ينطلق غدًا الأربعاء، معرض "شامبليون طريق الهيروغليف" في متحف "لوفر-لنس" في شمال فرنسا، لاستعادة "المغامرة الإنسانية والفكرية الرائعة" للعالم الفرنسي جان فرنسوا شامبليون في فك لغز رموز الكتابة الهيروغليفية في مصر.
ويأتي المعرض بعد 200 عام على خطوة شكّلت "نقطة تحوّل فعلية في العلوم الإنسانية"، وفقًا لإيلين بويون، أحد مفوّضي المعرض.
ولحوالي 1500 سنة، كانت رموز الكتابة الهيروغليفية مهملة، إلى أن سلط شامبليون الضوء على ثلاثة آلاف سنة من حضارة مصرية محاطة بهالة كبيرة في الغرب.
ويضمّ المعرض أكثر من 350 عملًا، ما يسمح بالغوص في آن واحد بالعصور المصرية القديمة، وبحقبة شامبليون الذي ولد في "عصر الأنوار" عام 1790، في خضم الثورة الفرنسية، في كنف عائلة مثقّفة لكنها متواضعة الحال.
وقالت مديرة متحف لوفر-لنس ماري لافاندييه: "إنه معرض تاريخ، تاريخ المتاحف، تاريخ العلوم وهو قصة سيرة أيضًا" يلقي الضوء على "هذا الحيز المهم من تاريخ البشرية" الذي تحويه الحروف الهيروغليفية.
وأضافت: "تشكّل مصر القديمة أحد أسس ذاكرة البشرية"، وتستمر في إثارة الحلم "من خلال الجمال وغنى الأساطير، فضلًا عن الأشياء المحفوظة بشكل رائع".
نسخ عن حجر الرشيد
ومن القطع الرئيسة المعروضة، منحوتة "الكاتب الجاثم" الذي يراقب العالم بنظراته الثاقبة والتي يعود تاريخها إلى عام 2500 قبل الميلاد.
كما سيُعرض غطاء ناووس من القرن الرابع قبل الميلاد، خُطّ عليه نص طويل بالأحرف الهيروغليفية وورقة بردى، لم يسبق أن عُرضت، وتضمّ صلاة للإله آمون-رع.
في المقابل، بقي حجر الرشيد الذي اكتُشف خلال حملة بونابرت في مصر ونقله الإنكليز لاحقًا، في المتحف البريطاني في لندن، حيث سيُقام اعتبارًا من 13 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، معرض لفك رموز الكتابة الهيروغليفية الذي كان موضع سباق بين علماء في تلك الفترة.
وعمل شامبليون على نسخ من حجر الرشيد، الذي يضمّ ثلاث كتابات هي الهيروغليفية، واليونانية، والديموطيقية.
ويتضمّن المعرض الفرنسي نسخًا عن حجر الرشيد من تلك الفترة.
لغوي باهر
ويلقي المعرض الضوء على المسار الذي سمح لشامبليون، بعدما تعمّق في درس اللغة القبطية، في فكّ لغز كتابة سقط استخدامها قرابة القرن الرابع بعد الميلاد.
وأدرك شامبليون أن هذه الكتابة تمزج بين الرسوم الفكرية والرسوم الصوتية، وكان "أول من اقترح مرادفًا لفظيًا صحيحًا" لها، وفقًا لبويون.
وشددت بويون على أن هذا الاكتشاف "أعاد للمصريين صوتهم الذي كانت لدينا صورة مشوّهة عنه عبر المصادر اليونانية والرومانية".
وأضافت: "نشر المؤرخ اليوناني هيرودوتس فكرة أن المصريين كانوا يفضّلون الموت على الحياة، إلا أن النصوص تُظهر لنا أنهم كانوا يكرهون الموت ويخشونه".
وتوفّر مخطوطات ورسائل وملابس، من بينها معطف مصري ارتاده شامبليون خلال مهمته على امتداد النيل بين عامي 1828و1830، فكرة عن عالم المصريين هذا خلال عمله.
وكان شامبليون لغويًا باهرًا، توفي في سن مبكرة عام 1932، وحرص أيضًا على تبسيط عمله ليكون متاحًا لأكبر عدد من الناس.
وفي اللوفر، حيث كلفه الملك شارل الخامس مهمة وضع تصور لمتحف مصري، "أقام شامبليون للمرة الأولى قاعات مخصصة لمواضيع معينة مثل الديانة والحياة واليومية وغيرها"، وفقًا لبويون.
ويستمرّ المعرض حتى 16 يناير/ كانون الثاني المقبل.
وأقامت فرنسا، في أغسطس/ آب الماضي، معرض "نجوم الفراعنة"، في مدينة مارسيليا، والذي تناول كل ما يرتبط بذكرى الفراعنة في تلك الحضارة، وركّز على صورتهم حتى القرن الثامن عشر استنادًا على نصوص يونانية رومانية وأُخرى دينية، وأبرز ثورة شامبليون التي غيّرت نظرة العالم عن مصر القديمة.