Skip to main content

عملية "معقدة ومركبة" في النصيرات.. ما انعكاساتها على حرب غزة؟

السبت 8 يونيو 2024
إسرائيل تستعيد أسرى في عملية مركبة وأبو عبيدة يحذر من مصير بقية المحتجزين - الأناضول

أكثر من 200 شهيد في مجزرة ارتكبتها إسرائيل خلال عملية واسعة في النصيرات، لاستعادة 4 محتجزين إسرائيليين لدى حركة المقاومة الإسلامية "حماس".

بالتوازي، أكد رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عزمه إعادة المزيد، بينما تراجع بني غانتس عن إعلان استقالته من مجلس الحرب.

وسط كل ذلك، قالت كتائب القسام الجناح العسكري لـ"حماس"، إن العملية الإسرائيلية في مخيم النصيرات أدت إلى مقتل بعض الأسرى الإسرائيليين.

عملية "معقّدة" في النصيرات 

إذًا في اليوم الأول من الشهر التاسع للحرب، ومع تتالي الصفعات الدبلوماسية التي تلقتها إسرائيل وكان آخرها وضعها على القائمة السوداء في الأمم المتحدة، وفي ظل ارتفاع حالة الشقاق السياسي والعسكري في المؤسسة السياسية والأمنية في تل أبيب، يأتي الإعلان عن عملية نوعية وصفت بالمعقَّدة والمركبة بمشاركة وحدة "اليمام" الخاصة وانتهت باستعادة 4 محتجزين.

وفي تفاصيل العملية وفقًا للإعلان العسكري الإسرائيلي، فقد تسللت وحدة اليمام الخاصة لموقعين منفصلين تحت غطاء ناري بسلاح المدفعية والبحرية والطيران وبمشاركة آليات ثقيلة.

والإشارة التي يمكن استخلاصها من حديث الناطق باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، أن العملية استهدفت مواقع فوق الأرض وليس تحتها، وهذا خلَّف مشهدًا كارثيًا من حيث عدد الشهداء من الفلسطينيين.

فيما أشار موقع "أكسيوس" إلى مساعدة أميركية استخباراتية في العملية الإسرائيلية، بينما قال نتنياهو إنه سيعمل على إعادة المزيد من المحتجزين.

بدورها، اعتبرت حركة "حماس" أن استعادة 4 محتجزين بعد 8 أشهر من القتال المتواصل ما هو إلا دليل على "الفشل الإستراتيجي وليس الإنجاز".

وأشارت "حماس" إلى أنَّهُ بيدها العدد الأكبر من الأسرى وأنها قادرة على زيادته، فيما أكد المتحدث باسم كتائب القسام أبو عبيدة أن الاحتلال قتل عددًا من أسراه خلال عملية النصيرات التي ستشكل خطرًا كبيرًا وسيكون لها أثر سلبي على ظروف الأسرى وحياتهم.

قراءة عسكرية لعملية النصيرات 

ومن عمّان، يحلل معين الطاهر، الباحث في المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، تفاصيل العملية العسكرية في النصيرات وما حققه فيها الاحتلال في ظل الحرب المستمرة مع المقاومة.

ويشرح الطاهر لـ"العربي" أن ما حصل في مخيم النصيرات هو عملية معقدة تداخلت فيها أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية "الشاباك"، وأجهزة الشرطة "اليمام"، والوحدات الخاصة، والجيش، وسلاح الجو.

ويشير إلى أن التقديرات تفيد بمشاركة أكثر من 1000 جندي إسرائيلي مجهزين بمختلف أصناف الأسلحة في هذه العملية، التي يصفها بأنها استخباراتية معقدة خطط لها منذ أكثر من شهر.

إسرائيل تستعيد 4 من أسراها بعد مجزرة راح ضحيتها أكثر من 200 شهيد - الأناضول

كما يلفت الطاهر في حديثه مع "العربي" من عمّان إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لجأت إلى التمويه، إذ دخلت في سيارات مدنية وبشعار شاحنة مساعدات كي تتمكن من الدخول إلى المنطقة، مشيرًا إلى أن العملية عانت أيضًا من ارتباك شديد. فقد كان من المقرر أن يتم إخلاء الأسرى والقوات المشاركة بطائرات مروحية، لكن لم تتمكن الطائرات من الهبوط بفعل المقاومة، مما دفعهم إلى الانسحاب برًا عبر السيارات وإرسال تعزيزات ترافقت مع قصف جوي ومدفعي.

ويعلق الطاهر أن هذا القصف الكثيف أدى لاستشهاد ما يزيد عن 200 فلسطيني من أجل إطلاق سراح 4 محتجزين فقط، في مجزرة كبيرة تعدّ من أكبر المجازر منذ بداية الحرب على غزة.

