الجمعة 22 نوفمبر / November 2024

"عنف جنسيّ وانتهاكات".. النضال النسويّ العربيّ لن يتوقّف

"عنف جنسيّ وانتهاكات".. النضال النسويّ العربيّ لن يتوقّف

شارك القصة

المرأة مصر
بعد عشر سنوات من الثورة في مصر لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي هي الساحة الوحيدة المتاحة لدعاة حقوق المرأة (غيتي)
بعد عشر سنواتٍ على الانتفاضات التي شهدتها عواصم عربيّة عدّة، لا يزال النساء يعانين تهميشًا وظلمًا في معظم المجتمعات العربيّة في ظلّ نضال حقوقيّ متواصل.

بعد عشر سنواتٍ على الانتفاضات الشعبيّة التي شهدتها العديد من العواصم العربيّة، لا يزال الناشطون يواجهون ضغوطًا وصعوبات لتحصيل الحدّ الأدنى من الحقوق البديهية للمواطنين، ولا سيما للنساء اللواتي يعانين تهميشًا وظلمًا في معظم المجتمعات العربيّة.

ولعلّ جرائم العنف الأسري التي باتت منتشرة في المنطقة، خير دليلٍ على ذلك، وهي جرائم تختلط فيه "العقليّة الذكوريّة" التي لا تزال مهيمنة على المجتمع بشكلٍ أو بآخر، رغم كلّ مظاهر التطور والتقدّم، و"العنف الجنسيّ" الذي تختلف أنواعه وتتفاوت أشكال التعبير منه.

وانطلاقًا من مصر إلى مختلف دول المنطقة، سلّطت صحيفة "فايننشال تايمز"، في تقريرٍ لها، نشر اليوم الأحد، الضوء على النضال الحقوقيّ للنساء العربيّات اللواتي واجهنَ تقليديًا قيودًا أكثر بكثير من الرجال، وقد كافحن لإعادة تحديد أدوارهن في المجتمع مع تزايد أعداد النساء المتخرجات من الجامعات. 

ووفقًا لتقرير "فايننشال تايمز"، لم تنجح انتفاضات العام 2011 في توفير نافذة لجيل أصغر من الناشطات الشجاعات للضغط على خطّ قضاياهنّ المُحِقّة، إذ إنّ العقد الماضي شهد ركودًا، وأصبحت المنطقة أكثر استبدادية، مع تكميم العديد من أشكال النقاش العام.

الواقع المصري

تفند الصحيفة الواقع المصري وتنطلق إلى دول العالم العربي الأخرى. وفي هذا الإطار، تضيء على قضية "فيرمونت" في مصر، باعتبارها نموذجًا عن العقبات التي تعترض طريق التغيير.

أعلن النشطاء عن حادثة الاغتصاب الجماعي في صيف 2020 عبر تطبيق "إنستغرام" على الرغم من أن الجريمة تعود فعليًا إلى العام 2014. وأشاروا إلى أن المهاجمين خدّروا الضحية في إحدى الحفلات، وصوّروا أنفسهم وهم يغتصبونها ونشروا اللقطات بين أصدقائهم. 

دفع الكشف عن المعلومات المجلس القومي للمرأة الذي عينته الدولة إلى تشجيع الضحية على تقديم شكوى رسمية وتقديم الشهود. طلب المدعي العام من الإنتربول القبض على سبعة من الشباب الجناة المتهمين، الذين ينتمي معظمهم لعائلات ثرية وذات علاقات جيدة. وقد تم القبض على ثلاثة في لبنان وترحيلهم ولم يحدد موعد المحاكمة حتى الآن.

أثار اعتقال الشهود الستة بعد أيام -جميعهم يواجهون اتهامات وبعضهم احتُجز لأشهر- الجدل في مصر، وأعقبته قصص تشهير وتسريبات لصور شخصية من هواتفهم استياء النشطاء، وألقى بظلالِه على الآمال في محاكمة تاريخية.

وسائل التواصل

لكنّ الجدل الذي أحدثته جريمة "الاغتصاب الجماعية"، على وحشيّتها يبدو استثناءً، حتى إثبات العكس. فبعد عشر سنوات من الثورة في مصر، لا تزال وسائل التواصل الاجتماعي هي الساحة الوحيدة المتاحة للناشطين الحقوقيين والنسويين، وفقًا لتقرير "فايننشال تايمز".

