الجمعة 13 Sep / September 2024

طالبت بإسقاط النظام.. ما دلالات الاحتجاجات في محافظة السويداء السورية؟

طالبت بإسقاط النظام.. ما دلالات الاحتجاجات في محافظة السويداء السورية؟

شارك القصة

"للخبر بقية" يُناقش دلالات الاحتجاجات التي شهدتها محافظة السويداء السورية تنديدًا بتردي الأوضاع الاجتماعية (الصورة: رويترز)
شهدت محافظة السويداء السورية احتجاجات مناهضة للنظام اليوم الأحد، بسبب تردّي الوضع المعيشي والخدمي لدرجة تصل إلى الشلل وفق المحتجين.

ردّد شاب من محافظة السويداء الواقعة نسبيًا تحت سيطرة النظام السوري، عبارة "إن بقينا على هذا الحال سنصل إلى حياة الإنسان البدائي خلال أشهر، أنا إنسان وأُريد أن أعيش في ظروف إنسانية طبيعية".

جاء كلام الشاب اليوم الأحد في سياق الاحتجاجات المناهضة للنظام في المحافظة التي تقع جنوبي البلاد، بسبب تردّي الوضع المعيشي والخدمي لدرجة تصل إلى الشلل، وفق المحتجين.

إطلاق الرصاص الحي

يقول سكان السويداء إنه "لا ماء ولا كهرباء ولا اتصالات" لديهم، فضلًا عن ندرة المحروقات وغلاء أسعار المواد الغذائية ونسب البطالة المرتفعة.

وقد رُفع خلال الاحتجاجات شعار "الشعب يريد إسقاط النظام"، وانتشرت مشاهد تمزيق وحرق وإنزال صور بشار الأسد.

وبينما واجهت قوات النظام المحتجين بإطلاق الرصاص الحي، وصفت وسائل الإعلام التابعة له المحتجين بأنهم مخربون خارجون عن القانون.

إلى ذلك، يدرك المحتجون أن واقع السويداء مقصود وممنهج من النظام انتقامًا من أهلها على مواقفهم المناهضة له. وتُعد السويداء جزءًا من واقع عام عنوانه استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية في معظم مناطق سيطرة النظام.

ويقول معارضون إن أسباب الاحتجاجات تبدو في ظاهرها اقتصادية واجتماعية، لكنها في عمقها سياسية بامتياز.

هو واقع معيشي يمثل سلاحًا سياسيًا في يد النظام، كما أنه دليل قاطع على عجزه عن إيجاد حلول للأزمة الاقتصادية.

"لا مرجعية سياسية لهم"

ويلفت الصحافي السوري نورس عزيز، إلى أن من نزلوا اليوم إلى الشارع في السويداء هم عيّنة من الشباب، نافيًا وجود أي مرجعية سياسية أو تنظيمية لهم.

ويقول في حديثه لـ"العربي" من نانت: كانت فقط حالة عامة لدى الشباب باعتراضهم على الواقع الخدمي والمعيشي. ويوضح أنهم خرجوا تلبية لنداء شاب وقف قبل أيام قليلة أمام مبنى المحافظة وأطلق النار في الهواء مهددًا، ثم عاد وظهر في مقطع فيديو مباشر ودعا الناس للتظاهر معه ضد الأوضاع المعيشية.

ويؤكد أن هذا الحراك ليس بجديد، بل هو أحد نتائج الحركات القديمة، ويضيف: منذ انطلاق الثورة عام 2011 هناك عدة تحركات حصلت، كان أكبرها الحراك الذي أعقب اغتيال الشيخ وحيد البلعوس مؤسس حركة رجال الكرامة، وتم حينها اتهام وفيق ناصر رئيس فرع الأمن العسكري بالمسؤولية عن هذا الملف.

ويشير إلى 3 حركات متتالية بعد ذلك وصولًا إلى عام 2020، وقد كان أكبرها حراك "بدنا نعيش" الذي اشتركت فيه جميع الشرائح، ووصل إلى إنتاج حالة أهلية اتخذت الحياد الإيجابي.

وفيما يلفت إلى أنها كانت ممثلة بحركة رجال الكرامة، يوضح أن الأخيرة مع مجموعة فصائل أخرى محلية في السويداء قامت منذ أشهر باقتحام مقر العصابات التابعة للأمن العسكري، ذراع إيران في المحافظة، وقتلت عددًا منهم. 

"شعار يحمل كثافة دلالية"

بدوره، يرى الباحث السياسي مضر الدبس أن هذا النوع من التحركات يمثلها المواطن السوري العادي، ولا تستند إلى أي مرجعية إيديولوجية أو أي فكر ينتمي إلى ما قبل 2011، بل تستند إلى الفكر الذي ينتمي إلى ما بعده؛ إلى فكر التنسيق وفكر الفرد الذي يمتلك ذاته ويرفض أن يكون تابعًا إلى أحد.

ويقول في حديثه لـ"العربي" من لوسيل: عندما نتكلم في السياسة فإن الثورة قامت على هذا النوع من الحركات، أي النوع الذي ينزل فيه الأفراد إلى الشارع بوصفهم أفرادًا فحسب يمتلكون قرارهم.

ويشير إلى أن شعار "بدنا نعيش" يحمل كثافة دلالية، وأصبح أيضًا بعد كل ما حدث يحمل شعار الحفاظ على "الحياة الحيوية".

والدبس الذي يتحدث عمّا يحققه رمزيًا تدمير الحشد لمبنى السلطة، مما يورده في هذا الإطار أن هذا الفعل "يقول إن هذا من يقتلني ويمنعني من العيش والحياة، حيث لا يعني القتل فقط منع مقومات الحياة الكريمة بل أيضًا القتل الفعلي".

"نسفت العقد الاجتماعي"

من جانبه، يوضح الباحث الاقتصادي فراس شعبو أن سوء الأوضاع الاقتصادية في سوريا وسوء الخدمات ليس بجديد، معتبرًا أن الجديد هو هذا التحرك الشعبي. 

ويقول في حديثه إلى "العربي" من اسطنبول، إن ما يجري في سوريا على المستوى الاقتصادي على الأقل هو نتيجة لما كان في السابق، لما حدث منذ 20 إلى 30 عامًا ووصولًا إلى اليوم.

ويذكر بأن مستويات التضخم مرتفعة جدًا، وبأن النظام يقوم بإصدار الكتلة النقدية بشكل غير مدروس. كما يلفت إلى نسبة البطالة المرتفعة، وانخفاض الناتج المحلي الإجمالي بما يقارب 67% خلال فترة السنوات السبع الماضية.

ويشير إلى أن متوسط دخل الفرد لا يتجاوز في أحسن الأحوال 25 دولارًا، متحدثًا في المقابل عن الفجوة بين الدخل والاستهلاك، وانعدام الادخار والاستثمار.

ويقول عن الدولة، إنها نسفت - على الصعيد الاقتصادي بالتحديد - وبشكل كلي العقد الاجتماعي الذي يجب أن يكون مع المواطن الذي عليه واجبات وليس له أي حق.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
تغطية خاصة
Close