لم يكن هدم قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلين فلسطينيين في الخليل يوم الأربعاء الماضي الأول من نوعه وبطبيعة الحال لن يكون الأخير.
فبحسب مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان "بتسليم"، هدم الاحتلال الإسرائيلي العام الماضي 182 مبنى سكنيًا في الضفة الغربية المحتلة، و151 آخر في القدس الشرقية. وكنتيجة مباشرة لإجراءات هدم البيوت، أصبح 500 فلسطيني في الضفة الغربية من دون مأوى، بينهم 255 قاصرًا.
كما هدمت إسرائيل السنة الماضية 17 منزلًا كإجراء عقابي، وهو الرقم الأكبر منذ عام 2016.
ودفعت هذه الأوضاع بالعديد من المنظمات الدولية لإطلاق تحذيرات متكررة من عواقب هذه الأفعال، حيث أفادت منظمة "هيومن رايتس ووتش" مرارًا أنه ينبغي على القوات الإسرائيلية وضع حدٍ فوري لعمليات هدم المنازل الفلسطينية، مؤكدةً أنها تشكل انتهاكات للاتفاقات الدولية.
هي إذًا سياسة يعتمدها الاحتلال لتصفية تواجد الفلسطينيين، مترافقة مع محاولة تحوير الحقائق الزمانية والمكانية لفلسطين.
قوات الاحتلال تهدم منزلا في بلدة كفر الديك غرب سلفيت وتطرد سكانه👇 #العربي_اليوم #فلسطين تقرير: عميد شحادة pic.twitter.com/RyDsmYTtOe
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) January 10, 2023
السياق المتبع لسياسة الهدم الإسرائيلية
للإضاءة أكثر على هذا الملف، يتحدث جواد صيام مدير مركز معلومات وادي حلوة عن السياق العام المتّبع من قبل إسرائيل لهدم بيوت الفلسطينيين منذ لحظة الإخطار لغاية الهدم، مشيرًا إلى أن الاحتلال يتذرّع داخليًا بوجود ميزانيات باقية يستغلّها في تنفيذها.
ويردف صيام في حديث مع "العربي"، أن الاحتلال الإسرائيلي يرغب في إزالة مناطق واسعة تضم أحياء بأكملها، لافتًا في هذا السياق إلى أن العام الماضي وحده شهد هدم 140 منشأة، حوالي نصفها تم عن طريق الهدم الذاتي.
ويتابع من القدس: "هناك تجميد لبعض قرارات الهدم، لكن نعتقد أنه مع قدوم الحكومة الحالية وتناغمها مع الأجندة الاستيطانية بشكل كامل سيكون هناك محاولات جديدة لإزالة الكثير من الأحياء، مثل حي البستان، وحي وادي الربابة، فضلًا عن مناطق واسعة في وادي الجوز".
كما يسلّط مدير مركز معلومات وادي حلوة في هذا السياق، الضوء على المشروع الهائل الذي يعدّ الأكبر منذ احتلال القدس وهو إقامة حزام حول المدينة يسمى بـ"الطريق الأميركي"، حيث يترتب على إقامة هذا الطريق إزالة عدد كبير من المنازل والمنشآت الفلسطينية لربط المستوطنات شمال مدينة القدس بجنوبها.
وعليه، يلحظ صيام أن جميع المشاريع الاستيطانية تتماشى مع سياسة الهدم، أي أن القوانين والأسباب التي تتذرع بها سلطات الاحتلال تكون بالتخطيط مع الجمعيات الاستيطانية.
ذرائع الاحتلال لهدم ممتلكات الفلسطينيين
أما الطرق المتّبعة لهدم منازل الفلسطينيين، فيشرح مدير مركز معلومات وادي حلوة لـ"العربي" أن سلطات الاحتلال تبرر بشكل أساسي عمليات الهدم بعدم الترخيص وخصوصًا في مدينة القدس، بينما حجّته في الضفة الغربية وجود مناطق عسكرية أو أن المنشآت تحت سيطرة العسكر.
ويتابع صيام: "هناك ما يسمى بالهدم الإداري الذي يصدر عن وزارة داخلية الاحتلال، بينما تغيرت القوانين اليوم عما كانت عليه منذ عدة سنوات حيث لا يستطيع الفلسطيني الآن الطعن بقرارات الهدم".
سياسة منع تراخيص البناء
توازيًا مع عمليات الهدم تحت ذرائع واهية، تنتهج إسرائيل سياسة حجب تراخيص البناء عن المقدسيين استكمالًا لمخططه في إزالة الأحياء الفلسطينية حول البلدة القديمة، وفق صيام.
فيكشف صيام أن إسرائيل وضعت عملية معقدّة لاستصدار تراخيص البناء للفلسطينيين، إذ تشترط عليهم المرور في 9 لجان على الأقل من خلال بلدية الاحتلال، وبتكلفة عالية جدًا، وفي حال رفضت إحدى اللجان طلب الترخيص فيعتبر الملف مرفوضًا برمتّه.
ويضيف: "إن كانت عملية البناء مسموحة في بعض المناطق، إلا أنها تعتبر معقّدة ومستحيلة في مناطق أخرى، مقابل أكثر من 20 ألف أمر بالهدم في مدينة القدس ما يعني أن 30% من فلسطينيي القدس مهددين بالتهجير بسبب القوانين التي يتذرّع بها الاحتلال".