الإثنين 18 نوفمبر / November 2024

رئيس الحكومة اليمني لـ"العربي": نعمل على إطلاق حوار سياسي شامل

رئيس الحكومة اليمني لـ"العربي": نعمل على إطلاق حوار سياسي شامل

شارك القصة

مقابلة لـ"العربي" مع رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك
تناول رئيس الوزراء معين عبد الملك واقع ومستقبل الأزمة في اليمن وأولويات المرحلة المقبلة، وتطرق إلى مساعي التسوية السياسية والوساطات الإقليمية والدولية.

شدد رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك على أن مستوى الدعم الإقليمي والدولي لعقد جولة مقبلة من المباحثات في الرياض حول التهدئة في اليمن مهم جدًا، مشيرًا إلى أن "الدور السعودي مهم في هذه المرحلة".

وأكد عبد الملك، في حديث خاص مع "العربي"، أهمية تعلم الدروس من الجولات السابقة من المحادثات "والتي لم تحقق أي نجاح".

وإذ لفت إلى وجود تأييد لدور السعودية وسلطنة عمان في الوساطة، شكّك المسؤول اليمني بـ"التزام الحوثيين بخارطة الطريق الطويلة".

وقال: "هذه المرحلة مهمة بعد 8 سنوات من الحرب، ووصلنا إلى وضع صعب يتطلع فيه الجميع إلى الوصول لسلام حقيقي مبني على قواعد صلبة تساعد اليمنيين على استعادة مؤسساتهم وهويتهم".

وأضاف: "الإطار المقبل لإعادة بناء الدولة قد يستغرق سنتين، وهناك جهود ودور للمبعوث الأممي هانس غرودنبرغ والأميركي تيم ليندركينغ في المرحلة المقبلة".

الحوار الوطني اليمني

كما أشار إلى أن الحوار اليمني الداخلي سيكون أساس أي حل، معتبرًا أنه "من المهم ترتيب المرحلة المقبلة، وأن تُبنى على أسس صلبة لكي لا نُصاب بخيبة أمل".

وعن الحوار الوطني بين المكونات السياسية اليمنية، أكد رئيس الحكومة اليمني على ضرورة أن يؤسَس لدولة قوية لا يُهمش فيها أحد، وسط شراكة حقيقية ومؤسسات وطنية صلبة.

رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك خلال لقائه مع "العربي"
رئيس الوزراء اليمني معين عبد الملك خلال لقائه مع "العربي"

وحذّر عبد الملك من أن الحرب كرّست واقعًا معينًا أساسه العنف، ما دفع الكفاءات إلى مغادرة البلاد، مشيرًا إلى ضرورة تكاتف جهود جميع النخب لرسم ملامح المرحلة المقبلة.

وتابع قائلًا: "هناك واقع سياسي تشكل في الحرب لا يمكن تجاوزه، لكن طموح اليمنيين هي أن يسهم الإطار المقبل في بناء الدولة".

علاقة الحكومة بالمحيط الخليجي

وفي ما يخص الزيارة التي يقوم بها إلى الدوحة، شدد المسؤول اليمني على أن "دور قطر دائمًا ما كان مهمًا خلال الأزمة، وهي فاعلة دائمًا في إطار مجلس التعاون الخليجي"، مؤكدًا أهمية المحيط الخليجي لليمن في إطار تأمين سياج آمن للبلاد.

وإذ أوضح أهمية دول مجلس التعاون الخليجي على صعيد التنمية في اليمن، أشار إلى أنه ناقش مع رئيس الوزراء القطري وزير الخارجية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني الوضع الحالي في البلاد، باحثًا آفاق التعاون المشترك في أكثر من ملف، مؤكدًا "أننا نسعى إلى استئناف العمل في المجالات التنموية مع قطر".

وقال: "جرى تجميد الكثير من الملفات والمشاريع الخليجية في اليمن بسبب الحرب، والتنمية تعطلت في بلادنا لمدة 8 سنوات بسبب الحرب ما أثر على كل مناحي الحياة، ومن هنا، نعمل على تطوير كل مناحي الحياة عبر الحوار مع محيطنا الخليجي".

وأضاف: "نعمل على استعادة تفعيل صناديق التنمية الخليجية والقطرية، مع إعادة العمل الإغاثي والتنموي إلى البلاد. فالأشقاء في قطر يعرفون الوضع الحالي لليمن".

وعن الأزمات التي يعاني منها المواطن اليمني، أشار عبد الملك إلى "أننا حاولنا السيطرة على الكثير من الملفات، إلا أن المواطنين يعانون من تآكل القدرة الشرائية والانهيار الاقتصادي والمشاكل الخدماتية الكبيرة".