وتشير الصحيفة إلى أنّ النساء يعتبرن أنّ منصّات التواصل غير كافية للتأثير على السياسة وتسخير الرأي العام في سبيل تحقيق إصلاحات مهمة. وتقول مزن حسن، إحدى النشاطات: "لا يمكن أن تكون هناك حركة نسوية حقيقية بدون مجال عام".

تشير النساء في مصر أيضًا إلى مجموعة من القضايا التي يرغبن في التأثير على السياسة بشأنها، مثل التشريع الجديد حول شؤون الأسرة الذي لم يُقدَّم إلى البرلمان بعد. ويخشى البعض أن يؤدي إلى تراجع المكاسب القانونية.

هناك أيضًا قلق بشأن التهمة الغامضة والأخلاقية المتمثلة في انتهاك "قيم الأسرة المصرية" التي أدت إلى سجن فنانات يستخدمن تطبيقات مثل "تيك توك". في الوقت الحالي، ينحصر معظم النقاش حول هذه القضايا في وسائل التواصل الاجتماعي.

تلميع الصورة

رغم سوداويّة الصورة، حققت المرأة مكاسب قانونية في العقود الأخيرة حتى عندما واجهت حكومات مقيدة في عدد من البلدان العربية. تم تقديم الإنجازات التي كانت ثمرة سنوات من الضغط والنشاط، في كثير من الأحيان، بوصفها هدايا من الحكام الذين يحرصون على تلميع أوراق اعتمادهم الحديثة.

وفي هذا السياق، تقول هدى الصدة، النسوية وأستاذة الأدب في جامعة القاهرة وعضو اللجنة التي صاغت دستور البلاد لعام 2014: "تاريخيًا ، تم التلاعب بقضايا المرأة من قبل الأنظمة الديكتاتورية في مصر وأماكن أخرى في المنطقة". وترى أنّ الهدف هو جعل البلاد تبدو حديثة وكجزء من نادي الأمم المتحضر، "كما أنها كانت وسيلة لكي تشير الأنظمة إلى أنها أفضل من خصومها الإسلاميين".

رفع الوعي

تقول الصدة إنه كانت هناك فترة وجيزة في عام 2013 "عندما رأينا ضحايا العنف من الإناث تم تمكينهن من الظهور على شاشات التلفزيون العامة ورواية قصتهن بالفعل، ومن ثم أصبح الأمر قضية رأي عام. كانت هناك مناقشات عامة جادة للمرة الأولى ولم تكن هذه المناقشات القديمة نفسها التي تلقي باللوم على النساء ".

وتجادل بأن النشاط الذي شهدته تلك الفترة المضطربة زاد من وعي المجتمع بالتهديدات التي تتعرض لها المرأة. ومهّد الطريق لاعتماد مادة في دستور 2014 في عهد الرئيس عبد الفتاح  السيسي تلزم الدولة بمكافحة العنف ضد المرأة. تبع ذلك قانون يجرم التحرش الجنسي.

العالم العربي

في تونس، التي يُنظر إليها على أنها واحدة من أكثر البلدان ليبرالية اجتماعيًا والمثال الوحيد على انتقال ديمقراطي ناجح في العالم العربي، وصفت الأمم المتحدة سن قانون يهدف إلى مكافحة العنف ضد المرأة في العام 2017 بأنه "تاريخي".

لكن، يشكو النشطاء من أن التطبيق كان بطيئًا. وتشير بشرى بلحاج حميدة، المحامية والنائبة السابقة، إلى أنّ القانون "لم يكن ليبلغ هذا المستوى الشامل لولا وجود أعضاء نساء في البرلمان و ديمقراطية تعددية". 

مُنح معظم الفضل في قانون الأسرة الإصلاحي لعام 2004 في المغرب إلى الملك محمد السادس حتى لو كانت الجماعات النسائية قد قامت بحملات من أجل التحسينات لسنوات.

ويبدو أنّ النضال الحقوقيّ النسويّ، من مصر إلى مختلف الدول العربية، مستمرّ، ولو اصطدم بعقباتٍ بالجملة، يبدأ من التحديات القانونية والسياسية، ويصل إلى المعتقدات الاجتماعيّة المسيطرة.

تابع القراءة
المصادر:
فاينانشال تايمز/ التلفزيون العربي
Close