قُتل 56 مدنيًا خلال 24 ساعة في المواجهات بين الجيش وقوات الدعم السريع المستمرة الأحد لليوم الثاني على التوالي في الخرطوم، في صراع على السلطة بين الجنرالين اللذين يقودان السودان منذ انقلاب 2021.
وتحول التوتر بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، إلى أعمال عنف منذ السبت، بعدما كانت الخلافات السياسية بينهما تتصاعد في الأسابيع الأخيرة.
وتُستخدم كل أنواع الأسلحة من بنادق ومدفعية وطائرات مقاتلة، في هذه المعارك التي تشهدها العاصمة وعدد من المدن الأخرى في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 45 مليون نسمة، والتي تعد من بين أفقر دول العالم التي مزّقتها الحرب لعقود.
الأحد، كان دوي القصف يُسمع في شوارع الخرطوم المهجورة التي انتشرت فيها رائحة البارود القوية. وعلى شبكات التواصل الاجتماعي، لا يتوقّف الأطباء عن طلب المساعدة والممرّات الآمنة لسيارات الإسعاف ووقف إطلاق النار لعلاج المصابين.
وكان الجيش أعلن مساء السبت عبر فيسبوك أنّ "القوات الجوية السودانية ستقوم بعملية مسح كامل لمناطق تواجد مليشيا الدعم السريع المتمرّدة"، موضحًا أنه يطلب من "المواطنين الالتزام بالبقاء في المنازل وعدم الخروج".
"عمليات كر وفر"
وفي هذا الإطار، أفاد مراسل "العربي" من العاصمة الخرطوم بأن أحد المباني الذي تعرض للاحتراق بالكامل هو للقوات البرية، بالإضافة إلى مبنى الاستخبارات العسكرية المجاور له، والذي كانت تدور حوله اشتباكات عنيفة وكثيفة ما أدى إلى احتراقه بشكل كامل.
وأضاف أن المواجهات الجارية الآن هي عبارة عن كر وفر بين الجيش وقوات الدعم السريع، في محيط القيادة العامة، مشيرًا إلى أن المدرعات والسيارات المسلحة تأتي وتهاجم وتطلق النيران بكثافة شديدة، ثم تنسحب وتنطلق إلى نقطة أخرى.
وأردف أن الدبابات تتمركز في محيط القيادة العامة تمنع أي وصول للسيارات المسلحة من قبل الدعم السريع أو عبورها إلى داخل القيادة العامة.
وتابع أن المعارك ما تزال تدور في محيط مباني الإذاعة والتلفزيون، ومحيط سلاح المهندسين، وهو أحد أكبر الأسلحة التابعة للجيش في مدينة أم درمان، مشيرًا إلى أن هناك أنباء تتحدث عن اشتباكات عنيفة جدًا بين قوات الدعم السريع والجيش في منطقة الصالحة.
وفيما أفاد بأن الاشتباكات حتى الآن ما تزال عنيفة جدًا في مدينة أم درمان، لفت إلى أن البعض يتحدث عن سقوط عدد من القذائف على المنازل، وأن الاشتباكات تحدث داخل حواري وأزقة المدينة القديمة بالأسلحة الخفيفة والرشاشات.
كم ستستغرق معركة البرهان وحميدتي؟
وعلى الصعيد السياسي، أوضح رئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني، أن تحديد وقت لنهاية المعركة مرتبط بالأهداف التي وضعها الطرفان، حيث إن هدف الجيش السوداني كما أعلنه هو إخضاع قوات الدعم السريع بالكامل تحت تصرفه، وهذا يعني عمليات متواصلة داخل العاصمة وفي المدن الأخرى والاستيلاء على المقرات وكل المعدات المرتبطة بالدعم السريع، مشيرًا إلى أن هذه العملية قد تستغرق بعض الوقت لأنها تحتاج إلى مجهود عسكري كبير.
أما بالنسبة لقوات الدعم السريع فهي حددت هدفًا واحدًا، وهو إلقاء القبض على قائد الجيش السوداني، حسب ميرغني الذي لفت إلى أن هذه القوات تحاول تجنب أي عبارات تدل على أنها تقاتل الجيش وتحاول أن تركز فقط على شخص البرهان.
الجيش السوداني يسيطر على مقر تابع لقوات الدعم السريع#السودان pic.twitter.com/V5e57QG8aP
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 16, 2023
وفي حديث لـ"العربي" من الخرطوم، تابع أن هدف الدعم السريع ربما يبرر تركيزه على القيادة العامة، لأن معظم المجهود الحربي لهذه القوات منحصر عليها، كأنما تحاول أن تحقق هذا الهدف باعتبار أن القيادة العامة هي المركز الذي تدار منه العمليات، وبالتالي سيكون القائد العام هناك سواء بشخصه أو برمزيته.
وبين ميرغني أنه لكي تتحقق أهداف الطرفين، فهي تحتاج إلى وقت، خاصة بالنسبة للجيش الذي ينتشر في جميع أنحاء السودان، وبالنسبة أيضًا للدعم السريع الذي ستكون مهمته صعبة أو شبه انتحارية حيال القيادة العامة.
إلى ذلك، تضاعفت دعوات المجتمع الدولي إلى وقف القتال، لكنها لم تُجدِ. وصدرت آخر هذه الدعوات عن الصين الأحد.
كما أعلنت الجامعة العربية عن اجتماع طارئ الأحد بشأن السودان بطلب من القاهرة - حيث يقع مقرها - والرياض وهما حليفان رئيسيان للجيش السوداني الذي يتصدى للقوات شبه العسكرية التي تريد إزاحته من السلطة.