بعد طوابير البنزين والدواء والمصارف وغيرها، انتقل اللبنانيون للاصطفاف أمام الأفران سعيًا منهم لتأمين الخبز بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية في البلاد التي تعاني منذ أشهر شحًا في الوقود، فيما تشهد هذه الطوابير ساعات انتظار طويلة، أصبحت تُعرف بين المواطنين باسم "طوابير الذلّ".
فقد تهافت المواطنون في لبنان منذ الصباح على الأفران في مختلف المناطق اللبنانية لشراء الخبز، إذ بدأت أزمة المحروقات تتسع وبلغت أوجها مع إعلان مصرف لبنان بدء فتح اعتمادات شراء المحروقات وفق سعر الصرف في السوق السوداء، ما يعني عمليًا رفع الدعم عن هذه المواد الحيوية.
وأحدث هذا الإعلان هلعًا بين الناس، إذ إن كل شيء مرتبط بالمحروقات، ورفع الدعم يعني احتمال ارتفاع الأسعار بشكل خيالي، ما يدفع البعض إلى تخزين المادة إذا كانوا يملكونها، أو عدم القدرة على شرائها أو شراء مشتقاتها كالغاز أو المواد الأساسية التي تحتاج إلى الوقود لتصنيعها، والخبز أحدها.
وأغلقت أفران عدة في بيروت ومناطق أخرى أبوابها، بينما تعمل أخرى على تقنين المبيعات جراء أزمة شح مادة المازوت الضرورية لتشغيلها.
ومنذ أسابيع، يحذر أصحاب الأفران من أزمة خبز في حال لم يتوفر لهم المازوت الكافي لتشغيل الأفران والمطاحن.
ويعاني لبنان منذ صيف 2019 من انهيار اقتصادي غير مسبوق صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم منذ عام 1850.
لبنان "ينهار"
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي عبّر اللبنانيون عن سخطهم بما آلت إليه الأمور في بلادهم، وتحدّثوا عن معاناتهم الطويلة لتأمين لقمة العيش اليومي واصفين ما يحدث بأنه "انهيار تام".
فخلال اليومين الماضيين، وعلى وقع التقارير حول رفع الدعم والشح في المحروقات، بدأ المواطنون يواجهون صعوبات في تأمين حتى الخبز، ومنهم من تنقل بين عدد من الأفران ومتاجر البقالة من دون أن يحالفه الحظ.
شو بدو يحكي الواحد برمنا الدني اليوم تانجيب ربطة خبز ما في💔 والله ما بقى النا نفس نكتب نحكي نضحك الله يصطفل فيكن ولك شو عم تعملو؟؟ حدا بيضحي بشعبه كرمال مين وشو؟! انتو كلكن يعني كلكن اكبر عدو للبنان وشعبه عرفه التاريخ الله ينتقم منكن..#لبنان_ليس_بخير#عهد_الذل
— abla (@abladaou) August 13, 2021
وألقى عدد كبير من المواطنين باللوم على الطبقة السياسية الحاكمة التي لم تفلح حتى اللحظة في تشكيل حكومة، بعد أكثر من عام على استقالة حكومة حسان دياب.
ويقول صاحب أحد الأفران جاك الخوري (60 عامًا) لوكالة "فرانس برس" إنه فتح محله عند الساعة الثالثة فجراً ليبدأ مباشرة باستقبال الزبائن، و"أغلقت الأفران في كل المنطقة، وبات الضغط كله علي.. حصتي شهرياً 36 طناً من الطحين، وعلى هذه الحال لن تكفيني سوى أسبوع".
للبيع ٣ ارغفة خبز بحالة جيدة بداعي السفر#لبنان_ينهار pic.twitter.com/ccoS39CzQD
— 🇱🇧 فاديا الشراقة (@fadiasherraka) August 13, 2021
قرار رفع الدعم عن المحروقات
وأصدر المصرف المركزي، ليل الأربعاء-الخميس، بيانًا أعلن فيه أنه "اعتبارًا من تاريخ 12/8/2021، سيقوم مصرف لبنان بتأمين الاعتمادات اللازمة المتعلقة بالمحروقات، ولكن باحتساب سعر الدولار على الليرة اللبنانية تبعًا لأسعار السوق".
ووفق جدول للأسعار نشره مركز "الدولية للمعلومات"، فإن سعر صفيحة البنزين (20 ليترا) سيصبح 336 ألف ليرة، بعد أن كان 75 ألف ليرة تقريبًا.
ويقول نقيب أصحاب الأفران علي إبراهيم: "الأفران غير قادرة على توفير المازوت... ولا نعرف إن كانوا سيوزعون علينا، إنهم غائبون تماماً عن السمع"، في إشارة إلى المسؤولين.
وبحسب مراسل "العربي" في بيروت محمد شبارو، فقد طالب مستوردو النفط بتوضيحات حول الوضع الحالي، محذرين من عدم كفاية الإمدادات النفطية على السوق.
وأضاف: "من هنا تبدو حالة الضياع واضحة على أكثر من مستوى، لدى أصحاب المحطات والمستوردين، حيث لا تسعيرة واضحة للمحروقات، وظهر هذا بوضوح لدى المحطات التي أقفلت أبوابها بانتظار القرار السياسي والاقتصادي".