فيختصر الباحث في المركز العربي للأبحاث عملية النصيرات بالقول إن "إسرائيل تدعي أن ما جرى هو نصر، لكن الحقيقة هو نصر بطعم الهزيمة. إذ لم يتمكن الجيش الإسرائيلي بكل قوته وقدراته النارية والاستخبارية، وبعد اعتقال آلاف الفلسطينيين والتحقيق معهم، وبمساعدة خلية أميركية، و9 أشهر من الحرب، من إطلاق سراح سوى 4 من أصل 120 محتجز".

ويختم قائلًا: "هذا ليس إنجازًا باعتقادي، بل دليل على فشل إسرائيلي كبير بعد كل هذه المدة".

دلالات توقيت عملية النصيرات

بدوره، لا يرى الدكتور مهند مصطفى، الباحث في مركز مدى الكرمل، وجود علاقة بين توقيت العملية العسكرية في النصيرات والمستوى السياسي في إسرائيل، لا سيما مع تأجيل بيني غانتس إعلان استقالته من الحكومة اليوم.

فالأمور في إسرائيل لا تتم بهذه الطريقة وفقًا لمصطفى، وبالذات فيما يتعلق بالعمليات العسكرية. مشيرًا إلى أن غانتس علم بالعملية بلا شك قبل موعدها على الأقل بيوم واحد وأجل إعلانه بعد معرفته بها، إلا أنه لم يتم تحديد العملية بناء على توقيت الانسحاب، على حد قوله.

ولكن، يلفت مصطفى إلى أن هذه العملية ستؤثر حتمًا على المشهد السياسي الإسرائيلي على المدى القصير، وتحديدًا فيما يتعلق بمكانة حكومة نتنياهو وخيارات غانتس فيما يتعلق بالبقاء أو الخروج من حكومة الحرب.

كذلك، يعتقد الباحث في مركز مدى الكرمل أن نتنياهو هو المستفيد الأول من هذه العملية، ومن بعده المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، لا سيما بعد الانتقادات الشديدة التي تعرض لها نتنياهو والجيش فيما يتعلق بالأداء العسكري شمالي غزة، وسط نداءات لاستقالة رئيس هيئة الأركان.

ويردف مصطفى لـ"العربي" من حيفا: "استطاع نتنياهو أن يحسن شعبيته.. ويحاول أن يستغل أي نجاح لتحسين صورته.. بينما تعطي هذه العملية ذخيرة أكبر لمعارضي الذهاب إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس".

ويتابع لافتًا إلى أنه حاليًا يتم "تضخيم هذه العملية في إسرائيل وإنتاجها على أنها بطولة.. وإسرائيل الآن في لحظة احتفالية تفيد المعارضين للصفقة ونتنياهو بشكل خاص".

حقيقة نجاح عملية النصيرات

ومن اسطنبول، يشرح الكاتب والباحث السياسي أحمد الحيلة أن هذه التطورات يجب أن تُنظر في إطار بيئتها وسياق الحرب.

ويقول الحيلة في حديثه لـ"العربي"، إنه يتم الحديث عن أربعة أسرى تم إطلاق سراحهم بعملية معقدة شاركت فيها الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كل أجهزة الأمن الإسرائيلية، وربما هناك أيضًا بعض الدول التي ساهمت بمعلومات مكثفة، كانت ترصد المنطقة على مستوى التكنولوجيا والتنصت.

ويرى الباحث السياسي بالتالي أنه يمكن اعتبار عملية النصيرات إنجازًا تكتيكيًا في هذا السياق، لكنه لا يشكل تحولًا إستراتيجيًا في مسار المعركة، لا سيما وأن المقاومة ما زالت تلحق خسائر كبيرة في صفوف جيش الاحتلال.

وبالتالي، يردف الحيلة أن "المجريات في المعركة متبادلة.. لكن السياق الكلي لا يزال يؤكد على أن بيئة المقاومة ما زالت قوية ومتينة.. وعلى الرغم من أهمية هذه الخسائر، إلا أنها لا تشكل تحولًا استراتيجيًا في المسار الكلي".

ويفنّد الكاتب لـ"العربي" فكرة أن هذه العملية، على الرغم من أنها قد تبدو في بعض جوانبها نوعية وعسكرية، إلا أنها، وفقًا لاتفاقية جنيف لعام 1949، تعتبر جريمة حرب.

ويؤكد ذلك بالقول: "كيف يمكن للاحتلال الإسرائيلي، من أجل إنقاذ أربعة أرواح، أن يقتل أكثر من 200 شخص ويجرح أكثر من 400؟ هذا نوع من أنواع التوحش والبدائية المفرطة بحق المدنيين".

المصادر:
العربي
شارك القصة