في مسعى منها لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وإطلاق عجلة الاقتصاد المتوقفة، أعلنت الولايات المتحدة الجمعة إجراءات جديدة من شأنها السماح بمعظم العمليات المالية والتجارية مع أفغانستان والإبقاء في نفس الوقت على العقوبات المفروضة على طالبان.
وكانت منظمات غير حكومية ومؤسسات مالية عبرت عن مخاوف إزاء مخالفة العقوبات الأميركية التي تستهدف الحكام الإسلاميين المتشددين في كابل، لكن ذلك سدد ضربة قاصمة لكافة الأنشطة الاقتصادية تقريبًا.
وحذرت الأمم المتحدة من أن أفغانستان تواجه أزمة إنسانية "مدمرة"، فيما أكثر من نصف السكان البالغ عددهم قرابة 38 مليون نسمة، معرضون لخطر نقص السلع الغذائية.
من جهته، قال نائب وزير الخزانة الأميركي والي أدييمو في بيان أعلن فيه عن الإجراءات: "في ضوء هذه الأزمة الشديدة، من الضروري التصدي لمخاوف أن تعيق العقوبات الأنشطة التجارية والمالية".
وأوضحت الوزارة أن الترخيص العام الأخير "يسمح، بالحدود المطلوبة، بإجراء كافة المعاملات المتعلقة بأفغانستان ومؤسساتها الحاكمة والتي بخلاف ذلك تحظرها العقوبات الأميركية" باستثناء تلك التي تستفيد منها مباشرة طالبان أو شبكة حقاني.
ويتضمن ذلك معاملات مع وزارات الحكومة وصيانة بنى تحتية أو تطوير مشاريع، وأنشطة تجارية مع شركات مملوكة من الحكومة بحسب وثيقة للخزانة.
"عدم وقوف العقوبات"
وفي هذا الإطار، أوضح مسؤول بارز في الإدارة للصحافيين شرط عدم الكشف عن اسمه قبل الإعلان عن الإجراءات الجديدة، أن "الترخيص سيضمن عدم وقوف العقوبات في طريق المعاملات والأنشطة الضرورية لتقديم المساعدة ودعم أدنى الاحتياجات الإنسانية لشعب أفغانستان".
وقال مسؤول آخر طلب عدم الكشف عن اسمه: "كثير من الأفغان يعانون من الجوع اليوم، كثير من الأفغان يعانون من البرد. يجب أن نتحرك بسرعة أكبر".
وشكلت المساعدات الدولية 40% من إجمالي الناتج المحلي لأفغانستان، وموّلت 80% من موازنتها.
وأصدرت الولايات المتحدة العديد من الإعفاءات من العقوبات منذ سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس/ آب 2021.
وخلال هذا الشهر جمد الرئيس الأميركي جو بايدن سبعة مليارات دولار من أصول الحكومة الأفغانية السابقة؛ سيخصص نصفها مساعدات للأفغان والنصف الآخر لتعويضات طالبت بها عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/ أيلول.
وبداية فبراير/ شباط الجاري، أكدت الولايات المتحدة، أن البنوك الدولية يمكنها تحويل الأموال إلى أفغانستان للأغراض الإنسانية، وأن منظمات الإغاثة مسموح لها بدفع رواتب المعلمين وموظفي الرعاية الصحية في المؤسسات التي تديرها الحكومة من دون خوف من انتهاك العقوبات على طالبان.
كما وافقت إدارة البنك الدولي في 19 فبراير الجاري على خطة لاستخدام نحو مليار دولار من صندوق ائتماني أفغاني مجمد للتعليم والزراعة والصحة وبرامج الأسرة.
وتشهد أفغانستان أزمة إنسانية كبرى منذ عودة طالبان إلى الحكم في أغسطس الماضي في أعقاب حرب مدمّرة استمرّت عشرين عامًا، وتوقّف المساعدات الدولية التي تشكّل 75% من الميزانية الأفغانية. وتتهدّد المجاعة 55% من سكان البلاد، أي 23 مليون أفغاني، بحسب الأمم المتحدة.
وتمتلك أفغانستان أكثر من 9 مليارات دولار من الأصول بالخارج، تشمل ما يزيد قليلًا على 7 مليارات دولار بالولايات المتحدة، وباقي المبلغ موجود في دول عدة منها ألمانيا والإمارات وسويسرا وقطر.