الإثنين 16 Sep / September 2024

تجدد المظاهرات المناهضة للانقلاب.. أي طريق يسلكه حراك الشارع السوداني؟

تجدد المظاهرات المناهضة للانقلاب.. أي طريق يسلكه حراك الشارع السوداني؟

شارك القصة

يستمر حراك الشارع السوداني وقواه المدنية لكن يبقى السؤال: هل سيكون هذا الحراك قادرًا على تغيير مستقبل البلاد التي تتطلع إلى حكم مدني وديمقراطي؟

خرجت حشود كبيرة من السودانيين في الخرطوم ومدن سودانية كبرى في الذكرى الثالثة لانطلاق الحراك الشعبي الذي أسقط حكم نظام عمر حسن البشير.

وشهد السودان خلال الأعوام الثلاثة الماضية موجات احتجاج متعددة تطالب بإنشاء حكم مدني وانتخابات ديمقراطية وآخر تلك الموجات كانت الاحتجاجات المناهضة للانقلاب الذي قاده رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبد الفتاح البرهان على الشركاء المدنيين في السلطة.

حراك سوداني مستمر

ينتشر العسكر في الشوارع خوفًا من تطورات غير محسوبة في الذكرى الثالثة لاحتجاجات السودان التي انطلقت في التاسع عشر من ديسمبر/ كانون الأول عام 2018 ضد عمر البشير وسلطته العسكرية.

 ويحيي الحراك الذكرى بكثافة حيث احتشد، الأحد، المتظاهرون حول القصر الجمهوري.

استمرار الحراك له أسبابه، غزته هذه الأيام عملية الانقلاب على الجناح المدني داخل السلطة حيث أزاح البرهان الحكومة بالكامل واعتقل رئيس الوزراء وعدد من أعضاء الحكومة.

وضعٌ واجهه حراك داخلي رافض وضغط دولي "مندد ومهدد"، والضغط جاء بنتائج حيث أعاد البرهان رئيس الوزراء بعد أن أطلق سراحه ودخل باتفاق معه.

غير أن الاتفاق لم يمنع من إظهار الملامح العسكرية للقرار السيادي وهي الملامح ذاتها التي عانى السودان منها طويلًا. الحكم العسكري دائمًا كان القوة البديلة حيث تخللتها فترات مدنية قصيرة وأجهضت باستمرار على يد جنرال.

وعندما بدأ الحراك عام 2018 بدا وكأن الخيار المدني حتمي، لكن العسكر التف مجددًا على المشهد بالكامل، حيث اعتقل البشير حينها وجاءوا من كانوا في دائرة حكمه ومداره العسكري بديلًا.

كان الصوت المدني في المعادلة السياسية واضحًا حيث اضطر الجميع إلى الاتفاق على "الوثيقة الدستورية" بين المدنيين والعسكريين، لكن هي الأخرى لم تسلم من الخروقات.

ويستمر حراك الشارع وقواه المدنية، لكن يبقى السؤال: هل سيكون هذا الحراك قادرًا على تغيير مستقبل البلاد التي تتطلع إلى حكم مدني وديمقراطي؟.

"مخاض طويل" يعيشه السودان

وفي هذا الإطار، يرى رئيس تحرير صحيفة "إيلاف" خالد التيجاني في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، أن السودان يشهد "عملية مخاض طويلة"، منوهًا إلى أن البلاد "لا تحتفل فقط بمرور الذكرى الثالثة لثورتها المجيدة ولكن أيضًا بمرور 66 عامًا على استقلالها".

ويلفت التيجاني إلى أن السودان بقي منذ ذلك الحين في "فراغ كبير سياسي وقيادي وحالة اضطراب حيث تعددت فترات الانتقال السياسي وتعددت الثورات والانقلابات".

ويعتبر أن ما يعيشه السودان الآن هو "حراك جيل جديد يحاول القطيعة مع النظام السياسي السوداني القديم بكافة تمثلاته الذي تشكل منذ الاستقلال وحتى اليوم".

وإذ يرى أن النظام السياسي الحاكم في السودان الآن هو "امتداد للنظام السوداني التقليدي"، إلا أنه رفض اعتبار الصراع الحالي بأنه بين العسكريين والمدنيين الذي رأى أنهما "وجهان لعملة واحدة".

