في ظل تزايد الرهانات العالمية على الصناعات الصديقة للبيئة، يبدو أن المغرب دخل في سباق مع الزمن لتحقيق الحياد الكربوني عبر وضع خطة واضحة المعالم للانتقال من الطاقات الملوثة إلى صفر كربون عام 2050.
فقد كشف رئيس الحكومة المغربية عزيز أخنوش في إطار مشاركته في أعمال مؤتمر التغير المناخي "كوب 26" في غلاسكو، أن بلاده تمتلك 50 مشروعًا للطاقات المتجددة، بطاقة تبلغ حوالي 4000 ميغاوات قيد الخدمة، بينما يوجد وفق أخنوش أكثر من 60 مشروعًا آخر قيد التطوير أو التنفيذ حاليًا.
وعن هذا الموضوع يتحدّث سعيد شكري المستشار في قضايا البيئة والتغيرات المناخية، من طنجة المغربية، لـ"العربي" عن أن المغرب ضمن البلدان التي لا تحتوي على طاقات أحفورية كلبنان والأردن وتونس التي بالتالي طورّت إنتاج طاقتها من خلال استبدالها بأخرى "نظيفة".
وأضاف أن المغرب وضع خطة استراتيجية منذ سنوات، مبنية على آليات عمل منها تشريع قوانين واستحداث وزارات وخلق مؤسسات وطنية علمية، من شأنها تمكين البلاد من تكوين رؤية واضحة حول الانتقال إلى الطاقة المستدامة.
كما أوضح شكري أن التحول نحو الطاقة النظيفة في المغرب مبني على أسس تدريجية، لا سيما أن هذا التغيير بحاجة أيضًا إلى مؤهلات طبيعية ومناخية، شارحًا أنه "لا يمكن مثلًا أن يكون هناك تحوّل دون ضمان وجود درجة معينة من التشمس أو سرعة محددة من الرياح.. وهذا أمر أساسي استفاد منه المغرب".
وأردف: "نحن الآن نمر إلى مرحلة ثانية حيث بدأنا نتكلم عن الإنتاج الذاتي للطاقة وهذا أمر مهمّ جدًا.. بالإضافة إلى وضع تصورات أخرى بهدف الوصول بشكل فعال إلى درجة معينة من التحول الطاقي".
مؤشر واعد
وينتج المغرب اليوم ما يناهز 37% من الإنتاج المحلي للطاقة باستخدام الطاقات المتجددة، وهذا وفق المستشار البيئي مؤشر واعد جدًا لتحول البلاد إلى نسبة 50% عام 2030 قبل تحقيق الهدف الأكبر ألا وهو صفر كربون عام 2050.
أما عن الإستراتيجية التي ستضمن وصول المغرب إلى هذا الهدف عام 2050، فيشدد شكري على ضرورة أن تعادل نسبة إنتاج الغازات الدفيئة وخاصة ثاني أوكسيد الكربون نسبة امتصاصه، أي عدم هدره في الطبيعة.
فعلى حد تعبير المستشار البيئي، في أفق 2050 سيكون المغرب غير مصدّر ولا منتج لهذه الغازات الدفيئة، إنما "لا يمكن أن نصل إلى هذا الهدف إلا إذا كانت هناك فعلًا تقنيات وتكنولوجيات خاصة تساعد على التخفيف من إنتاج الكربون".
كما أشار إلى ضرورة أن تتحول الصناعات المحلية في المغرب، إلى قطاع "أقل تلوثًا"، بالإضافة إلى عمليات التشجير وتطوير الأوساط الطبيعية لتمتص كمية أكبر من ثاني أكسيد الكربون، والمحافظة عليها.
وشدد سعيد شكري المستشار في قضايا البيئة والتغيرات المناخية على أنه ولو وجدت العوامل الطبيعية للانتقال إلى الطاقة المستدامة إلاّ أن تمويل المشاريع البيئية التي لا يمكن أن تتم إلا بتعاون دولي هو شرط أساسي، خاتمًا أن البحث العلمي والابتكار يبقى أيضًا الركن الأساس في عملية الانتقال هذه.