عرض وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت مساء الخميس خطته "لما بعد الحرب" في غزة. وبموجبها لن تكون هناك "لا حماس" ولا "إدارة مدنية إسرائيلية" في القطاع الفلسطيني بعد انتهاء العدوان المتواصل منذ أكثر من 90 يومًا.
وكشف غالانت أمام الصحافيين عن الخطوط العريضة لهذه الخطة قبل أن يقدّمها إلى المجلس الوزاري الحربي برئاسة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
وفي الأسابيع الأخيرة انقسم المجلس الوزاري الحربي حول المسار الواجب اتّباعه في القتال الدائر منذ ثلاثة أشهر بين الجيش الإسرائيلي وحركة حماس التي تحكم قطاع غزة منذ 2007.
مرحلة "اليوم التالي" للحرب
وقال الوزير الإسرائيلي للصحافيين إنّه وفقًا لهذه الخطة التي لم تتبنّها الحكومة بعد فإنّ العمليات العسكرية "ستستمرّ" في قطاع غزة إلى حين "عودة الرهائن" و"تفكيك القدرات العسكرية والحكومية لحماس" و"القضاء على التهديدات العسكرية في قطاع غزة".
وأضاف أنّه بعد ذلك تبدأ مرحلة جديدة هي مرحلة "اليوم التالي" للحرب والتي بموجبها "لن تسيطر حماس على غزة".
وكان وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير دعا الإثنين إلى عودة المستوطنين إلى غزة بعد انتهاء الحرب. كما دعا إلى "تشجيع" سكّان القطاع الفلسطينيين على الهجرة منه، وذلك غداة دعوة مماثلة صدرت عن زميله المتطرف وزير المال بتسلئيل سموتريتش.
لا وجود مدني إسرائيلي في غزة
لكنّ غالانت أكّد الخميس أنّه بموجب خطته "لن يكون هناك وجود مدني إسرائيلي في قطاع غزة بعد تحقيق أهداف الحرب".
وأوضح أنّ الخطة تقضي مع ذلك بأن يحتفظ الجيش الإسرائيلي بـ"حرية التحرّك" في القطاع للحدّ من أيّ "تهديد" محتمل.
وشدّد وزير الأمن الإسرائيلي على أنّ "سكّان غزة فلسطينيون. وبالتالي فإنّ كيانات فلسطينية ستتولى (الإدارة) بشرط ألا يكون هناك أيّ عمل عدائي أو تهديد ضدّ دولة إسرائيل".
ولم يحدّد غالانت من هي الجهة الفلسطينية التي يتعيّن عليها، وفقًا لخطّته، أن تدير القطاع البالغ عدد سكّانه 2.4 مليون نسمة.
تقسيم المهام الأمنية والمدنية
ويشير مراسل "العربي" في القدس عدنان جان إلى أنه بموجب الخطة فإن إسرائيل لن تتدخل مدنيًا في قطاع غزة بل ستتولى إدارة شؤون القطاع من الناحية الأمنية أي أن قوة إسرائيلية سوف تتدخل في أي وقت تريده عسكريًا داخل القطاع.
كما سيتم إسناد الشؤون المدنية إلى جهات فلسطينية توصف بأنها غير معادية لإسرائيل ويجب أن يوافق جهاز "الشاباك" عليها، وستتولى توزيع المساعدات.
ولفت المراسل إلى أن الخطة تتضمن وجود مربع مدني يحكم قطاع غزة ويتكون من كل من إسرائيل والولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية والعربية. وستتولى هذه الدول عملية إعادة الإعمار التي تصل تكلفتها بحسب التقديرات التي تم الإعلان عنها نحو 50 مليار دولار وتستغرق ما بين 7 إلى 10 سنوات. كما سيتم التحكم بمحور صلاح الدين بالتنسيق بين مصر وإسرائيل للحيلولة دون تهريب الأسلحة من سيناء إلى داخل قطاع غزة.
زيارة بلينكن
ويأتي كشف غالانت عن خطّته عشية زيارة جديدة إلى الشرق الأوسط يقوم بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن ومن بين أهدافها "تجنّب اتسّاع رقعة النزاع".
ولفت مراسل "العربي" إلى أن بلينكن يريد أن يستمع من المسؤولين الإسرائيليين حول مستقبل قطاع غزة، ولا سيما وأن الولايات المتحدة كانت قد اقترحت أن يكون للسلطة الفلسطينية دور في إدارة الأمور الأمنية على غرار الواقع في الضفة الغربية.
وفي الأسابيع الأخيرة، ناقش محلّلون سيناريوهات عدّة لما ينبغي أن يكون عليه الوضع في غزة بعد انتهاء الحرب. ومن بين هذه السيناريوهات عودة السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس إلى حُكم القطاع.
من جهته، دعا رئيس الوزراء الفلسطيني محمد أشتيّة في مقابلة نشرتها صحيفة "فايننشال تايمز" إلى "حلّ سياسي لفلسطين بأكملها" وليس لقطاع غزة فحسب.
وقال أشتية: إنّ "الناس بدأوا يتحدّثون عن اليوم التالي، عن السلطة الفلسطينية التي ستحكم غزة مجدّدًا" لكنّ إسرائيل "تريد أن تفصل سياسيًا قطاع غزة عن الضفّة الغربية".
وأضاف: "علينا أن نأخذ الروزنامة ونشطب منها عام 2024 (...) لا أعتقد أنّ إسرائيل ستخرج من غزة قريبًا، بل أعتقد أنّ إسرائيل ستنشئ إدارتها المدنية الخاصة التي ستعمل تحت سلطة جيشها المحتلّ، وبالتالي فإنّ مسألة اليوم التالي ليست واضحة (في الوقت الراهن)".