الخميس 3 أكتوبر / October 2024

قمة باريس لميثاق مالي عالمي جديد.. هل العناوين المطروحة قابلة للتطبيق؟

قمة باريس لميثاق مالي عالمي جديد.. هل العناوين المطروحة قابلة للتطبيق؟

شارك القصة

حلقة من برنامج "للحبر بقية" تسلط الحلقة الضوء على قمة باريس التي تسعى لإعادة صياغة النظام الاقتصادي العالمي ومواجهة الفقر واحترار المناخ (الصورة: غيتي)
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى صدمة مالية عامة، بينما كان الأمين العام للأمم المتحدة متشائمًا حيال الاختلالات التي أصابت النظام المالي العالمي.

بمشاركة عشرات الدول والمنظمات العالمية، تحتضن العاصمة الفرنسية باريس قمة عالمية تهدف إلى إنعاش النظام المالي العالمي المتأزم وإعادة تشكيله كما يقول منظموه.

كما يهدف هذا المؤتمر إلى الخروج بميثاق مالي عالمي جديد والحصول على وفاء لتحقيق الغايات المتشابكة، وتحديدًا مشاكل الفقر والجوع واحترار الكوكب وما يتبعه من تغيرات مناخية.

وبكلمة خلال افتتاح القمة، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى صدمة مالية عامة ملتصقة بزيادة التمويل الخاص من أجل مساعدة الدول الفقيرة على الصمود بوجه تهديدي الفقر واحترار المناخ.

في المقابل، بدا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش متشائمًا حيال الاختلالات التي أصابت النظام المالي العالمي بشكله الحالي، قائلًا إن هذا النظام الذي يدير أصولًا مالية بنحو 300 تريليون دولار غير مناسب، لافتًا إلى أن الصدمات التي يتعرض لها هذا النظام تنعكس بصورة غير عادلة على الدول الأكثر فقرًا.

غوتيريش اعترف بكل صراحة أمام الحضور أن الدول النامية لم تملك الموارد الكافية للتعامل مع التطورات الناجمة عن الأزمات المتوالية ولا سيما الأزمة الأوكرانية.

وعلى الرغم من أن فرنسا نفسها لا تتوقع نتائج ملموسة من القمة سوى عدد من التوصيات التي يمكن أن ترسم خارطة طريق لما هو قادم، فقد بدأت بالفعل تساؤلات كثيرة حول ماهية الدعوة الفرنسية إلى إنعاش النظام المالي بصورته الحالية وواقعية المقترحات المطروحة وإمكانية تطبيقها على أرض الواقع خاصة في البلدان النامية التي تواجه العديد من الأزمات والكوارث، إضافة إلى نكث الدول الصناعية المتكرر لعهودها.

تداعيات الأزمات في العالم تنتقل كالعدوى

وفي هذا الإطار، ذكّر الأكاديمي والباحث الاقتصادي حسن عبيد أن فكرة هذا المؤتمر أتت للنظر إلى ما آلت إليه الأمور على مستوى الديون التي ترزح تحتها الدول الفقيرة والنامية.

واعتبر في حديث إلى "العربي" من باريس أن هناك معرفة حقيقية وواضحة عند المسؤولين في الدول المتقدمة بأهمية هذا الموضوع، لافتًا إلى أن الدراسات الاقتصادية كافة تؤكد أن أي خلل في دولة معينة سيؤدي إلى مثله في الدول الأخرى، وبالتالي لا بد أن تكون كل الدول في "صحة جيدة" لينعكس الأمر إيجابيًا على النظام العالمي. 

عبيد قال: إن "الدعوة لهذا المؤتمر لم تأت حبًا أو عطفًا أو خوفًا على الدول الفقيرة بقدر ما جاءت بسبب خوف الدول المتطورة من أن تأتيها العدوى يومًا ما".

وأعطى مثالًا على ذلك الهجرة غير النظامية التي تنتقل إلى أوروبا، لافتًا إلى أن التغير المناخي القاسي وما ينجم عنه من عدم قدرة المواطنين في الدول الفقيرة على الحصول على الكهرباء والغذاء هو أيضًا سبب رئيسي لانتقال الأشخاص وهجرتهم من المناطق والدول الفقيرة إلى الدول الغنية.

ووصف كلام غوتيريش الذي تحدث عن أن السياسات النقدية والمالية العالمية تتسم باللاأخلاقية في العمل، بـ"الخطير، مشددًا على أن على الدول المتطورة إعادة النظر بما قامت به ودراسة الفترة الماضية وما مرت به من جائحة كورونا وحرب أوكرانيا، ووضع حل مناسب لما آلت إليه الأمور.

"شعارات أكبر من المخرجات" في مؤتمر باريس

بدوره، لفت الباحث في الاقتصاد السياسي زاهر الأزرق إلى أن إفريقيا أصبحت ساحة حرب اقتصادية مفتوحة بين الغرب والصين بعدما ازداد ثقل بكين الاقتصادي شيئًا فشيئًا في هذه القارة.

وأوضح من الرباط أن الصين كرست نفسها باعتبارها أول دائن للدول الإفريقية من حيث حجم الديون المستحقة، ومعظم هذه الأموال توجهت نحو مشاريع البنى التحتية.

وقال: إن بكين تدير عددًا كبيرًا من الموانئ والقواعد في إفريقيا، وتدخل في مجموعة من الشراكات في القارة السمراء، واكتسحت عددًا من المجالات بعدما كانت تسيطر عليها دول أخرى كفرنسا التي ينحسر وجودها الاقتصادي شيئًا فشيئًا في إفريقيا بحسب تعبيره.

وأكد أن الصين كرست اليوم هذه الهيمنة عبر طريق الحرير الذي انضم إليه عدد كبير من الدول الإفريقية، معتبرًا أنه لا يمكن تصور إعادة تشكيل المشهد المالي والاقتصادي العالمي الذي تحدث عنه ماكرون من دون أن تكون الصين حاضرة فيه بقوة.

الأزرق خلُص إلى أن الشعارات ستكون أكبر من مخرجات مؤتمر باريس خصوصًا مع الحديث عن إعادة تشكيل المشهد المالي والاقتصادي، معتبرًا أن "هذا الأمر لا يمكن أن يتم بسهولة لأننا أمام مشهد اقتصادي معقد".

"خيبة الأمل من الغرب"

نائب رئيس تحرير مجلة نيوزويك الأميركية توماس أوكونور أكد أن التغير المناخي كان مرتبطًا بالمشاكل التي تعاني منها دول الجنوب لأنها الأكثر تأثرًا من تغير المناخ ولا تمتلك الأدوات اللازمة لمواجهتها، وهي الأقل مساهمة في تغير المناخ أيضًا.

وأشار في حديث إلى "العربي" من نيويورك إلى أن الدول الغربية والأنظمة المالية والهندسات المالية التي وضعت في المؤسسات الأميركية والغربية ساهمت بنشوء بعض البدائل، لافتًا إلى أن الصين ليست المستثمر الأكبر في إفريقيا وإنما في العالم أيضًا.

أوكونور رأى أن هذا الأمر يحصل بسبب خيبة الأمل من الغرب وتقديماته، متحدثًا عن غياب الخطط الملموسة على الأرض في هذا المجال.

تابع القراءة
المصادر:
العربي
Close