انتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي في الثالث من نوفمبر/ تشرين الثاني الحالي يُظهر قرابة 10 جثث مضرّجة بالدماء متناثرة في شارع الرشيد جنوب مدينة غزة، أحد الطريقين الرئيسيين بين شمال وجنوب القطاع.
وبمجرد انتشار الفيديو، سارعت مواقع إخبارية أميركية وحسابات مساندة للاحتلال على مواقع التواصل الاجتماعي، للادعاء بأنّ الجثث تعود لفلسطينيين قُتلوا برصاص مقاتلي حركة "حماس" بهدف منعهم من النزوح إلى الجنوب حسب زعمهم.
ولكنّ من خلال فحص المشاهد المتداولة ومراجعة أدلة من مصادر مفتوحة وأخرى خاصة به، تبيّن لموقع مكافحة الإشاعات والأخبار الكاذبة "مسبار" أنّ الرواية الداعمة للاحتلال غير دقيقة، وأنّ هناك مؤشرات عديدة تدلّ على أنّ ضحايا طريق الرشيد استُشهدوا جراء قصف مدفعي من آليات الاحتلال.
1- إصابات بالغة وأمتعة متناثرة في شارع الرشيد
وذكر "مسبار" أنّه بالنظر إلى مقطع الفيديو يبدو واضحًا أنّ إصابات الجثث بالغة جدًا بحيث لا يُمكن أن تكون ناتجة عن إطلاق رصاص. وتظهر في الفيديو جثة طفلة مصابة بشكل بليغ برأسها ما أدى إلى تشقّقه.
كما تظهر في مشهد آخر من الفيديو أمتعة النازحين متناثرة على الطريق وتضرّرها حد التلف، ما ينفي أنّ القتلى ماتوا جراء إطلاق رصاص.
2- تمركز دبابات إسرائيلية على جانب الطريق
وفي الثالث من نوفمبر الحالي، نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية تقريرًا عن توغّل القوات الإسرائيلية برًا في قطاع غزة تجاه الجنوب، عرضت فيه صورًا لأقمار صناعية حصلت عليها من شركة "بلانيت لاب" (PlanetLab) تمّ التقاطها صباح ذلك اليوم.
وتُظهر إحدى الصور آليات عسكرية لجيش الاحتلال متمركزة على بعد 300 متر فقط من شارع الرشيد، الطريق الساحلي بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وللتنصّل من رواية أنّ الشهداء قُتلوا نتيجة قصف جوي إسرائيلي، تذرّعت بعض الصحف الإسرائيلية بعدم وجود حفرة في مكان تواجد الجثث، وأنّه لا تبدو عليهم إشارات على التأثّر بقصف جوي، مؤكدة أنّهم قُتلوا بإطلاق رصاص.
إلا أنّ توثيق صور الأقمار الاصطناعية لتواجد آليات عسكرية إسرائيلية على مقربة من مكان وقوع الحادثة، يرجّح أنّ الشهداء قُتلوا بقصف مدفعي من دبابات الاحتلال، وهو ما يُفسّر الأضرار البالغة في الجثث، وانفجار الأمتعة وتناثرها على الطريق، وعدم وجود حفرة في مكان الحادثة في الوقت نفسه.
3- مزاعم إسرائيلية كاذبة
أما فيما يتعلّق بادعاء جيش الاحتلال بأنّ مقاتلي "حماس" هم من أطلقوا الرصاص على النازحين في طريق الرشيد لمنعهم من التوجّه جنوبًا، لا يوجد أي دليل يوثّق هذه المزاعم الإسرائيلية، حيث نشرت وكالات الإعلام العالمية العديد من المشاهد التي تُوثّق نزوح مئات الآلاف من سكان القطاع صوب الجنوب منذ بداية الحرب.
كما وثّقت بعثات الأمم المتحدة نزوح قرابة 1.5 مليون شخص داخليًا في قطاع غزة حتى الثالث من نوفمير.
كما تواصل "مسبار" مع عدد من الصحافيين والمواطنين الذين نزحوا إلى الجنوب مباشرة عقب دعوات الإخلاء التي وجّهها جيش الاحتلال لسكان شمال القطاع، حيث أكدوا أنّ حركة "حماس" لم تفرض أي قيود على حركتهم.
4- قصف إسرائيلي للنازحين
إلى ذلك، وثّقت الوقائع وعشرات التقارير الإعلامية قيام جيش الاحتلال الإسرائيلي بقصف النازحين في جنوب قطاع غزة سواءً في طريق النزوحهم أو حتى بعد الوصول إلى المنطقة التي وصفها الاحتلال بأنّها "آمنة".
ففي 14 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، قصف جيش الاحتلال بالصواريخ قوافل النازحين على طريق صلاح الدين الرئيسي، ما أسفر عن استشهاد 70 فلسطينيًا وإصابة 150 آخرين.
كما وثّقت وسائل الإعلام استهداف طائرات الاحتلال عددًا من منازل المدنيين الفلسطينيين في جنوبي قطاع غزة، وتحديدًا في مدينتي رفح وخانيونس، ما أسفر عن استشهاد 80 شخصًا على الأقل.