وأكد أن دولة قطر ساعدت في السنوات الماضية في أكثر من ملف، "وعملنا خلال هذه الزيارة على مناقشة ملفات إضافية لاستعادة القضايا التنموية مع الدوحة وباقي دول الخليج".

أزمة المهاجرين

وفي هذا السياق، أوضح أن "علاقة اليمن مع محيطه الخليجي تسير بشكل جيد وسط موقف ثابت من تلك الدول"، مضيفًا: "الإجماع الخليجي على الملف اليمني ساعد في عدم سقوط البلاد في منزلق أكبر".

لكنه نبّه إلى أن "الوضع الإنساني يزداد صعوبة، والملفات التنموية متوقفة بشكل شبه كلي"، مؤكدًا "أننا بحاجة إلى الاستثمارات الخليجية التي كانت موجودة في السابق وتحديدًا السعودية، ولكن هذا يتطلب دولة قوية"، مشيرًا إلى أن "اليمن يمكن أن يكون إضافة لاقتصاد الدول الخليجية".

الاعتصامات التي شهدتها مدينة عدن - الأناضول
الاعتصامات التي شهدتها مدينة عدن - الأناضول

وفي سياق آخر، تطرق رئيس الحكومة اليمني إلى أزمة المهاجرين، مشيرًا إلى أن بلاده تستقبل سنويًا ما يُقارب الـ150 ألف مهاجر غير نظامي يهدفون إلى الوصول لدول الخليج وتحديدًا المملكة العربية السعودية.

وقال: "اللاجئون يخضعون لمافيات تهريب البشر، وهم يشكلون عبئًا إضافيًا على الخدمات التنموية في البلاد".

وأضاف: "نحتاج لمساعدة الدول المحيطة لتخطي هذه الأزمة، عبر الدعم في برامج العودة الطوعية. فالمنظمات الأممية غير قادرة وحدها على المساعدة نظرًا للإمكانيات المطلوبة".

الاحتجاجات في عدن

وبخصوص التحديات التي تواجهها حكومته، أوضح عبد الملك أن "مجلس الوزراء تمكن من الحفاظ على الحد الأدنى للوضع المعيشي والاقتصادي، إضافة إلى مستوى مقبول من التوافق السياسي الداخلي، والحكومة تمثل طيفًا سياسيًا واسعًا".

كما تحدث المسؤول اليمني عن الاحتجاجات التي شهدتها عدن، مشيرًا إلى أن "أحداث أغسطس/ آب الماضي طبيعية نظرًا للضغط الكبير الذي تعرض له قطاع الطاقة بسبب موجة الحر وعدم قدرة الحكومة على شراء الكميات المطلوبة من الوقود".

وقال: "وقف تصدير النفط الخام قلل من واردات الحكومة ما صعّب استيراد كميات الوقود التي تساعدنا على تقديم الخدمات في موجة الحر".

وأضاف: "الصيف كان صعبًا لكننا تمكنا في النهاية من الحصول على كميات من الوقود مع تخفيض الاستهلاك".

وتابع قائلًا: "نحاول بناء محطات للطاقة البديلة لكن الاستثمارات صعبة جدًا في زمن الحرب".

وإذ أشار إلى الصعوبات المالية للدولة وقدرة الحكومة على امتصاصها، لفت إلى أن "المظاهرات في عدن تحصل بشكل دائم، لكن هذه السنة كان الوضع صعبًا نظرًا لانخفاض الإيرادات".

من جهة أخرى، تناول المسؤول اليمني إمكانية إحداث تعديلات في حكومته، مشيرًا إلى أن هذا الموضوع قابل للنقاش، "خصوصًا وأن هدوء الأوضاع على الأرض قد يوصلنا إلى هذه الملفات".

أما في ما يخص المجلس الانتقالي الجنوبي وأزمة جنوب اليمن، فأشار عبد الملك إلى أن "المجلس ممثل في الحكومة وفي مجلس الرئاسة، وهذا الملف أولوية بالنسبة لنا".

وأشار إلى أن "هذا الملف ذو أهمية كبيرة، ومن المهم نقاشه على الطاولة لنجد حلولًا للجميع. فأي سبيل غير التوافقات سيوصلنا إلى مزيد من التأزيم والإشكالات".

خريطة الحوار والاستثمارات الخارجية

وعن خريطة الحوار لإنهاء الحرب، أكد أن ملامح السياق العام للحل لم تتضح بعد، مشيرًا إلى "أننا قد نرى في المدى المنظور ترتيبًا للوضع العام قبل أن نصل إلى الحوار الشامل".

وإذ شكّك بالتزام الحوثيين بأي اتفاق، شدد على أن المهم في المرحلة الحالية هو بدء الحوار، مستذكرًا حادثة استهداف الجماعة لقوات بحرينية على الحدود.

