يسعى المرشّح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الأميركية دونالد ترمب إلى تأجيل النطق بالحكم ضدّه في قضية دفعه أموالًا لإسكات ممثلة الأفلام الإباحية السابقة ستورمي دانييلز، والمتوقّع صدوره في 18 سبتمبر/ أيلول المقبل.
وعندما فاز ترمب بترشيح الحزب الجمهوري للرئاسة في مارس/ آذار الماضي، كان يُواجه اتهامات جنائية في أربع قضايا منفصلة.
وحتى الآن، أُدين دونالد ترمب بـ34 تهمة جنائية في قضية تزوير السجلات التجارية. لكنّ هذا الحكم أصبح الآن معلّقًا، بعد أن قضت المحكمة العليا خلال الشهر الماضي، بأنّ ترمب يحقّ له التمتّع بالحصانة من الملاحقة الجنائية عن الأعمال الرسمية التي قام بها كرئيس.
وأثار حكم المحكمة تساؤلات حول جدوى ملاحقتين قضائيتين أخريين ضد ترمب، إحداهما رفعتها وزارة العدل والأخرى ولاية جورجيا، وكلاهما بتهمة التآمر لإلغاء خسارته في الانتخابات عام 2020.
أما القضية الرابعة المتعلّقة بمزاعم سوء التعامل مع وثائق سرية، فقد رفضتها القاضية إيلين كانون في 15 يوليو/تموز الماضي، على الرغم من أنّ وزارة العدل استأنفت القرار.
وذكرت وكالة "بلومبرغ" أنّ هذه التقلّبات القانونية قد تؤدي إلى تقليص احتمالات إنهاء أي من هذه القضايا قبل تنصيب الرئيس الأميركي المقبل في يناير/ كانون الثاني المقبل، مشيرة إلى أنّه في حال فوز ترمب بالانتخابات، فمن المتوقّع أنّ يسعى إلى إسقاط أي قضايا متبقية ضده أو تعليقها.
وبما أنّ السجل الجنائي النظيف ليس شرطًا أساسيًا للترشّح لانتخابات الرئاسة الأميركية، فإنّه يُمكن حتى لمجرم مدان أن يشغل المنصب؛ وهو ما ينطبق على ترمب في حال إدانته.
كيف يمكن لترمب "الرئيس" إسقاط القضايا أو تعليقها؟
فإذا أدى ترمب اليمين الدستورية كرئيس قبل صدور حكم في قضية فيدرالية، يمكنه أن يأمر وزارة العدل بتقديم طلبات إلى المحكمة لرفض الادعاء.
ووفقًا لوكالة "بلومبرغ"، من المفترض أن تستند مثل هذه الطلبات إلى مواقف سابقة اتخذها مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل.
واستشهدت الوكالة بالآراء الصادرة عام 1973، عندما كان الرئيس ريتشارد نيكسون يخضع لتحقيق جنائي في فضيحة "ووترغيت"، وتحقيقات عام 2000، مع الرئيس الأسبق بيل كلينتون وزوجته هيلاري في قضايا تتعلّق بأعمالهما التجارية بولاية أركنساس، حيث قال مكتب المستشار القانوني في وزارة العدل إنّ توجيه الاتهام أو مقاضاة رئيس في منصبه، من شأنه أن يقوّض بشكل غير دستوري قدرة السلطة التنفيذية على العمل.
وإذا رفض القضاة طلبات ترمب، قال جون سايل المدعي الفيدرالي السابق الذي عمل كمستشار خاص أثناء تحقيق "ووترغيت"، للوكالة: "في هذه الحال، يُمكن للنائب العام الاستئناف أو ببساطة رفض المشاركة في الدعوى القضائية".
أما في حالة إدانة ترمب في قضية فيدرالية قبل يوم التنصيب، وهو أمر غير مرجّح، فيقول أستاذ كلية الحقوق في جامعة بوسطن جيد شوجيرمان، الذي تركز أبحاثه على السلطة التنفيذية والنيابة العامة، إنّه يُمكن لترمب "استئناف الحكم، وكرئيس يُمكنه أن يأمر المدعي العام بعدم الرد على الاستئناف. وفي مثل هذه الحالة، سيتم رفض القضية".
وفي حين لا يستطيع ترمب في حال إعادة انتخابه، أن يأمر المدعي العام بإسقاط القضايا في محاكم ولاية، يُمكنه أن يطلب من وزارة العدل أن تطلب من القاضي تعليق الإجراءات أثناء تواجده في منصبه. وإذا رفض القاضي، يمكن لوزارة العدل تقديم استئنافات إلى المحكمة العليا.
هل يستطيع ترمب الرئيس إصدار عفو عن نفسه؟
وتنطبق السلطة الدستورية للرئيس في "منح الإعفاءات والعفو عن الجرائم المرتكبة ضد الولايات المتحدة" فقط على الجرائم الفيدرالية، لا على الإدانات بتهم على مستوى الولاية.
وتتمتّع حاكمة نيويورك الديمقراطية كاثي هوتشول، بسلطة منح العفو في القضية المرفوعة ضد ترمب في ولايتها؛ لكنّها وفقًا لبلومبرغ "ليست من محبي ترمب".
وفي جورجيا، يصدر العفو عن مجلس الولاية، وبالتالي لا يُمكن لمقدّمي الطلبات طلب العفو إلا بعد خمس سنوات من إكمال عقوبة السجن.
وأوضحت "بلومبرغ" أنّ خبراء القانون يختلفون حول ما إذا كان بإمكان الرئيس العفو عن نفسه في حالة الملاحقات القضائية الفيدرالية؛، إذ لم يُجرّب أي رئيس الأمر من قبل.
وفي هذا الإطار، يُشير البعض إلى النصيحة التي قدّمها مكتب المستشار القانوني للرئيس نيكسون عام 1974 حول فضيحة "ووترغيت"، ومفادها أنّه "بموجب القاعدة الأساسية التي تنصّ على أنه لا يجوز لأحد أن يكون قاضيًا في قضيته الخاصة، لا يستطيع الرئيس أن يعفو عن نفسه".
هل يمكن إرسال ترمب الرئيس إلى السجن؟
قال سايل إنّه "إذا حُكم على ترمب بالسجن في قضية ولاية، فمن المرجّح أن تُقدّم وزارة العدل اقتراحًا قانونيًا بحجة أنّه من غير المناسب وغير الدستوري سجن رئيس في منصبه".
ووفقًا لسايل، تعتمد هذه الحجة على ما يُسمّى "بند السيادة في الدستور"، والذي يمنع الولايات من التدخّل في ممارسة الحكومة الفيدرالية لسلطاتها الدستورية.
أما إذا رفض القاضي تأجيل عقوبة السجن، فأوضح سايل أنّه يُمكن لوزارة العدل أن تسعى إلى نقل القضية إلى المحكمة الفيدرالية ورفضها.
وأوضح سايل أنّه "لا يمكن أن يقبع القائد الأعلى للبلاد وأقوى شخص في العالم، في سجن إحدى الولايات الأميركية الـ50".