ويوضح أن العسكر والمدنيين يتحملان "الإخفاق في الاستحقاقات الدستورية" رغم حالة الانفصام في الشراكة طوال العامين الماضيين.

من يتحمل مسؤولية الأزمة؟

من جانبه، يوضح أستاذ العلوم السياسية الرشيد محمد إبراهيم في حديث إلى "العربي" من الخرطوم أن المشهد السياسي في السودان "يزداد يومًا بعد يوم ضبابية" نتيجة للانقسام السياسي.

ويشير إبراهيم إلى وجود خلل إستراتيجي في إدارة الفترة الانتقالية منذ سقوط نظام عمر البشير، حيث "يتقاسم فيه المسؤولية بين العسكر والمدنيين بعد تجربتي حكم رئيس الوزراء عبد الله حمدوك (قبل الانقلاب) وبعد قرارات عبد الفتاح البرهان في 25 أكتوبر/ تشرين الأول".

ويعتبر أن "الأزمة السودانية في شكلها وتفاصيلها هي أكبر من قدرات الائتلاف الحاكم سواء من العسكريين أو المدنيين".

ولا يرى أن تصنيف "الأمور إلى مدني وعسكري يمكن يوفر تفسيرًا عقلانيًا للأزمة السودانية".

ويقول: إنّ "قرارات البرهان الأخيرة كانت مسنودة من قبل المدنيين ومن أحزاب سياسية كثيرة"، وذلك على غرار الانقلابات التي شهدها السودان على مدار تاريخه.

ويضيف: أنّ "وجود مظاهرات من دون هدف إستراتيجي سياسي ستبقى ضربًا من الخيال باعتبار أن تاريخ السودان لم يشهد انتصار أحزاب أو ثورات إلا بتنسيق مع الجيش".

رغبة العسكر في السلطة "لم تفطم" بعد الثورة

من جهته، رفض القيادي في قوى الحرية والتغيير نور الدين بابكر في حديث إلى "العربي" من الخرطوم، الفكرة القائلة بأن المدنيين والعسكريين يتحملون المسؤولية في نفس الدرجة عن مآلات الوضع السوداني.

ويعتبر بابكر أن "تحميل المكون المدني نفس الجرم الذي قام به العسكريين فيه تحامل كبير على المدنيين" الذين شاركوا في إسقاط نظام البشير ودعوا إلى "الشراكة" ضمن فترة انتقالية تضمن خروج العسكريين من السياسة.

ويرى أن "رغبة العسكريين في الحكم بالسودان لم تفطم بعد الثورة"، رافضًا في الوقت ذاته مقارنة "ثورة ديسمبر بما حدث مع الانقلابات السابقة" التي عاشتها البلاد.

ويؤكد أن "ثورة ديسمبر فريدة حيث امتلكت أدوات وشعارات مختلفة وعبرت عن قضايا مختلفة"، مشيرًا إلى خروج الملايين من السودانيين اليوم للتعبير عن رفضهم للانقلاب العسكري والاتفاق السياسي وضرورة عودة الحكم المدني.

ويقول: إنّ "الذين خرجوا بالملايين في الشوارع اليوم هم قادرون على تغيير موازين القوى لصالح المدنيين".

ويضيف: أن "مستقبل السودان يرسمه هؤلاء من الجيل الذي يختلف عن الأجيال السودانية السابقة".

ويعتبر أن "ثنائية الأمن ومصادرة الحريات" يستغلها الدكتاتوريون للانقضاض على السلطة. ويؤكد أن السودانيين رفضوا تلك الثنائية منذ خروجهم على نظام الرئيس السابق عمر حسن البشير، لافتًا إلى أنه "لم يكن هناك أي تهديد قبل الانقلاب وكلها مزاعم".

ويشير كذلك إلى أنّ "أمن السودان واستقراره لا يمكن أن يكون عبر تكميم الأفواه ومصادرة الحريات والحكم العسكري".

ويؤكد أن "حقن دماء السودانيين يكون عبر إصلاح المؤسسات العسكرية والأمنية وإتاحة الحريات وترسيخ الديمقراطية"، موضحًا أن رئيس الوزراء نفسه "ليس لديه ضمانات بعد اتفاقه مع العسكريين على أن لا يتم اعتقاله مرة أخرى".

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close