عبّرت حركة "النهضة" التونسية عن قلقها ممّا وصفته بالغموض المحيط بمستقبل تونس، بعد قرار الرئيس قيس سعيّد تمديد إجراءات الطوارئ التي أعلنها قبل شهر حتى إشعار آخر.
وفي ساعة متأخرة من مساء الإثنين، قالت الرئاسة التونسية: إن سعيد قرّر تمديد الإجراءات حتى إشعار آخر، ولم تُقدّم مزيدًا من التفاصيل، لكنها أضافت أن الرئيس سيلقي كلمة في الأيام المقبلة.
كما نشرت الرئاسة التونسية مقطعًا مصوّرًا لسعيّد، خلال لقائه مع وزير التجارة الثلاثاء، قال فيه: إن المؤسسات السياسية، بالشكل الذي كانت تعمل به، تشكّل "خطرًا جاثمًا على الدولة"، معتبرًا أنّ البرلمان نفسه "خطر على الدولة".
حركة النهضة تدعو لاستئناف المسار الديمقراطي
ودعت حركة النهضة، في بيانها، إلى إنهاء ما وصفته بـ"الاعتداء على الحقوق الدستورية للمواطنين وانتهاكها عبر الاعتقالات وقيود السفر".
وعبّرت "النهضة" عن "قلقها من الغموض الذي يكتنف مستقبل البلاد، بعد الأمر الرئاسي بالتمديد، الذي يلغي مراقبة البرلمان الذي يمنح الدستور لرئيسه أو 30 من أعضائه حق طلب إنهاء الإجراءات الاستثنائية".
ودعت مجددًا إلى استئناف المسار الديمقراطي المُعطّل منذ 25 يوليو/ تموز 2021 والعودة السريعة إلى العمل في مؤسسات الدولة، كما ينصّ على ذلك الفصل 80 من الدستور، واعتماد الحوار سبيلًا وحيدًا لحلّ المشاكل.
وجدّدت "تمسّكها بموقفها المبدئي" الذي يعتبر تعليق اختصاصات مجلس نواب الشعب ورفع الحصانة عن النواب، "خرقًا جسيمًا للدستور، ومخالفة صريحة لمقتضيات الفصل 80 منه في التنصيص على إبقاء المجلس في حالة انعقاد دائم".
أين أصبحت خارطة الطريق؟
وكان حزب النهضة، أكبر حزب في البرلمان التونسي، قد وصف قرارات سعيّد وسيطرته على السلطات الحاكمة وتجميد عمل البرلمان، بأنها "انقلاب"، لكن البيانات الصادرة عن الحزب مؤخرًا تكتفي بوصف الخطوات بأنها انتهاك للدستور.
ولم يُعيّن سعيّد رئيسًا للوزراء أو حكومة، كما لم يُعلن المسار الذي سيتّبعه، رغم مرور شهر على قراراته، وسط تكهنات واسعة النطاق بأنه يعتزم إعادة صياغة الدستور الديمقراطي الصادر عام 2014.
وخلال الشهر المنصرم، أقال سعيد مسؤولين في الحكومة الوطنية والحكومات الإقليمية والوكالات الأمنية وغيرها من الهيئات.
ومن بين القرارات التي أعلنها سعيد في 25 يوليو/ تموز رفع الحصانة عن نواب البرلمان. ومنذ ذلك الحين، أُلقي القبض على عدد من النواب، فيما وُضِع آخرون رهن الإقامة الجبرية في المنزل لاتهامات مختلفة.
وحثّت الولايات المتحدة وفرنسا والاتحاد العام التونسي للشغل، وأحزاب سياسية تونسية سعيّد على الإسراع بتعيين حكومة وإعطاء صورة عن خططه للمستقبل.
جدل حول القرارات
وأثار تمديد سعيّد لقراراته جدلًا بين القوى السياسية والمدنية التونسية بين مؤيد ومعارض.
وقال عضو المكتب السياسي لحركة الشعب حافظ سواري لـ"العربي": إنّ التمديد "ضروريّ" نظرًا لوجود بعض العقبات المستمرّة منذ سنوات.
وبالتزامن مع قرار الرئيس، أعلنت حركة النهضة إعفاء أعضاء مكتبها السياسي، في خطوة تُشير إلى تغيّر تعامل الحركة مع الأزمة الحالية.
وقال الصحافي التونسي سرحان الشيخاوي لـ"العربي": إن خطوة الحركة هي محاولة لإنتاج واجهة جديدة، لاعتبارات عدة أهمها أن الراي العام التونسي يرفض الواجهة الحالية للحركة.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي غسان المرزوقي أن التمديد لأجل غير مسمّى لم يكن أمرًا مفاجئًا لمتابعي الشأن التونسي.
وأضاف المرزوقي، في حديث إلى "العربي"، من تونس، أن سعيّد يواصل مشروعه عبر حلّ البرلمان، واقتراح دستور جديد وفقًا لرؤيته الشخصية، دون مشاورات أو حوار مع أي من الأطراف السياسية في البلاد.
وأشار إلى أن الديمقراطية في تونس معلّقة وفي خطر، لأن ما يقوم به الرئيس يُهدّد كل ما بناه الشعب التونسي على مدى 10 سنوات بعد الثورة.