تمثل الموسيقى الحسانية تراثًا موسيقيًا عريقًا تتميز به المناطق الصحراوية في المغرب، وتحضر هذه الموسيقى بإيقاعاتها ورقصاتها الخاصة في مختلف المناسبات والاحتفالات في مدن الصحراء.
كما تحظى الحسانية باهتمام كبير من قبل شباب هذه المناطق، بحيث توجد العديد من الفرق الشبابية التي تختص بتقديم الأغنية الحسانية، وتسعى إلى مزجها وتطويرها وإيصالها للعالمية.
وتقوم الموسيقى الحسانية على أداء قصائد مختلفة الأغراض من مديح وغزل وفخر وحماسة وغيرها، وعلاوة على دورها الفني، فهي تمثل وعاء يحفظ ثقافة أهل الصحراء وتوارثها بين الأجيال.
ويسعى الشاب المغربي سعيد الموساوي وأصدقاؤه إلى تجديد وتطوير الموسيقى الحسانية التي تتغنى بجمال الصحراء وصفاء سريرة أهلها، علها تكون أقرب إلى ذائقة الشباب من أهل الصحراء وخارجها.
ولم تذهب محاولات الشباب سدى، فالخلطة التي تجمع بين موسيقى الأجداد وإيقاعات الشباب، نجحت في إخراج الموسيقى الحسانية من رمال الصحاري وخيامها إلى منصات المسارح الكبرى والمهرجانات، وصارت تستأثر بمواعيد خاصة وبجمهور واسع.
من هم الحسانيون؟
وفي هذا الإطار، أوضحت الباحثة في الثقافة الحسانية العالية ماء العينين، أن الثقافة الحسانية هي مجال جغرافي واسع يضم جنوب المغرب من الصحراء المغربية إلى موريتانيا.
أما من الناحية التاريخية، حسب ماء العينين، فإن تسمية الحسانيين مرتبطة بالهجرة العربية المعقلية والهلالية من الشرق العربي، التي حدثت في نهاية القرن السابع الهجري وبداية القرن الثامن إلى مناطق شمال إفريقيا، وبعد ذلك توسعوا إلى الجنوب في منطقة تراب البيضان.
وأضافت في حديث لـ"العربي" من العاصمة المغربية الرباط، أن الحساني هو من يلبس الدراعة، أما الحسانية فترتدي الملحفة، مشيرة إلى أن الحسانيين يتحدثون باللسان الحساني.
الموسيقى الحسانية
وتابعت ماء العينين أن أهم ما يميز الموسيقى الحسانية هو تنوعها، بدءًا من العنصر العربي، والصنهاجي الذي كان متواجدًا في منطقة تراب البيضان قبل أن يتوافد عليها العرب، بالإضافة إلى العنصر الزنجي.
وأردفت أن الحسانيين وإن استطاعوا التغلب على تراب البيضان عسكريًا، وطبعوا هذه المنطقة بطابعهم ولغتهم ولباسهم وبالعديد من عاداتهم وتقاليدهم، إلا أنهم لم يستطيعوا محو الأصول الصنهاجية لهذه المنطقة، مشيرة إلى أن الموسيقى أخذت من هذا التميز والتنوع وهذا موجود في الإيقاعات الموسيقية، حيث تتنوع الحسانية بين العربية والصنهاجية والأمازيغية والزنجية.
ولفتت ماء العينين إلى أن العنصر الأساسي في الحسانية هي الأسر التي كانت تتوارث الفن أبًا عن جد وما زالت موجودة حتى الآن لكنها متركزة أكثر في موريتانيا، بينما في الجنوب المغربي هناك مجموعات موسيقية تقليدية هي التي كانت تملأ الساحة وتتغنى بالقصائد والأغاني.
وأشارت إلى بروز نوع آخر من الموسيقى وهي التي يؤديها الأفراد، والتي تتألف من مطرب أو مطربة، مشيرة إلى أنه رغم التطور الذي شهدته الحسانية فإن الطابع التقليدي ما زال يطغى عليها، وما زالت الموسيقى تحتوي على الإيقاعات الجميلة التقليدية التي كانت موجودة، على الرغم من دخول بعض الآلات الغربية لهذا الفن.