الإثنين 16 Sep / September 2024

طلاب يمارسون التنمر على أساتذتهم.. أي دور لعبته "مدرسة المشاغبين"؟

طلاب يمارسون التنمر على أساتذتهم.. أي دور لعبته "مدرسة المشاغبين"؟

شارك القصة

نافذة من أرشيف برنامج "صباح النور" (سبتمبر 2020) حول ظاهرة التنمر الذي يصدر من جانب الطلاب على المعلمين (الصورة: غيتي)
لا يعتبر الطلاب وحدهم ضحية التنمر في المدارس، فالمعلّم أيضًا يواجه تحدّي التلامذة غير المنضبطين، في ظاهرة يردّها البعض إلى نموذج "مدرسة المشاغبين".

أكثر فأكثر تنتشر ظاهرة التنمر في المجتمعات، وحتى في أماكن التثقيف والتربية كالمدارس، حيث يشكو الكثير من الطلاب من ممارسات تنطوي على سخرية، سواء من زملائهم، أم حتى من أساتذتهم في بعض الأحيان.

لكنّ الطلاب لا يبدون وحدهم عرضة للتنمر في الفصول الدراسية، فالمعلّم أيضًا يواجه تحدّي التلامذة غير المنضبطين، الذين يتحيّنون الفرصة للسخرية منه، ويعدّون المقالب التي تحيل حصصه هرجًا ومرجًا.

وقد يصل هذا التنمر إلى حد الإهانة اللفظية والتخويف الجسدي، ما يستوجب توفير الحماية له، وإعادة تصويب الأمور إلى مسارها التربوي السليم.

"مدرسة المشاغبين" لعبت دورها    

يشرح مستشار تطوير التعليم أحمد عبد الله أن الكثير من الطلاب يمارسون التنمّر ضد معلميهم بقصد الضحك معهم أو عليهم، متحدثًا عن انتقام مغلّف بالضحك، ومسعى لإظهار بطولة أو استقواء أمام من يُعدّ مصدر السلطة في غرفة الصف.

ويتوقف في حديث سابق إلى "العربي" من عمان عند ما يعتبرها "عملية ممنهجة" لتغيير صورة المعلم ساهمت فيها الدراما، على حدّ قوله.

ويوضح أن الأمر كان قد بدأ في 16 مايو/ أيار 1973، الذي يوافق تاريخ أول عروض مسرحية مدرسة المشاغبين، التي ضحك فيها الناس كثيرًا على ما فعله الطلاب بأساتذتهم. ثم توالت بعد ذلك العروض المسرحية والإنتاجات الدرامية المشابهة.

ويرى عبد الله أن تلك العملية الممنهجة انخرط فيها أيضًا أساتذة، وبعض الأنظمة والحكومات التي شوهد معلموها وهم يضربون في الشارع لمطالبتهم بشيء من حقوقهم.

وإذ يؤكد أن المعلم قيمة عليا لا بد من توخي قدر كبير من الاحترام في طريقة التعامل معها، يشير إلى صورته الذهنية التي تحولت بشكل كامل، سواء أتم ذلك بقصد نزع هيبته أم دون قصد.  

غلاف دي في دي لمسرحية "مدرسة المشاغبين" الشهيرة - فيسبوك
غلاف دي في دي لمسرحية "مدرسة المشاغبين" الشهيرة - فيسبوك

التنمر مسؤولية مشتركة

ويرى مستشار تطوير التعليم أن المنظومة الرأسمالية حوّلت المعلم إلى مقدّم خدمة ترضي الزبون، أي الطالب وولي أمره، وذلك من خلال القطاع الخاص في التعليم، ما ساهم في نزع هيبته عنه تدريجيًا.

ويعتبر أن فكرة التحوّل نحو منظومة ما يسمى بالدروس الخصوصية أراقت من ماء وجوه المعلمين، الذين سعوا إلى إرضاء الطلاب والحصول على عدد أكبر من الزبائن.

ويتحدث عن مسؤولية مشتركة إزاء التنمر ضد المعلمين، هي مسؤولية ولي الأمر والطالب والتاجر الذي فتح مدرسة للتجارة والمعلم نفسه، مشيرًا إلى أن بعض الأشخاص يحبون لعب دور المتنمر عليهم وهؤلاء هم من الأطفال والراشدين، لأسباب عدة بينها أن هذا السلوك يجذب الانتباه والشفقة.

ويؤكد أن إعادة الهيبة للمعلم تستوجب تضافر الجميع، مشددًا على أهمية أن يعيد العقل الجماعي بناء صورة المعلم.

بحسب عبد الله، يبدأ ذلك من المنظومة التشريعية للدولة ومن أرباب القطاع الخاص، الذين يتوجب عليهم توجيه البوصلة نحو جودة المعلم في استقطاب الطلاب، وليس المجيء بأستاذ وفق مزاجهم.

وبينما ينفي أن تكون صورة الأستاذ الذي لا يجرؤ الطلاب على التنفس خلال حصته صوابًا، يشرح أن على المدرّس أن يجمع بين أن يكون محبوبًا ومهيوبًا، وأن يقدّم علمًا نافعًا وماتعًا في آن معًا، مشددًا على أن هذه الرباعية لا تتعارض فيما بينها.

ويلفت إلى دور مهارة الأستاذ في معرفة السمات والخصائص النفسية لطلابه، فيتمكن من إدارة الغرفة الصفية إدارة نفسية وليس فقط قانونية.

"عيب سرّي"

في سياق موازٍ، يشير موقع "study" إلى ما يُعد "عيبًا سريًا" للمعلم، الذي لطالما ربط إعداده بين الفصل الدراسي المنظم وإنجازات الطلاب، على قاعدة أن إدارة الطلاب هي أساس التعلّم.

ويلفت إلى أن ما تقدّم يمنع المعلّم من الإبلاغ عن الطلاب المسيئين، فأي معلم يريد أن يتم وسمه بـ"غير الكفء" وغير القادر على التحكم بسلوك أطفال بنصف عمره.

وإذ يشير إلى عائق آخر يتأتى من ردة فعل الآباء، لا سيما استجابتهم بكلام غير مقرون بأفعال، يورد نقلًا عن إحدى المدرّسات أن بعض أولياء الأمور يقولون إنهم سيتحدثون إلى الطالب، فيعتذر الأخير، ثم يعود السلوك إلى ما كان عليه، وأحيانًا إلى ما هو أقوى منه.

ويدعو المعلم، أيًا كان المسار الذي يعتمده لوقف الإساءة إلى التواصل مع مدير المدرسة أو الاختصاصي النفسي فيها أو حتى ممثل النقابة، معتبرًا أن إيذاء المعلم أمر خطير لا يتعيّن عليه التعامل معه بمفرده.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close