أخيرًا، أكّد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقتل قائد مجموعة "فاغنر" يفغيني بريغوجين في تحطم طائرة خاصة شمالي موسكو، مساء أمس الأربعاء.
وقال بوتين: إن ضحايا تحطم طائرة "فاغنر" قدموا "مساهمة كبيرة" في أوكرانيا، مقدّمًا تعازيه لأسرة بريغوجين ومشيرًا إلى أن هذا الأخير كان "رجل أعمال موهوب".
وأوضح الرئيس الروسي أن التحقيقات بشأن وفاة قائد "فاغنر" ومن معه، جارية وسيتم إعلان نتائجها عند الانتهاء منها.
"قطع رأس فاغنر"
وقبل ظهور نتائج التحقيقات الروسية، صدرت ردود فعل دولية تتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين "بقطع رأس فاغنر"، بعد أن احتواه وكان يده اليمنى.
وفي مقدمة المتهمين، الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الذي شدّد على أن بلاده لا علاقة لها بحادث الطائرة وأن "الجميع يدرك المتورط في ذلك".
وقبل هذا التعليق، صرّح مستشاره مشيرًا إلى أن التخلص من بريغوجين ومن قيادة "فاغنر" بعد شهرين على محاولة الانقلاب، هو بمثابة رسالة من بوتين للنخب الروسية قبل انتخابات العام القادم.
ومن القارة الإفريقية إلى أوكرانيا وغيرهما من المناطق، قادت مجموعة "فاغنر" عمليات عسكرية منذ تأسيسها عام 2014.
ولطالما كان ينظر إلى علاقة قوية بين بوتين وبريغوجين، إلى أن أعلن هذا الأخير تمرّده على السلطات الروسية في يونيو/ حزيران الماضي، الذي انتهى بوساطة من الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
وعلى الرغم من ذلك، تواصل الجدل بشأن مصير مجموعة "فاغنر" ليزداد أكثر اليوم عقب مقتل قائدها.
من "جرائم المراهقين" إلى النفوذ الواسع والصيت العالمي.. كيف كانت رحلة #يفغيني_بريغوجين الذي "قتلته طموحاته"#روسيا #فاغنر@AnaAlarabytv pic.twitter.com/130DHtCAhB
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) August 24, 2023
مضامين تصريحات بوتين
متابعةً لهذا الملف، يعتبر المحلل السياسي يفغني سيدروف أن الرئيس الروسي فضل كما هو معروف عنه أن يتحدث عن الرجل الميت بشكل جيد وإيجابي، بدلًا من توجيه أي انتقادات إليه.
ويقول: إن إشارة بوتين خلال حديثه إلى أن بريغوجين ارتكب "أخطاء جسيمة"، لا يمكن اعتبارها حتى بمثابة انتقاد أو توجيه أي تهمة، على الرغم من أن تمرد قائد "فاغنر" أثار حفيظة الكرملين والقيادة الروسية بوجه عام.
ويردف المحلل السياسي من موسكو: "بطبيعة الحال بريغوجين كان وما يزال يتمتع بشعبية كبير بين أوساط المواطنين الروس والشارع الروسي، فكان يجب على الرئيس الروسي أن يكرم ذكراه ويصفه بشكل إيجابي، لا سيما في إشارته إلى أنه قد ساهم بشكل كبير بالعملية العسكرية في أوكرانيا".
فالمقصود بذلك وفق سيدروف، مساهمة "فاغنر" في المعارك التي دارت لعدة أشهر في باخموت، بحيث كان الفضل الكبير لسيطرة روسيا على هذه المدينة يعود إلى المجموعة المسلحة.
وعليه، يعتقد المحلل السياسي في حديثه إلى "العربي" أن مضمون خطاب بوتين حول حادثة تحطم الطائرة كان متوقعًا ولم يرى فيه أي مفاجأة، بغض النظر عن الفرضيات التي طُرحت حول أسباب الحادثة.
مصير "متوقع" لبريغوجين
بدوره، يرى شون ماكفيت الأستاذ في جامعة الدفاع الوطني الأميركية أن مصير قائد "فاغنر" كان متوقعًا لأنه تحدى الرئيس بوتين على المستوى العالمي من خلال تمرده.
ويشير ماكفيت في مداخلة مع "العربي" من واشنطن، إلى أن بوتين كان عليه أن يظهر قوته وأن يعاقب بريغوجين لمنع قوات أخرى من القيام بالمثل.
ورجح قيام الرئيس الروسي "بهذا الأمر" بطريقة مشابهة لعمليات جيمس بوند، في محاولة لإظهار قوته للعالم.
انعكاسات مقتل بريغوجين على فاغنر في إفريقيا
ومن أبوجا، يشدد مدير مركز جنيف للأمن والدراسات الإستراتيجية في إفريقيا ديفيد أوتو أندلي أن ليس هناك أي إثبات حتى الآن على أن السلطات الروسية كانت سببًا في هذا الحادث.
ويدعو أندلي إلى الحذر في إلقاء اللوم على السلطة الروسية، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إطلاق النتائج والخلاصات بأن هناك علاقة للسلطات في موسكو بمقتل بريغوجين.
أما عن علاقة بريغوجين بالدول الإفريقية، فيقول مدير مركز جنيف للأمن والدراسات الإستراتيجية في إفريقيا: "نعلم أن مجموعة فاغنر كانت تعمل في حوالي ست دول إفريقية منها الموزنبيق، وبوركينا فاسو، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى.. وكان واضحًا أيضًا في الانقلاب الأخير بالنيجر أن فاغنر كانت موجودة وتظهر اهتمامًا في هذا الموضوع".
في المقابل، يستبعد أندلي أن يكون لرحيل بريغوجين تأثير كبير على الدول التي وقعت اتفاقيات مع مجموعة "فاغنر"، ويرى أنها ستستمر بعملها بشكل تقني بمجال الأعمال.
ويلفت في هذا الصدد، إلى أن بريغوجين كان رائدًا في مجال الأعمال وسيد أعمال جيد، وعليه ستستمر هذه الأعمال من هذه الناحية على أن يكون هناك قائد آخر للمجموعة.
كما يستبعد مدير مركز جنيف للأمن والدراسات الإستراتيجية، حدوث تأثير كبير في العلاقات بين الدول الإفريقية ومجموعة "فاغنر".
ويقول: "هذه أعمال، وسوف تستمر العقود بطريقة طبيعية ولن تتأثر بشكل كبير، ولكن من المبكر أن نحدد ماذا سوف يحصل في المستقبل فيما يتعلق بوجود المجموعة في إفريقيا".