أعلنت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، مساء السبت، أنّ النتائج الأولية الكاملة للاستحقاق البرلماني أصبحت متاحة على الموقع الرسمي للمفوضية.
وشدّدت المفوضية على أنّ النتائج المعلنة "أولية قابلة للطعن"، مؤكدة حرصها على "الوقوف على مسافة واحدة من الجميع".
جاء ذلك بعد "جدل" استمرّ طيلة الأيام الأخيرة، على خلفيّة رفض قوى سياسية عديدة القبول بالنتائج الأولية التي كانت قد أعلنتها المفوضية العليا المستقلة، والحديث عن "تزوير وتشويه" شاب عمليات الفرز والعدّ.
المفوضية تعلن "مطابقة النتائج"
وأربك نشر النتائج الأولية للاستحقاق الانتخابي المبكر المشهد السياسي في البلاد، فيما أجبرت الضغوط السياسية مفوضية الانتخابات على إيقاف إعلان النتائج الأولية واللجوء إلى عملية العد والفرز اليدوي لنحو 3681 مركز انتخابي في عموم العراق.
لكنّ المفوضية عادت لتعلن السبت أنّها "أكملت التعداد وتم تدقيق ومطابقة النتائج"، التي أصبحت متاحة على موقعها الإلكتروني، وتقاطعت مع تلك التي أعلِنت قبل أيام.
وقال متحدّث باسم المفوضية: "حرصًا منّا على ضمان شفافية العملية الانتخابية والحفاظ على أصوات الناخبين، أعلنّا عن النتائج الأولية للانتخابات، وتمّ تدقيقها واحتساب نتائجها بعد المطابقة أمام وسائل الإعلام".
وأضاف: "هذه النتائج الانتخابية هي نتائج أولية يمكن الطعن بها أمام مجلس المفوضين للنظر بها استنادًا إلى قانون المفوضية العليا المستقلة".
المفوضية "على مسافة واحدة" من الجميع
من جهة ثانية، أكدت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات للشعب العراقي أنّها "ملزمة قانونًا أن تقف على مسافة واحدة من جميع المرشحين والكيانات السياسية".
وقال المتحدّث باسمها في مؤتمر صحافي: "أثبتنا للشعب العراقي أنّ هذه مفوضيتهم، ولن تتأثر بأي صراع سياسي أو تنافس لأن مهمتها الوحيدة هي الحفاظ على أصوات الناخبين".
وتابع: "النتائج الأولية الكاملة الآن بين أيديكم، وسنؤمّن صورًا عن أوراق الاقتراع لتكون في متناول من يطلبها". وختم: "نبارك للعراق والعراقيين إنجاز العملية الانتخابية بهذا المستوى من الوعي".
استنفار أمني يسبق إعلان النتائج
وبحسب مراسل "العربي" في بغداد، فإنّ أهمّ ما في المؤتمر تمثّل في تأكيد المفوضية وقوفها على مسافة واحدة من كل الكيانات السياسية.
ولفت إلى أنّ إعلان النتائج ترافق مع استنفار أمني في بغداد، خصوصًا على مداخل المنطقة الخضراء، حيث هناك رجل أمن كلّ عشرة أمتار تقريبًا، في ظلّ انتشار مكثف للآليات العسكرية في داخل هذه المنطقة.
وتحدّث عن هوة سياسية بين القوى التي ترفض النتائج والقوى التي وافقت عليها، مشيرًا إلى أنّه ما زال أمام الكتل السياسية ثلاثة أيام للطعن بنتائج الانتخابات، لكن من المرجح أن لا تتغير كثيرًا وخصوصا أن المفوضية أعلنت أنّ النتائج المعلنة متطابقة مع النتائج الأولية المعلنة.
وفي وقت سابق، قال رئيس أركان الجيش العراقي عبد الأمير يار الله: إن قواته جاهزة لفرض الأمن بعد إعلان نتائج الانتخابات.
وأضاف يار الله، خلال مؤتمر صحافي عقده في محافظة صلاح الدين (شمال): أن "قواتنا جاهزة لتأمين الوضع الأمني لما بعد الانتخابات".
وأوضح أن "القوات الأمنية تنتظر إعلان النتائج النهائية، ومثلما قامت بتأمين العملية الانتخابية فإنها جاهزة لتأمين الوضع الأمني بعد إعلان النتائج".
"الإطار التنسيقي" يرفض النتائج المُعلَنة
في المقابل، أعلنت قوى سياسية وفصائل مسلحة من "الحشد الشعبي" في العراق رفضها "الكامل" لنتائج الانتخابات البرلمانية التي جرت الأحد.
جاء ذلك في بيان صادر عن "الإطار التنسيقي"، الذي يضم قوى سياسية وفصائل من "الحشد الشعبي"، أبرزها "تحالف الفتح" و"دولة القانون" و"عصائب أهل الحق"، إضافة لـ"كتائب حزب الله".
وسبق بيان "الإطار التنسيقي" مؤتمر المفوضية، وجاء فيه: "كنا نأمل من مفوضية الانتخابات تصحيح المخالفات الكبيرة التي ارتكبتها أثناء وبعد عد الأصوات وإعلان النتائج، وبعد إصرارها على نتائج مطعون بصحتها نعلن رفضنا الكامل لهذه النتائج".
وأضاف: "نحمل المفوضية المستقلة للانتخابات المسؤولية الكاملة عن فشل الاستحقاق الانتخابي وسوء إدارته مما سينعكس سلباً على المسار الديمقراطي والوفاق المجتمعي".
"جدل" بعد إعلان النتائج
والإثنين، نشرت مفوضية الانتخابات (رسمية) أسماء الفائزين على موقعها الإلكتروني، دون الإشارة إلى الكتل السياسية التي مثّلوها في انتخابات بلغت نسبة المشاركة فيها 41%، وهي الأدنى منذ 2005.
واستنادًا إلى أسماء الفائزين، ذكرت الوكالة الرسمية أن "الكتلة الصدرية" تصدرت النتائج بـ73 مقعدًا من أصل 329، فيما حصلت كتلة "تقدم"، بزعامة رئيس البرلمان المنحل محمد الحلبوسي، على 38 مقعدًا، وفي المرتبة الثالثة حلت كتلة "دولة القانون"، بزعامة رئيس الوزراء الأسبق، نوري المالكي (2006-2014)، بـ37 مقعدًا.
وأظهرت النتائج تراجعًا ملحوظًا لقوى بارزة، منها تحالف "الفتح" الذي خسر 34 مقعدًا في البرلمان مقارنة مع انتخابات 2018.
ووفق النتائج الأولية فقد حصد "الفتح" 14 مقعدًا، فيما كان قد حل ثانيًا في الانتخابات السابقة (2018) برصيد 48 مقعدًا.
وجاءت الانتخابات التي عقدت الأحد، قبل عام من موعدها المقرر بعد احتجاجات واسعة شهدها العراق، بدءًا من مطلع أكتوبر/ تشرين الأول 2019 واستمرت لأكثر من سنة، وأطاحت بالحكومة السابقة، بقيادة عادل عبد المهدي، أواخر 2019.