وقال: "قد يبدأ الحوار مع الحوثيين في أي وقت، والمهم أن يتضح المسار وأن نضع مصلحة البلاد أولًا بدلًا من أن ندفع ثمنًا باهظًا".

وأضاف: "ليس من السهل التكهن بنتائج المحادثات، وقد تستمر خارطة الطريق لعامين نظرًا للقضايا الشائكة".

المحادثات اليمنية في العاصمة السعودية الرياض - وسائل إعلام سعودية
المحادثات اليمنية في العاصمة السعودية الرياض - وسائل إعلام سعودية

وفي إطار حديثه عن حاجة البلاد إلى الاستثمارات الخارجية، اعتبر عبد الملك أن "اليمن ليس دولة نفطية كبيرة، وإنتاجنا بسيط نظرًا لأن الشركات التي تعمل في هذا القطاع وطنية بقدرات متواضعة".

ورأى أن بلاده لن تستخرج الثروات إلا باستثمارات كبيرة، وهذا يحتاج إلى بيئة سياسية آمنة واستقرار سياسي، وفق تعبيره.

وتابع: "إذا استنهضنا الإمكانيات الموجودة مع بعض الاستثمارات، فسنكون قادرين على الوصول إلى معدلات جيدة من الصادرات النفطية".

وقال: "نتوقع أن تقفز صادراتنا إلى أكثر من 7 مليارات دولار مع إيجاد الاستقرار المطلوب".

الانتماءات المناطقية

وفي الملف الأمني، أفاد المسؤول اليمني بأن "هناك الكثير من المناطق التي همشت بفعل الحرب"، مشيرًا إلى أن "المجلس الرئاسي قطع شوطًا في الملف الأمني، ولكن النتائج لن تكون سريعة".

وأشار إلى أنه "تم نزع فتيل الكثير من الأمور، لأن تداعيات الحرب والأزمة السياسية أفرزت أمورًا أجبرتنا على التعامل معها بطرق مختلفة".

ولفت إلى أن "صعود الانتماءات المناطقية أمر طبيعي في ظل الحرب التي تعيد أي شعب سنوات إلى الوراء"، وقال: "رغم المناطقية فإن الجميع، حتى في مناطق سيطرة قوى الأمر الواقع، يريد عودة مؤسسات الدولة الوطنية".

وأضاف: "يجب على الدولة أن تكون جامعة لتجنب أي تمزق، والإشكاليات غير متعلقة فقط بملف الجنوب، ونحن بحاجة إلى شرعة جديدة تعيد صياغة النظام العام".

وشدد على أنه "لا يمكن لأي طرف أن يسيطر على الجميع"، مشيرًا إلى أنه "لا يمكن لقوى معينة أن تملي على اليمنيين شكل الدولة أو نظامها السياسي".

أولويات الحكومة

كما تطرق رئيس مجلس الوزراء اليمني إلى موضوع أولويات حكومته، مشددًا على أنها "تتمحور حول الخدمات والاقتصاد وسعر العملة"، مشيرًا إلى أن "الموارد ضعيفة".

كما لفت إلى أن "التضخم في مناطق قوى الأمر الواقع مكبوت ومصطنع لأنه لا يوجد دولة ويتم التعامل بالعملات الصعبة".

وقال: "هناك فقر وتضخم مكبوت وغلاء كبير في تلك المناطق وهذا طبيعي، لأن الحوثيين هم عبارة عن ميليشيات لا يمكنها إدارة الدولة".

وأضاف: "أي أداء يؤدي إلى انهيار المنظومة المالية، سيؤدي إلى انهيار كل عوامل الصمود التي حاولنا الحفاظ عليها".

أزمة الخطوط الجوية اليمنية

وفي سياق منفصل، تطرق عبد الملك إلى الأزمة التي نشبت بين الخطوط الجوية اليمنية وجماعة الحوثي، واحتجاز هذه الأخيرة لإحدى الطائرات في صنعاء.

وقال المسؤول "لا نريد أن يتم تسييس خدمات الطيران، وحافظنا على هذا القطاع طيلة أيام الحرب".

احتجز الحوثيون إحدى الطائرات التابعة للخطوط الجوية اليمنية - إكس
احتجز الحوثيون إحدى الطائرات التابعة للخطوط الجوية اليمنية - إكس

وإذ لفت إلى أن "الحوثيين احتجزوا إيرادات الشركة في صنعاء في الفترة الماضية"، أكد أنه "تم ترتيب الوضع الأمني واللوجستي للأسطول الجوي للشركة اليمنية، وذلك بمساعدة السعودية، والمطلوب من الحوثيين اليوم ألا يتدخلوا في ذلك".

وختم الحديث مشددًا على أن "شركة الطيران اليمنية يجب أن تعمل بعيدًا عن أي تدخلات".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close