يبدو أن الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب ليس مثيرًا للجدل فقط في السياسة والاجتماع والاقتصاد، بل أيضًا في عالم الذكاء الاصطناعي.
فقد أظهرت صور غير حقيقية صممت بواسطة الذكاء الاصطناعي 3 عناصر من الشرطة الأميركية وهم يعتقلونه، لكنها انتشرت في مواقع التواصل الاجتماعي كالنار في الهشيم كما لو أنها حقيقية.
ورغم عدم وجود إخلاء مسؤولية ينص على أن الصور المفبركة لاعتقال ترمب قد جرى إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، فقد تضمنت تلك الصور إشارات واضحة تؤكد عدم مصداقيتها.
وأظهرت الصور المزيفة المصممة بواسطة معمل الأبحاث "ميد جورني"، أحد ضباط الشرطة بدون إصبع السبابة، في حين أن ضابطًا آخر يمسك قبضة ترمب، من دون أن تظهر يد الرئيس السابق في الصورة، والسبب في ذلك هو أن "ميد جورني"، معروف عنه أنه يواجه صعوبة في تصميم الأيدي والكفوف بشكل واقعي.
من جهتها، أوضحت وكالة "أسوشييتد برس"، أن صور اعتقال ترمب أظهرت بوضوح مدى العيوب لدى "ميد جورني" في تقديم المشاهد الحقيقية، مثل الصورة الأولى التي يظهر فيها ترمب بثلاث أرجل وحزام شرطة.
باستخدام الذكاء الاصطناعي.. صور ملفقة لإلقاء القبض على #ترمب تجتاح المنصات الرقمية pic.twitter.com/f9OGXNohyH
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) March 22, 2023
وقال مختصون بالفضاء الرقمي إن الإشكالية أيضًا تكمن في اعتبار بعض الناس أن الصور حقيقية، رغم معرفتهم بأن ترمب لديه ساقان لا ثلاث، وهو ما يعكس نقص مهارات التفكير النقدي في مواقع التواصل الاجتماعي، على حد تعبيرهم.
وثمة دافع آخر وراء تداول منصات التواصل لصور الاعتقال على أنها حقيقة مسلم بها من دون تدقيق، ألا وهو ادعاء سابق لدونالد ترمب، بأنه سيتم اعتقاله خلال هذا الأسبوع، لكن في الواقع لم يوجه له الاتهام حتى الآن، بحسب وسائل إعلام أميركية.
"خطورة الذكاء الاصطناعي"
وفي هذا الإطار، تنبه أستاذة الإعلام بجامعة "ميريلاند" سحر خميس، إلى أن هناك خطرًا كبيرًا نتيجة وجود ما يسمى بالذكاء الاصطناعي، الذي لديه القدرة الكبيرة على أن يخلق الكثير من الصور المركبة والمفبركة التي يسهل على البعض تصديق أنها حقيقية وواقعية، مشيرة إلى أن هذا الأمر يعد سلاحًا ذي حدّين، أو التأثير المزدوج للذكاء الاصطناعي من جهة، ولوسائل التواصل الاجتماعي من جهة أخرى.
وتضيف في حديث لـ"العربي" من واشنطن، أن الذكاء الاصطناعي يسمح للمستخدم بالحصول على معلومات كثيرة جدًا في وقت يعتبر خرافيًا، ولم يسبق له مثيل في تاريخ البشرية، كما أن خطورته تكمن في تقنية "الفوتوشوب" أو "الديب فيك" Deep FAKE.
وتوضح خميس أن الخطر يكمن في فبركة الصور، كما في صورة ترمب، والتي من الممكن على بعض كبار السن أو محدودي القدرات النقدية، أو على الذين ليس لديهم القدرة الكافية على استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد ونقدي أن ينخدعوا في هذه الصور.
وتشير أيضًا إلى إمكانية أن يكون هناك تدليس أو غش من قبل بعض الطلاب بسرقة أبحاث علمية، واستبدال وظائف الكثير من العاملين في عدة مجالات مهمة عن طريق الذكاء الاصطناعي.
خطورة وسائل التواصل الاجتماعي
وفيما يخص وسائل التواصل الاجتماعي، تشدد خميس على أنها أيضًا سلاح ذو حدين، فهي بإمكانها أن تنشر المعلومات الصحيحة والدقيقة، ولكن في المقابل يمكنها فتح الباب أمام نشر الأخبار الكاذبة والمضللة والمغلوطة التي يصدقها البعض، كما في حالة صورة ترمب.
وتعرب عن اعتقادها بأن العالم لا يزال في مرحلة مبكرة جدًا من اكتشاف مزايا وعيوب ومخاطر الذكاء الاصطناعي، مشيرة إلى أن مسؤولية هذا الأمر تقع على 3 أطراف وهي، من يصنع الخبر، ومنصات التواصل الاجتماعي التي عليها أن تحذر المستخدمين من بعض المحتوى بأن تضع ما يسمى علامة الإنذار والتحذير حتى يعرف المستخدم أو المتلقي أن مثل هذا المحتوى هو مفبرك وغير صحيح أو غير واقعي.
أما الطرف الثالث، فهو المستخدم الذي لديه جزء من المسؤولية، وأن يكون لديه قدر من الوعي الإعلامي والنقدي يمكنه من أن يفرق بين الحقيقة وبين الخيال، وبين المعلومات الصحيحة وبين الأشياء المفبركة أو المضللة.