أوقفت القوى الأمنية اللبنانية منذ بدء الانهيار الاقتصادي قبل ثلاث سنوات 185 شخصًا يُشتبه بتعاملهم مع إسرائيل، على ما نقلت وكالة "فرانس برس" عن مسؤولين أمنيين اليوم الأربعاء.
ويُعَدّ هذا الرقم قياسيًا مقارنة مع السنوات الماضية، إذ اقتصر عدد من تمّ اعتقالهم في خمس سنوات مثلًا، بين أبريل/ نيسان 2009 و2014، على زهاء مئة شخص، ما يفسّره البعض على أنّه "استغلال" إسرائيلي للأزمة الاقتصادية التي زادت معدلات الفقر في لبنان بشكل غير مسبوق، من أجل "تجنيد" متعاملين معها، وبكلفة "زهيدة" في بعض الأحيان.
ولا يعترف القانون اللبناني بإسرائيل، التي سبق أن احتلت مساحات واسعة منه قبل أن تنسحب من قراه الجنوبية عام 2000 باستثناء مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو يجرّم التواصل والتعامل معها، وكذلك التطبيع.
وخلال العقود الماضية، شنّت إسرائيل حروبًا عديدة على لبنان، كان آخرها في يوليو/ تموز 2006 التي تسبّبت باستشهاد أكثر من ألف لبناني وإصابة الآلاف بجروح، فضلًا عن دمار واسع في بنية لبنان التحتية.
تفكيك شبكات تجسس إسرائيلية في #لبنان pic.twitter.com/EwZmbYGpQQ
— أنا العربي - Ana Alaraby (@AnaAlarabytv) January 31, 2022
"رسائل إلى الموساد"
وعلى ما نقلت "فرانس برس" عن مسؤول أمني اليوم، فقد أوقفت القوى الأمنية اللبنانية 185 شخصًا منذ عام 2019، بينهم 182 تم تجنيدهم بعد بدء الأزمة الاقتصادية". وأُحيل 165 شخصًا منهم إلى القضاء، بينهم 25 صدرت بحقهم أحكام.
وتقول الوكالة إن من بين الموقوفين، وفق المصدر ذاته، شخصان "أرسلا رسائل عبر البريد الإلكتروني إلى الموساد يطلبان العمل معه".
ويذكر المصدر، أن "عدد التوقيفات بالتهمة ذاتها لم يتخطّ أربعة أو خمسة أشخاص سنويًا، قبل بدء الانهيار الاقتصادي"، الذي يرزح تحته لبنان وصنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
ومنذ بدء الانهيار الاقتصادي، فقدت الليرة اللبنانية أكثر من 95% من قيمتها أمام الدولار، فيما بات أكثر من 80% من اللبنانيين تحت خط الفقر.
"وجدوا فرصة مناسبة"
إلى ذلك، يرجح مسؤول أمني ثان قال لوكالة "فرانس برس" إن "هذه أول مرة نشهد توقيفات بهذا الشكل بتهم العمالة"، أن يكون "السبب الرئيسي هو الأزمة الاقتصادية، وتداعيات انهيار الليرة ثم انفجار مرفأ بيروت، ما دفع لبنانيين للبحث عن مصدر رزق آخر للحصول على عملة صعبة".
وأضاف: "يبدو أن الإسرائيليين وجدوا في ذلك فرصة مناسبة، ففتحوا حسابات لشركات وهمية على مواقع التواصل الاجتماعي تستقبل طلبات توظيف، ويستهدفون عبرها لبنانيين يبحثون عن عمل".
وقد أظهرت التحقيقات، وفق المصدر ذاته، أن الإسرائيليين يتواصلون لاحقًا مع مقدّمي طلبات التوظيف عبر الهاتف.
وأوقفت الأجهزة الأمنية اللبنانية على مر السنوات عشرات الأشخاص بشبهة التعامل مع إسرائيل. وصدرت أحكام قضائية في حق عدد من الموقوفين، وصلت إلى حد 25 سنة في السجن.
وفي مطلع العام الجاري، كشف وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي أن جهاز المعلومات في قوات الأمن ضبط 17 شبكة تجسس إسرائيلية.
وأوضح حينها في إفادة قدمها خلال اجتماع الحكومة أنه تبين وجود نشاط محلي وإقليمي لهذه الشبكات.
وجاء ذلك الكشف يومها بعد ساعات من إعلان جهاز المعلومات تفكيك شبكات تجسس، واعتقال أكثر من 34 شخصًا يجري التحقيق معهم.