أعلن المفوّض السامي للجمهورية الفرنسية في كاليدونيا الجديدة لوي لو فران، اليوم الإثنين، ترحيبه بـ"نجاح" بداية عملية واسعة النطاق لقوات الدرك ضد حواجز الطرق بين نوميا والمطار الدولي، بينما رفض الاستقلاليون التخلّي عن إقامة هذه الحواجز التي أدّت إلى شلل في الأرخبيل الواقع في المحيط الهادئ.
وبعثت فرنسا ألف عنصر أمني إلى الإقليم الذي هزّته سبع ليالٍ من أعمال العنف التي خلّفت ستة قتلى، من بينهم اثنان من عناصر الدرك، إضافة إلى مئات الجرحى.
وأفاد لو فران في بيان بأنّ الدولة الفرنسية قامت "بتنسيق عملية تهدف إلى استعادة السيطرة الكاملة على المحور الرئيسي الذي يربط نوميا بمطار لا تونتوتا الدولي".
وشرح أن "هذه العملية ناجحة بعدما تمت إزالة 76 حاجزًا بفضل استنفار قوى الأمن الداخلي والشركات الخاصة والإمكانات المادية المنتشرة على الأرض".
ويأتي ذلك فيما يستعدّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لرئاسة اجتماع جديد لمجلس الدفاع والأمن الإثنين.
اعتراض على إصلاح دستوري
واندلعت أعمال الشغب الأخيرة في كاليدونيا الجديدة التي يبلغ عدد سكانها 270 ألف شخص، بعد إقرار إصلاح دستوري يهدف إلى توسيع عدد من يُسمح لهم بالمشاركة في الانتخابات المحلية ليشمل كلّ المولودين في كاليدونيا والمقيمين فيها منذ ما لا يقل عن عشر سنوات. ويرى المنادون بالاستقلال أنّ ذلك "سيجعل شعب كاناك الأصلي أقلية بشكل أكبر".
وفي تحدّ للعملية الأمنية التي تنفّذها القوات الفرنسية، أكد مؤيدو الاستقلال ومعظمهم من السكان الأصليين الكاناك، أنّهم لن يستسلموا. وأفاد صحافيو وكالة "فرانس برس" بأنّ بعض الحواجز التي أزالتها قوات الأمن، أقيمت مجددًا من قبل الاستقلاليين.
وأفاد مراسلو "فرانس برس" أنّ شاحنة صغيرة مرّت عبر إحدى ضواحي نوميا وعلى ومتنها حوالي عشرة رجال ملثّمين ومقنّعين.
وكان بالإمكان سماع إطلاق قوات مكافحة الشغب للغاز المسيل للدموع أو رذاذ الفلفل في إحدى ضواحي نوميا، بينما أدى حريق إلى تحويل مبنى إحدى الشركات إلى رماد.
وسيبقى مطار نوميا مغلقًا أمام الرحلات الجوية التجارية حتى الخميس، حسبما أفاد مديروه، وذلك على الرغم من طلبات أستراليا ونيوزيلاندا إجلاء رعاياهما.
وفيما أشاد مفوّض الجمهورية الفرنسية بـ"نجاح" العملية الأمنية، فقد أكد أنّه "ستتم إزالة حطام السيارات... في الأيام المقبلة لضمان فتح الطريق".
غير أنّ "خلية تنسيق العمل الميداني" وهي المجموعة الأكثر تطرّفًا في "جبهة تحرير شعب الكاناك الاشتراكية" شدّدت على أنّها "ستُبقي" الحواجز في مكانها. وكان وضع عدد من قادة الخلية قيد الإقامة الجبرية بعد اندلاع أعمال العنف.
"معاناة التمييز لفترة طويلة"
وقالت المجموعة في بيان إنّ حواجز الطرق ستمنع مرور جميع المركبات أثناء حظر التجوّل الليلي باستثناء حالات الطوارئ الصحية وعناصر الإطفاء.
وأضاف البيان أنّ سكان الكاناك الأصليين عانوا من التمييز لفترة طويلة جدًا، مشيرًا إلى أنّ المجموعة تسعى إلى حلّ سلمي، بينما انتقدت خطّة "الدولة الاستعمارية" الفرنسية لتوسيع حقوق التصويت.
قالت لولوا سافيا وهي من أحد السكان، إنّ "الجزر مشتعلة بالتأكيد، لكن علينا أن نتذكر أنّهم حاولوا أن يُسمعوا صوتهم منذ وقت طويل ولم يؤد ذلك إلى شيء".
وأضافت: "كان لا بدّ من أن يتدهور الوضع حتى تتمكن الدولة من رؤيتنا وحتى يتمكن السياسيون من رؤيتنا".
وتقول السلطات إنّه تمّ توقيف حوالي 240 شخصًا، بينما تقطّعت السبل بحوالي 3200 سائح ومسافر في الأرخبيل الذي يقع على بعد أكثر من ألف كيلومتر شرق أستراليا.
دراسة تمديد حالة الطوارئ
ويدرس رئيس الحكومة الفرنسية غابرييل أتال تمديد حالة الطوارئ، التي فُرض بموجبها حظر تجوّل وحظرٌ على تيك توك، إلى ما بعد الأيام الـ12 الأولى. وسيتطلّب ذلك موافقة مجلسي البرلمان الفرنسي. وتعدّ كاليدونيا الجديدة مستعمرة فرنسية منذ أواخر القرن التاسع عشر.
وبعد حوالي قرنين، لا يزال يهيمن على سياستها جدل بشأن ما إذا كان ينبغي أن يكون الأرخبيل جزءًا من فرنسا أو أن يتمتع بحكم ذاتي أو باستقلال، وسط انقسام الآراء على أساس عرقي.
ويشكل سكان الكاناك الأصليون حوالي 40% من مجموع السكان، لكنّهم أكثر فقرًا من غيرهم. وتقول جماعات الكاناك إنّ لوائح التصويت الجديدة ستُضعف أصوات السكان الأصليين.
والأحد، دعا رؤساء الحكومات في أربع أقاليم فرنسية أخرى في ما وراء البحار، وهي لا ريونيون في المحيط الهندي وغوادلوب ومارتينيك في البحر الكاريبي وغويانا الفرنسية في أميركا الجنوبية، إلى سحب إصلاح التصويت.
من جهتها، طعنت جماعات الحريات المدنية في حظر تيك توك، ومن المقرّر عقد جلسة استماع في باريس في أعلى محكمة إدارية في فرنسا الثلاثاء.