نشرت مجلة علمية دراسة صادمة لها، رسم من خلالها العلماء خريطة محددة لما أسموه بـ"التراجع التاريخي" للنهر الجليدي، وذلك في محاولة منهم لمعرفة مصير النهر خلال السنوات القادمة.
وحذّر العلماء حسب الدراسة، التي نشرتها المجلة العالمية المختصة بالطبيعة Nature GeoscienceK، من التراجع الكبير والواضح في جبل "ثويتس" الجليدي الضخم غربي القارة القطبية الجنوبية الأمر الذي قد يشكل تهديدًا على كوكب الأرض.
وأوضح محمد سالم الطواها، مدير الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية، خلال حديث إلى "العربي" من الأردن، أن النهر الجليدي هو عبارة عن الشبكة المائية التي تتشكل أسفل جبال الجليد الشهيرة في القطب الجنوبي.
ويحتوي نهر "ثويتس"، الذي يطلق عليه أحيانًا اسم "نهر نهاية العالم الجليدي" بسبب دوره الأساسي في بيئة القارة الجنوبية ومناخ العالم، على مليارات الأطنان من المياه، التي تُهدّد بالاتجاه نحو المحيط، وبالتالي تغيير السواحل.
مدن تحت تهديد "القيامة"
وأشارت الدراسة إلى أنه منذ منتصف القرن العشرين، كان الجبل الجليدي ينهار بمعدل الضعف، مقارنة بتاريخه السابق. وتوقع الباحثون رصد تغيرات كبيرة في ذوبان النهر الجليدي، الذي يسمى "نهر القيامة"، الفترة المقبلة ما يشير إلى ضرورة مراقبته، بصورة مكثفة.
وأشار الطواها إلى أنّ الخطورة تكمن بأن القشرة الأرضية في المنطقة الغربية القطبية، أرق من الموجودة في المنطقة الشرقية، وبالتالي هي معرضة للذوبان بشكل أسرع، ولم تشهده تلك المنطقة منذ حوالي 5 آلاف سنة.
وتساوي مساحة النهر الجليدي الضخم، ضعف مساحة شبه جزيرة سناء البالغة 60 ألف كلم، وبطول يبلغ 700 كلم، حيث بدأ الباحثون منذ سبعينيات القرن الماضي يلفتون لأهميته، ويعتقد فريق منهم أن تيارات المحيط الدافئة تذيبه من الأسفل بسرعة كبيرة.
ومنذ عام 1900، أدى ارتفاع مستوى سطح البحر بـ20 سنتمترًا إلى نزوح في المجتمعات الساحلية، وفاقم المشاكل البيئية مثل الفيضانات وتلوّث المياه المالحة وفقدان الموائل الطبيعية.
وأكد مدير الجمعية الملكية لحماية البيئة البحرية، أن مدنًا سياحية وتراثية كبيرة، مهددة بالغرق بفعل الذوبان السريع لنهر "القيامة"، وهي ممتدة من أستراليا وحتى هامبورغ الألمانية مرورًا بمدينة نيويورك الأميركية، والإسكندرية وصولًا إلى تايلاند جنوب شرقي آسيا، وذلك لأن ذوبان هذا النهر الجليدي قد يرفع مستوى سطح الماء من متر إلى أربعة أمتار على الأقل.
وتخوف الطواها من أن الأوان قد فات بالنسبة إلى أيّ تغيير في السلوك البشري لحماية البيئة، لاسترداد ما فقدته الأرض في القارة القطبية، في ظل فقدان مساحات خضراء هائلة مع ارتفاع معدلات حرائق الغابات حول العالم.
ورأى المتخصص في البيئة البحرية خلال مداخلته، أنه من الضرورة على الدول الموقعة لاتفاق باريس المناخي، الالتزام بتعهداتها حول الحد من الانبعاثات، في مؤتمر شرم الشيخ الدولي القادم حول تغير المناخ.