أكدت وزارة الخارجية الإيرانية أن طهران أظهرت "أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة أعمال الشغب"، ردًا على تنديد دول أوروبية بإعدام أول رجل منخرط في حركة الاحتجاج.
وتشهد إيران تظاهرات اندلعت عقب وفاة الشابة الكردية الإيرانية مهسا أميني البالغة 22 عامًا في 16 سبتمبر/ أيلول، بعد ثلاثة أيام على توقيفها على يد شرطة الأخلاق التي اتهمتها بمخالفة قواعد اللباس الصارمة في البلاد التي تفرض خصوصًا على النساء وضع الحجاب.
وأفادت السلطات التي استنكرت "أعمال الشغب" بمقتل أكثر من 200 شخص، واعتقلت آلاف الأشخاص بينهم 11 حُكم عليهم بالإعدام.
وأعدمت إيران أمس الخميس محسن شكاري الذي أدين بطعن حارس أمن بسكين وإغلاق أحد شوارع طهران، في أول إعدام من نوعه بعد آلاف الاعتقالات المتعلقة بالاضطرابات.
ونشرت وسائل إعلام رسمية مقطعًا مصورًا لما قالت إنه اعتراف شكاري وتظهر فيه كدمة في وجنته اليمنى. واعترف بضرب أحد أفراد قوات الباسيج بسكين، وبأنه قطع طريقًا بدراجته النارية بمساعدة أحد أصدقائه.
وقالت جماعات لحقوق الإنسان إن شكاري تعرض للتعذيب وأجبر على الاعتراف.
"أقصى درجات ضبط النفس"
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن الجمهورية الإسلامية تبدي "أقصى درجات ضبط النفس في مواجهة أعمال الشغب"، ردًا على التنديد الغربي بإعدام محسن شكاري.
وأضافت: "على عكس العديد من الأنظمة الغربية التي تسيء حتى إلى سمعة المحتجين السلميين وتقمعهم بعنف، فقد استخدمت أساليب متناسبة وقياسية ضد أعمال الشغب. هذا الأمر ينطبق أيضًا على العملية القضائية".
وتابعت: "لكن الأمن العام خط أحمر"، منددة بـ"هجمات مسلحة" و"تخريب". وأشارت إلى أن "الأنظمة الغربية وجدت فرصة لتوجه الخطاب إلى إيران بنفاق".
وقالت: "يجب على الغرب بدلًا من إظهار عدم نزاهته أن يتوقف عن استضافة ودعم وتشجيع الإرهابيين".
#ألمانيا و #فرنسا و #بريطانيا تندد بإعدام محسن شكاري#إيران pic.twitter.com/LtGZnyz7Ws
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) December 8, 2022
وتتهم طهران الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين بالتحريض على هذه الحركة الاحتجاجية غير المسبوقة، واصفة المعارضين الإيرانيين الذين لجأوا إلى هذه الدول بأنهم "إرهابيون".
رئيس إيران يتعهد بمواصلة قمع المحتجين
وفي سياق متصل، تعهد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اليوم الجمعة بمواصلة الحملة الأمنية على المحتجين بعد يوم من إعدام رجل، فيما يتعلق بالاضطرابات المناهضة للحكومة في الآونة الأخيرة.
ونقلت وسائل إعلام رسمية عن رئيسي قوله في حفل تأبين أفراد الأمن الذين قتلوا أثناء الاحتجاجات: إن "تحديد هوية المتسببين في قتل القوات الأمنية ومحاكمتهم ومعاقبتهم سيتواصل بعزم".
وفي خطبة صلاة الجمعة، قال رجل الدين المتشدد أحمد خاتمي: "نشكر القضاء على إرسال أول مشاغب إلى المشنقة".
وكانت وزارة الخارجية الإيرانية رفضت الانتقادات الغربية لانتهاكات حقوق الإنسان خلال الحملة، ووصفتها بأنها تدخل في الشؤون الداخلية لإيران وانتهاك القانون الدولي.
وقال ناصر كنعاني، الناطق باسم الوزارة الإيرانية، في بيان نقلته وسائل الإعلام الرسمية: "تحت شعار دعم حقوق الإنسان أو حقوق المرأة، تحرض (الدول الغربية) وتحض على العنف ضد سلامة الأمة والأمن القومي لإيران".
وأدانت ألمانيا اليوم الجمعة الإعدام ودعت طهران إلى إنهاء عنفها على الفور ضد المحتجين وقالت أنها استدعت السفير الإيراني في برلين.
عقوبات على إيران
وغداة تنفيذها أول عملية إعدام، أعلنت بريطانيا اليوم الجمعة فرض عقوبات على 30 كيانًا وشخصية من 11 دولة بينها إيران حيث استهدفت مسؤولين متهمين بإصدار "عقوبات مروعة" على متظاهرين معارضين.
كما يستعد الاتحاد الأوروبي لإضافة عشرين شخصًا وكيان واحد من إيران إلى قائمته السوداء، ردًا على الانتهاكات لحقوق الإنسان المرتكبة في هذا البلد في سياق قمع التظاهرات، على ما أفادت مصادر دبلوماسية في بروكسل الجمعة.
ووصفت منظمة العفو الدولية عملية إعدام شكاري بأنها "مروعة"، معتبرة أن "إعدامه يفضح وحشية ما يسمى نظام العدالة في إيران حيث يواجه عشرات غيره المصير نفسه".
كذلك دعا محمود العامري مقدم مدير منظمة حقوق الإنسان الإيرانية ومقرها أوسلو، إلى رد دولي قوي وإلا "سنواجه عمليات إعدام جماعية للمتظاهرين".
في غضون ذلك، أثارت عملية الإعدام تظاهرات جديدة ودعوات إلى الاحتجاج. ونزل متظاهرون ليل الخميس الجمعة إلى الشارع الذي أوقف فيه شكاري هاتفين "أخدوا محسن وأعادوا جثته"، بحسب فيديو نشره مرصد "1500تصوير" الذي يتابع منصات التواصل الاجتماعي.
وخلال تظاهرة أخرى في حي شيتغار في طهران، هتف المحتجون "الموت للديكتاتور" و"الموت لسباه" في إشارة إلى المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي والحرس الثوري.