أحيت الجزائر لأول مرة السبت "اليوم الوطني للذاكرة" تكريمًا لضحايا قمع فرنسا الدموي للتظاهرات المطالبة بالاستقلال في 8 أيار/مايو 1945، وجددت مطالبة باريس بـ"تقديم الاعتذار" عن جرائمها خلال حقبة الاستعمار.
وشارك آلاف الأشخاص في مسيرة في سطيف شرق البلاد على المسار الذي سلكه قبل 76 عاما متظاهرون طالبوا باستقلال الجزائر.
وسار الحشد بقيادة عناصر من الكشافة إلى النصب التذكاري للراحل بوزيد سعال الذي قُتل برصاص شرطي فرنسي عن عمر ناهز 22 عامًا أثناء تظاهرة العام 1945 بعد رفضه إنزال العلم الجزائري من يده.
ووضع المشاركون إكليلًا من الزهور أسفل النصب التذكاري بحضور مستشار الرئيس الجزائري لشؤون الذاكرة عبد المجيد الشيخي، وفق وسائل إعلام رسميّة.
كما حضر السفير الفرنسي بالجزائر فرانسوا جوييت ليضع نيابة عن الرئيس إيمانويل ماكرون إكليلا من الزهور تكريما للضحايا.
"الذاكرة تأبى النسيان"
من جهته، أكد وزير الاتصال الجزائري، الناطق باسم الحكومة عمار بلحيمر، في رسالة نُشرت بمناسبة "اليوم الوطني للذاكرة"- الذي أقره الرئيس عبد المجيد تبون عام 2020، تمسك الجزائر بمطلب تقدير فرنسا الاعتذار لها بشأن "جرائمها" خلال فترتها الاستعمارية للبلاد بين فترة 1830-1962.
وأشار بلحيمر إلى أن اليوم الوطني للذاكرة اختير له شعار "الذاكرة تأبى النسيان"، وهو يلخص "موقف الجزائر الثابت في مطالبة فرنسا بتحمل مسؤولياتها كاملة عن الجرائم التي خلفت ملايين الضحايا طيلة قرن و32 سنة من الاستعمار".
وشدّد بلحيمر على تمسّك بلاده بهذه التسوية التي ترتكز على اعتراف فرنسا النهائي بجرائمها التي ارتُكبت ضد الشعب الجزائري، مع تقديم الاعتذار والتعويضات العادلة عن هذه الجرائم.
بلحيمر : تمسك الجزائر بمطلب التسوية الشاملة لملف الذاكرة "موقف مبدئي" https://t.co/5t0Foj0fJb
— عمار بلحيمر - Ammar Belhimer (@AmmarBelhimer) May 7, 2021
وشدد بلحيمر على أن التسوية تشمل أيضًا "التكفل بمخلفات التفجيرات النووية بما فيها الكشف عن خرائط مواقع النفايات الناتجة عن هذه التفجيرات"، حيث طلبت الجزائر من باريس في أبريل/ نيسان الماضي خرائط تبين أماكن التجارب النووية، التي أجريت بصحراء بلادها في ستينيات القرن الماضي، بهدف تطهير المنطقة من الإشعاعات.
"جرائم ضد الإنسانية"
من جهته، قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، في رسالة خاصة بالمناسبة نفسها، نُشرت عبر حساب الرئاسة على موقع "فيسبوك": "نحن اليوم نحيي اليوم الوطني للذاكرة، ولابد أن نشير إلى أن جودة العلاقات مع فرنسا لن تتأتّى دون مراعاة التاريخ ومعالجة ملفات الذاكرة (الاستعمار) والتي لا يمكن بأي حال أن يتم التنازل عنها مهما كانت المسوّغات".
وأضاف: "ملفات الذاكرة ما زالت ورشاتها مفتوحة كمواصلة استرجاع جماجم الشهداء وملف المفقودين واسترجاع الأرشيف وتعويض ضحايا التفجيرات النووية في الصحراء الجزائرية".
وكان الرئيس عبد المجيد تبون قرر إقامة "اليوم الوطني للذاكرة" قبل عام، ووصف جرائم القتل التي ارتكبتها قوات الأمن الفرنسية في شمال شرق البلاد (سطيف وقالمة وخراطة) وانتهاكاتها خلال الفترة الاستعمارية (1830-1962) بأنها "جرائم ضد الإنسانية".
مجازر 8 مايو 1945
وأعلنت جمعية 8 مايو/أيار 1945 قبل أيام، عزمها رفع دعوى قضائية ضد باريس، أمام الهيئات الدولية والتهمة هي "ارتكاب جرائم ضد الإنسانية".
وحسب تقديرات وأرقام جزائرية، بلغ عدد قتلى المجازر الفرنسية بحق المتظاهرين في مايو/ أيار عام 1945 بمناطق سطيف وقالمة وخراطة شرقي البلاد، 45 ألف شخص.
وكانت فرنسا قد اعترفت للمرة الأولى بهذه المجازر عام 2012، وذلك من قبل الرئيس السابق فرانسوا هولاند خلال زيارة قام بها للجزائر.
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد قرّر في مارس/ آذار الماضي، رفع السرية عن أرشيف حقبة حرب واستعمار الجزائر، بعد انتظار دام عدة عقود، حيث صُنفت الوثائق بـ "أحد أسرار وزارة الدفاع".