الثلاثاء 19 نوفمبر / November 2024

قمح العراق في خطر.. هل يدفع المزارعون ثمن إستراتيجية الحكومة الزراعية؟

قمح العراق في خطر.. هل يدفع المزارعون ثمن إستراتيجية الحكومة الزراعية؟

شارك القصة

تقرير يرصد تداعيات الجفاف والحرب في أوكرانيا على القطاع الزراعي في العراق (الصورة: اسوشيتد برس)
اعتبرت الحكومة العراقية أن تغيير طرق الري ضروري، كما أن ندرة المياه لا تترك لها أي خيار "سوى الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمسرفة".

بعد ارتفاع أسعار القمح عالميًا نتيجة الهجوم الروسي على أوكرانيا، يعتبر المزارعون العراقيون أنهم يدفعون ثمن قرار الحكومة بقطع الري عن المناطق الزراعية بنسبة 50%.

ويعاني العراق من نقص حاد في المياه، ناجم عن ارتفاع درجات الحرارة والجفاف بسبب تغيّر المناخ، واستهلاك الدول المجاورة المستمر لمياه نهري دجلة والفرات، الأمر الذي أدى إلى ضعف شديد في إنتاج القمح.

وذكرت وكالة "اسوشيتد برس" أنه في مواجهة نقص المياه، لم تتمكّن الحكومة العراقية من معالجة القضايا الأخرى التي تمّ إهمالها لفترة طويلة. وأُلقي اللوم على التصحّر باعتباره عاملًا وراء موجة العواصف الرملية التي ضربت العراق هذا العام بلا هوادة.

وفي الأشهر القليلة الماضية، تعرّض العراق لحوالي 10 عواصف رملية، غطت المدن بغطاء كثيف من الغبار البرتقالي، وأوقفت الرحلات الجوية وأدت إلى دخول آلاف الأشخاص إلى المستشفيات.

انخفاض منسوب دجلة والفرات

وقال عيسى فياض، مسؤول رفيع في وزارة البيئة العراقية: "نحتاج إلى المياه لحل مشكلة التصحّر، لكننا نحتاج أيضًا إلى المياه لتأمين إمداداتنا الغذائية. وليس لدينا ما يكفي لكليهما".

ويعتمد العراق على نهري دجلة والفرات في تلبية جميع احتياجاته المائية تقريبًا، وينبغ كلاهما من تركيا وإيران اللتين قامتا ببناء سدود، ما تسبّب في نقص كبير في المياه بالعراق.

وكشف وزير الموارد المائية مهدي رشيد، لوكالة "أسوشيتد برس"، أن منسوب النهرين أقل بنسبة 60% مقارنة بالعام الماضي.

ويعاني المزارع صلاح شيلاب من تداعيات نقص المياه. يمتلك شيلاب 40 دونمًا من الأراضي الزراعية في جنوب بغداد، لكنه لم يتمكّن من ري ربعها، بعد أن فرضت وزارة الزراعة حصصًا محدّدة خلال موسم الزراعة.

ويخشى المزارع من أن المحصول الذي زرعه سيموت من دون ماء"، فندرة المياه تعني حجمًا أصغر لحبة القمح، ومحاصيل أقلّ.

نظام غير فعّال

ويروي شيلاب محاصيله بمياه الأمطار، وعبر قناة تمّ تحويلها من نهر الفرات. لكن بسبب انخفاض مستويات هطول الأمطار، فقد اضطر إلى الاعتماد على مياه النهر خلال موسم النمو.

لكن الحكومة العراقية اعتبرت أن تغيير طرق الري ضروري، لأن النظام الحالي غير فعّال وغير مستدام لعقود. ولا تترك ندرة المياه لها أي خيار "سوى الضغط لتحديث تقنيات الزراعة القديمة والمسرفة".

وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة العراقية حميد النايف: "لدينا خطة إستراتيجية لمواجهة الجفاف نظرًا لشحّ الأمطار والاحتباس الحراري، وانخفاض مستوى مياه الري من الدول المجاورة"، مضيفًا "لم نحصل على نصيبنا من استحقاقات المياه".

واتخذت الوزارة إجراءات لابتكار أنواع جديدة من القمح المقاوم للجفاف، وإدخال طرق لزيادة إنتاجية المحاصيل.

وقال النايف: "ما زلنا نتعامل مع أنظمة الري التي كان معمولًا بها في الخمسينيات، وهي لا تمثل شيئًا للمزارعين، يجب على الدولة أن تجعل هذه الأنظمة فعّالة، ويجب أن نجبر المزارع على قبولها".

انخفاض في المحصول

وتاريخيًا، اعتمد المزارعون العراقيون بشكل كبير على الدولة في إنتاج الغذاء، وهو اعتماد قال صنّاع القرار والخبراء إنه يستنزف الأموال الحكومية.

وتدعم وزارة الزراعة المزارعين من خلال توفير كل شيء من أدوات الحصاد والبذور والأسمدة والمبيدات بسعر مدعوم أو مجانًا، إلى المياه المحوّلة من الأنهار للريّ دون أي تكلفة. كما تقوم وزارة التجارة بتخزين أو شراء المنتجات من المزارعين وتوزيعها على الأسواق.

ويعتبر القمح محصولًا إستراتيجيًا رئيسيًا، حيث يمثل 70% من إجمالي إنتاج الحبوب في العراق. لكن في العام الماضي، خفّضت وزارة الزراعة دعم الأسمدة والبذور والمبيدات، في خطوة أثارت غضب المزارعين.

ويتراوح الطلب المحلي على القمح ما بين 5 إلى 6 ملايين طن سنويًا، لكن الإنتاج المحلي يتقلّص سنويًا. وأفادت وزارة الزراعة بأن الانتاج المحلي بلغ 4.2 مليون طن من القمح عام 2021، بينما كان 6.2 مليون طن عام 2020.

لكن النايف قال: "قد نحصل اليوم على 2.5 مليون طن في أحسن الأحوال، الأمر الذي يتطلّب من العراق زيادة الواردات"، موضحًا أنه يوجد حاليًا 373 ألف طن قمح فقط في مخازن وزارة التجارة.

ولتلبية المتطلبات المحلية وسط الأزمة العالمية الأخيرة في سوق الحبوب، غيّرت الحكومة مؤخرًا سياستها للسماح لجميع المزارعين العراقيين ببيع منتجاتهم إلى صوامع وزارة التجارة، بعد أن كان الأمر يقتصر، في السابق، على المزارعين الذين يعملون ضمن خطة الحكومة.

وبينما يستعد شيلاب لنقل قمحه إلى صوامع وزارة التجارة، أقرّ بأن المزارعين يحتاجون إلى تطوير أنفسهم، لكنّه أكد أن التغيير يجب أن يكون "تدريجيًا وليس فوريًا".

تابع القراءة
المصادر:
العربي - ترجمات
تغطية خاصة
Close