يعتمد العراقيون منذ 30 عامًا على مشروع البطاقة التموينية الذي ابتكرته الحكومة عام 1991 لمواجهة الحصار الاقتصادي.
وحظي المشروع بإشادة منظمات وخبراء اقتصاديين بفضل قدرته على انتشال العراقيين من المجاعة في ظل الحصار.
إلا أنه يشهد اليوم خللًا في إدارته وتراجعًا في كمية المواد الممنوحة للمستفيدين من البطاقة.
لا تكفي
وتنتظر أم حسين وصول الحصة التموينية، لكنها لا تعول عليها، فالمواد التي تستلمها ليست كثيرة، وهي مادة أو اثنتين في أحسن الأحوال من المواد الغذائية الأساسية التي توزعها الحكومة كالأرز والطحين والسكر والزيت.
وتقول أم حسين: "إن البطاقة التموينية لا تكفي، فالمواد قليلة بالإضافة لتأخر وصولها بين الفترة والأخرى".
فساد يشوب البطاقة التموينية
وابتكرت الحكومة العراقية برنامج الحصة التموينية، لمواجهة الحصار الاقتصادي، وبلغت قائمة المواد الموزعة 20 مادة تقريبًا، وبعد تغيير نظام الحكم عام 2003 تقلص عدد المواد كثيرًا، ووُزّعت مواد رديئة.
ويوضح أحد العاملين في برنامج البطاقة لـ "العربي" أن هناك فسادًا في ملف البطاقة التموينية، بالإضافة إلى استفادة البعض على أساس المحسوبيات لجهات سياسية أو حزبية.
ويستفيد من البطاقة التموينية 80% أو أكثر من الشعب العراقي، وحاولت الحكومة في أكثر من مرة إلغاءها لكن للأمر تبعات وخيمة، فقد حجبت البطاقة التموينية عمن يبلغ مرتبه مليون دينار. ومع هذا لم يستفد الأكثر استحقاقًا للحصة التموينية من ذلك القرار.
وتوزع الحصة التموينية مواد غذائية على مدار 30 عامًا، اعتمادًا على نظام البطاقة التموينية، ولم توفر البطاقة المواد الأساسية إلا لـ 3 أفراد من أصل 5 من العراقيين، وفق إحصائيات الأمم المتحدة.
فساد ممنهج
وحول مشاكل البطاقة، يوضح الخبير المالي والاقتصادي الدكتور ضياء المحسن من بغداد، أن تخصيصات البطاقة التموينية في عام 2005 زادت 7 مليار دولار، حيث كان تعداد العراقيين المحتاجين حوالي 3 ملايين نسمة، أما اليوم ومع زيادة عدد العراقيين المحتاجين لم تتجاوز البطاقة التموينية المليار دولار، مما يشكل مشكلة كبيرة في البلاد.
ويؤكد في حديث لـ "العربي"، أن البطاقة التموينية يشوبها فساد ممنهج، في ظل وجود الكتل السياسية في العراق وسياسة المحاصصة بالإضافة إلى علاقة التجار مع الأحزاب المسلحة من خلال دفع الأتاوة، مما يؤثر على البطاقة والعراقيين بشكل أو بآخر.
ويشير المحسن إلى عملية الاستيراد التي تشكل إضافات مالية على المواد المستوردة، لا سيما تلك غير المراقبة.
وحول قرار استثناء العائلات التي يزيد دخلها عن 1.5 مليون دينار عراقي من البطاقة التموينية، يسأل المحسن عن النسبة التي تشكلها هذه العائلات بالنسبة لعدد العراقيين.
ويطلب من الحكومة العراقية تدارك مشاكل البلاد لا سيما مع ارتفاع سعر صرف الدولار بالنسبة للعملة المحلية التي أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وانخفاض القدرة الشرائية للعائلة العراقية.