا، وعندما اكتشفه علماء الآثار، وجدوا أنه يحتوي على لعنة مخيفة. واحتوى القبر على نقش كُتب عليه: "لن تكون حياته موجودة على الأرض"، وهي لعنة مقصودة لمن تجرأ على التعدي على ممتلكات سننموت.
ولحسن الحظ، لا يبدو أن هذا التحذير قد ردع علماء الآثار المعاصرين، الذين حقّقوا العديد من الاكتشافات الرئيسية حول مصر القديمة من خلال استكشاف القبر.
قبر حسي (The Tomb of Hezi)
يقع قبر حسي في سقارة، ويحتوي على جثة أحد النبلاء الذين عاشوا في عصر الدولة القديمة في مصر القديمة.
كما هو الحال مع العديد من المقابر الأخرى، تبدأ النقوش الهيروغليفية على جدران موقع الدفن هذا بالحديث عن حياة حسي. وبعدها تنطلق الكتابة الهيروغليفية في لعنة قصيرة لكنّها فعّالة: "أما من يدخل هذا القبر بعد أن يأكل الرجاسات أو بعد أن يجامع النساء؛ سأحاكم معه في مجلس الله العظيم".
ومن المثير للاهتمام أن هذه اللعنة تكاد تدين ليس فقط المتعدي ولكن أيضًا حسي نفسه.