رفضت المحكمة العليا في هولندا طلبًا بالمحاكمة قدمه مواطن فلسطيني كان قد رفع دعوى مدنية ضد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق بيني غانتس، والقائد السابق لسلاح الجو أمير إيشيل، يحملهما المسؤولية عن ارتكاب جريمة حرب في قطاع غزة.
ورفع المواطن الفلسطيني الهولندي إسماعيل زيادة القضية عام 2018، جرّاء فقدانه 6 من أفراد عائلته بينهم والدته و3 من أشقائه، خلال غارة نفذها جيش الاحتلال الإسرائيلي على مخيم البريج في قطاع غزة في 20 يوليو/ تموز 2014.
وكان زيادة قدم الطلب بموجب قواعد الولاية القضائية العالمية الهولندية التي تسمح للدول برفع دعاوى تتعلق بجرائم خطيرة مرتكبة في الخارج.
وكانت الجماعات الحقوقية قد اتهمت إسرائيل بارتكاب جرائم خلال الحرب التي استمرت 7 أسابيع في غزة عام 2014.
بدورها، رفضت محكمة لاهاي الاستئناف على قاعدة أن القضاء غير مختص للبت في هذا النوع من القضايا.
وأيد الحكم بيني غانتس الذي ظل لمدة طويلة في صفوف الجيش قبل أن يصبح سياسيًا، وقائد سلاح الجو السابق أمير إيشيل، باعتبار أنه لا يمكن تحميلهما المسؤولية في قضية مدنية هولندية نظرًا لأنهما كانا في ذلك الوقت مسؤولين إسرائيليين يتلقيان السياسة أو ينفذان سياسة الحكومة، بغض النظر عن طبيعة وخطورة السلوك الذي تم اتهامهما به.
على ضوء هذه المعطيات، رحبت وزارة الخارجية الإسرائيلية برفض المحكمة العليا في هولندا طلب المحاكمة.
من جهته، شكر بيني غانتس وزارتي القضاء والخارجية الإسرائيليتين لقيادتهما تحركًا أسقط الدعوى المرفوعة، مثنيًا على ما وصفه بوجود "نظام قضائي قوي ومستقل يحمي الجنود وقادتهم أمام المحاكم الدولية".
التوجه إلى محكمة الجنايات الدولية
وفي هذا الإطار، يعرب المحامي ومدير قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بمنظمة "إيفدي" لحقوق الإنسان عبد المجيد المراري عن استغرابه من التعليل الثاني الذي أعطته المحكمة بأن الضابطين كانا يمارسان مهامهما في إطار ما خول إليهما، مشيرًا إلى أن هذا تبرير لا تصرح به محكمة تحترم قواعد القانون الدولي.
وفي حديث لـ"العربي" من العاصمة الفرنسية باريس أعرب المراري عن اعتقاده بأن زيادة أخطأ الطريق في التوجه إلى القضاء الهولندي، لأن هذا الأخير لا يمكنه النظر في جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية.
ويوضح أن الجرائم التي ارتكبت في غزة هي جرائم حرب وضد الإنسانية، حيث كان من الأحرى على زيادة أن يتوجه إلى المنظمات الحقوقية أو إلى محكمة الجنايات الدولية كضحية.
ويشير إلى أن هناك قسمًا لحماية الضحايا داخل محكمة الجنايات الدولية وهو المخول في النظر في هذه الجرائم، خاصة وسط الحديث عن جرائم حدثت في 2014 والتي تدخل في اختصاص محكمة الجنايات الدولية بناء على قرار 5 فبراير/ شباط 2021، الصادر عن الغرفة التمهيدية الأولى والتي قضت بأنها تبسط ولايتها القضائية على الأراضي الفلسطينية بما فيها غزة والضفة والقدس الشرقية.
ويضيف أن إسرائيل "مدللة" على المستوى الدولي من قبل عدد من الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأميركية، لكن هذا لا يثني القانونيين والمنظمات الحقوقية عن الاستماتة في الدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومتابعة الجناة.
ويرى المراري أنه متى استمرت المنظمات الحقوقية في الوقوف أمام محكمة الجنايات الدولية وإحراج القضاة، يمكن أن نرى قادة الاحتلال الإسرائيلي المتهمين بارتكاب جرائم الحرب أمام المحاكم الدولية، على الرغم من أنهم يتمتعون بالحصانة، لكن هناك مبدأ قانونيا يرد على قرار المحكمة العليا الهولندية أنه لا حصانة مع الجرائم ضد الإنسانية.