مع اشتداد أزمة تأمين موارد الغاز عقب حرب أوكرانيا، طفت اليوم الجمعة، على السطح مجددًا الخلافات بين قادة دول الاتحاد الأوروبي بشأن تحديد سقف لأسعار الغاز وحزم الإنقاذ في كل دولة، واتهمت بولندا ألمانيا "بالأنانية" في طريقة تعاملها مع أزمة الطاقة المتوقعة في الشتاء بسبب الحرب.
وتطالب غالبية دول الاتحاد بروكسل، بأن تقترح حدًا أقصى لأسعار الغاز، إلا أن التفاصيل هي محور الخلاف.
إذ تسعى بعض العواصم إلى وضع سقف شامل لكل تعاملات تجارة الغاز وعقود الاستيراد فيما تفضل أخرى وضع سقف لقطاع الكهرباء فقط.
ووضع حد أقصى لأسعار الغاز، هو واحد من بين مجموعة من المقترحات والمبادرات المقدمة من الدول الأوروبية للتعايش مع انخفاض إمدادات الغاز من روسيا، التي كانت توفر 40% من احتياجات أوروبا.
هذا فضلًا عن الارتفاع الهائل للأسعار، فرغم تراجع أسعار الغاز عن ذروتها للعام الجاري، فإنها لا تزال أعلى بأكثر من مئتين في المئة مقارنة بما كانت عليه في بداية سبتمبر/ أيلول من العام الماضي.
وتعارض ألمانيا والدنمارك وهولندا وضع سقف للأسعار، خشية أن يعيق شراء الغاز الذي تحتاجه اقتصاداتها، ويقلل من تأثير أي حافز لخفض الاستهلاك.
وقبل شهر اعتبر الكرملين، أن وقف إمدادات الغاز الروسي نحو ألمانيا عبر خط "نورد ستريم" الإستراتيجي نابع من خطأ ارتكبته الدول الغربية، لأن عقوباتها تحول دون تأمين صيانة البنى التحتية الغازية.
وسبق أن اتفق وزراء مالية مجموعة دول السبع على تحديد سقف لأسعار النفط الروسي في اجتماع عبر الإنترنت، بهدف تقليص إيرادات موسكو من النفط التي عللتها الدول الغربية بتمويل روسيا الحرب على أوكرانيا التي دخلت شهرها الثامن.
وتحدث رئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا على وجه التحديد عن وضع سقف لأسعار الغاز المستخدم في إنتاج الكهرباء.
"مخاوف فجوة مالية"
فيما قال نظيره اللاتفي كريسيانيس كارينس، إن الحد الأقصى سيكون "عظيمًا" إذا كان بإمكان التكتل ضمان الإمدادات من المنتجين.
وحذر رئيس وزراء لوكسمبورغ إكزافييه بيتل من أنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يكون حريصًا على عدم النيل من مكانته في الأسواق العالمية من خلال إبعاد البائعين عنه بفرض سقف غير جذاب، لأنه "ربما (في ذلك الوقت) سيكون لدينا سقف للسعر ولكن ليس لدينا طاقة".
ولفت رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل الذي يترأس القمة، إلى أنه من غير المتوقع اتخاذ قرارات اليوم الجمعة، لكنه يأمل في أن تؤدي المناقشات بين القادة إلى اتفاق عندما يجتمعون في المرة القادمة يومي 20 و21 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وانتقد رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافيتسكي ألمانيا بسبب ما يراه إنفاقًا سخيًا بقيمة 200 مليار يورو (196 مليار دولار) في صورة إعانات لحماية المستهلكين والشركات من ارتفاع تكاليف الطاقة.
وقال: "يجب التخلص من الأنانية الألمانية"، مكررًا الإشارة إلى المخاوف من فجوة مالية بين الدول الغنية القادرة على إنفاق مبالغ طائلة على الدعم المحلي وتلك التي لا تستطيع.
وكان المفوض الأوروبي لشؤون الاقتصاد باولو جنتيلوني، أكد أن الاتحاد الأوروبي "على استعداد جيد" في حال توقفت إمدادات الغاز الروسي بشكل كامل، بفضل التخزين وإجراءات اقتصاد الطاقة.
لكن رغم ذلك، فإنه من شأن زيادة القيود على إمدادات الغاز الأوروبية أن تفاقم أزمة الطاقة التي أدت بالفعل إلى ارتفاع أسعار بيع الغاز بالجملة أكثر من 400% منذ أغسطس/ آب من العام الماضي، مما تسبب في أزمة مؤلمة بتكلفة المعيشة للمستهلكين وزيادة التكاليف على الشركات وأجبر الحكومات على إنفاق المليارات لتخفيف العبء.