أصدر المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت القاضي طارق بيطار مذكرة توقيف غيابية بحق وزير الأشغال والنقل السابق يوسف فنيانوس، بعد تخلّفه عن حضور جلسة استجواب كانت محددة اليوم الخميس.
وجاء إصدار المذكرة غداة دعوة 145 جهة من منظمات حقوقية لبنانية ودولية وناجين وعائلات الضحايا مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة، وسط مخاوف من ضغوط سياسية متزايدة تعرقل تقدّم التحقيق المحلي.
لا استجابة لطلبات المحقق العدلي
وكان المحقق العدلي قد حدد في يوليو/ تموز موعدًا لاستجواب رئيس الحكومة السابق حسان دياب، كما طلب من البرلمان رفع الحصانة عن ثلاثة نواب تولوا سابقًا مناصب وزارية هم علي حسن خليل (المال) غازي زعيتر (الأشغال) ونهاد المشنوق (الداخلية) "تمهيداً للادعاء عليهم والشروع بملاحقتهم".
كما طلب بيطار من نقابة المحامين في طرابلس (شمال) منحه الإذن لملاحقة فنيانوس، ومن وزير الداخلية منحه الموافقة للادعاء على المدير العام للأمن العام اللواء عبّاس إبراهيم.
ولم يحضر أي من المسؤولين المذكورين إلى جلسات الاستجواب، مع رفض الجهات المعنية طلبات بيطار الذي يواجه اتهامات متزايدة بـ"التسييس" من قوى سياسية رئيسة على رأسها حزب الله، وتجمّع رؤساء الحكومات السابقين، بينهم زعيم تيار المستقبل سعد الحريري، خصوصًا منذ ادعائه على دياب.
مغادرة دياب لبنان في "زيارة عائلية"
وقبل أيام، غادر دياب الذي كان من المقرر أن يستجوبه بيطار الإثنين المقبل إلى الولايات المتحدة، في "زيارة عائلية"، رغم صدور مذكرة إحضار بحقّه، ما يعني أنه سيتغيب مجددًا عن جلسة الاستجواب.
وإثر صدور مذكرة التوقيف، قال محامي فنيانوس، نزيه الخوري لوكالة فرانس برس: "ما حصل اليوم مخالفة فاضحة للقانون والأصول القضائية، ونحن بصفتنا فريق دفاع بصدد دراسة الخيارات التي قد نلجأ إليها في الأيام المقبلة والتي يتيحها لنا القانون".
تنديد بمحاولات "التشكيك في حيادية" التحقيق
إلى ذلك نددت منظمات حقوقية وعائلات الضحايا والناجين في رسالة مشتركة إلى الأمم المتحدة نشرتها، الثلاثاء الماضي، بمحاولة القادة السياسيين "التشكيك في حيادية" بيطار واتهامه بأنه "مُسيّس".
وشددت الرسالة على أن "تقاعُس التحقيق المحلي عن ضمان المحاسبة يُبيّن بوضوح ثقافة إفلات المسؤولين من العقاب التي طالما وُجدت في لبنان".
وأضافت: "عرقلة السلطات المخزية لمسعى الضحايا إلى معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة تُعزز الحاجة إلى تحقيق دولي في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة".
مسؤولون على دراية بمخاطر التخزين بالمرفأ
ومنذ وقوع الانفجار، رفضت السلطات اللبنانية تحقيقًا دوليًا، لكن محققين فرنسيين وأميركيين شاركوا في التحقيقات الأولية بشكل مستقل.
وأدى انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس/ آب من العام الماضي، وعزته السلطات إلى تخزين كميات كبيرة من نيترات الأمونيوم من إجراءات وقائية، إلى مقتل 214 شخصًا على الأقل وإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن دمار واسع ألحقه بالمرفأ وأحياء في العاصمة.
وتبيّن لاحقًا أن مسؤولين على مستويات عدة سياسية وأمنية وقضائية كانوا على دراية بمخاطر تخزين هذه المادة ولم يحركوا ساكنًا.