أفادت مراسلة "العربي" في الخرطوم درّة قمبو بأن معظم المناطق السودانية تشهد هدوءًا نسبيًا بعد خروقات متفرّقة للهدنة التي جرى الاتفاق عليها بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع أمس الاثنين، مشيرة إلى أنّ المواطنين يستغلّون هذا الهدوء للفرار، بينما عمدت الدول الأجنبية إلى متابعة عمليات إجلاء مواطنيها.
وانحسر القتال في السودان ليل الإثنين، بعد أن وافق الجيش وقوات الدعم السريع على وقف إطلاق النار لمدة 72 ساعة، غير أن منظمة الصحة العالمية حذّرت من "خطر بيولوجي كبير" في العاصمة السودانية الخرطوم، بعد سيطرة مقاتلين على معمل يحتوي على مواد منها مسبّبات الحصبة والكوليرا، وإخراج الخبراء الفنيين منه.
وقال ممثل المنظمة الأممية في السودان نعمة سعيد عابد: إنّ المختبر بات حاليًا بالكامل تحت سيطرة مجموعة من المقاتلين الذين يتخذونه قاعدة عسكرية.
اعتداءات على قطاع الصحة
إلى ذلك، أكدت المنظمة أنّها وثّقت 14 اعتداء على قطاع الصحة منذ بدء المعارك في 15 أبريل/ نيسان الحالي، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص وإصابة شخصين بجروح.
وشدّدت على أن "الاعتداءات على الرعاية الصحية مدانة ويجب أن تتوقف".
"صراع عنيف يؤثر سلبا على المدنيين".. الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية تزداد سوءا في #السودان بسبب الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع 👇 تقرير: بهية مارديني pic.twitter.com/TYeFXC9TOH
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 25, 2023
كما أشارت المنظمة الى أن المعارك أدت الى مقتل 459 شخصًا وإصابة 4072 بجروح، موضحة أن هذه الحصيلة مستقاة من وزارة الصحة السودانية، ولم تتمكن المنظمة الأممية من التحقق منها.
من جهتها، أبدت مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين خشيتها من أن تدفع المعارك إلى فرار ما يصل إلى 270 ألف شخص نحو تشاد وجنوب السودان.
وقالت ممثلة المفوضية في تشاد لاورا لو كاسترو: إن 20 ألف لاجئ وصلوا الى هذا البلد، ويتوقّع أن يتبعهم 100 ألف آخرين "في أسوأ الحالات".
أما في جنوب السودان، ترجّح التقديرات الأممية دخول ما يصل الى 170 ألف شخص، بينهم 125 ألفًا من الذين سبق لهم اللجوء الى الجار الشمالي.
وحوّل الصراع على السلطة بين الجيش وقوات الدعم السريع مناطق سكنية إلى ساحات للقتال، ما أدى إلى انقطاع المياه والكهرباء وعدم توافر المواد الغذائية في بلد يعتمد على المساعدات.
تواصل عمليات الإجلاء
إلى ذلك، استأنفت دول عدة عمليات إجلاء مواطنيها. وبينما قالت فرنسا وألمانيا إنّ كلًا منهما أجلى ما يزيد على 500 من مختلف الجنسيات، بدأت الحكومة البريطانية، اليوم الثلاثاء، عملية إجلاء كبرى لمواطنيها بطائرات عسكرية من مطار إلى الشمال من الخرطوم.
كما استغلّت الأسر السودانية فترة الهدوء للخروج من منازلها، والبحث عن وسائل لنقلهم إلى بر الأمان. ويخشى السكان من أن يؤدي نزوح الأجانب الجماعي إلى تعريض حياتهم لخطر أكبر.
دول عدة تمكنت من إخراج رعاياها والبعثات الدبلوماسية من #السودان.. إليكم أبرز مسارات الإجلاء الآمنة 👇 pic.twitter.com/NDfDMtOPGj
— التلفزيون العربي (@AlarabyTV) April 25, 2023
ويتدهور وضع أولئك الذين بقوا في السودان بسرعة، حيث عبّر بعضهم عن استيائه من رحيل بعض وكالات الإغاثة الدولية والدبلوماسيين.
وأعلن مكتب الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، تقليص أنشطته بسبب الاشتباكات.
"جثث منتشرة في الشوارع"
وقال أحد سكان الخرطوم، طلب عدم الكشف عن اسمه، لوكالة رويترز، إنّه يخشى من أن تواصل القوات المتحاربة اشتباكاتها دون اكتراث بوجود المدنيين في ظل وجود عدد أقل من المراقبين الدوليين.
من جهته، دعا القيادي الكبير في تحالف "قوى الحرية والتغيير" ياسر عرمان، المنظمات الإنسانية والمجتمع الدولي إلى المساعدة في إعادة المياه والكهرباء وإرسال المولدات إلى المستشفيات.
وقال: "هناك جثث منتشرة في الشوارع، ومرضى لا يجدون العلاج، وانقطاع المياه والكهرباء، لا بد من توظيف الهدنة ليقوم المواطنون بإكرام الموتى ودفنهم".
وأفادت منظمات تابعة للأمم المتحدة بشحّ الغذاء والمياه النظيفة والأدوية والوقود وضعف الاتصالات والكهرباء وارتفاع حاد لأسعار السلع.
بدوره، حذّر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من أن العنف في السودان "ينذر بتصاعد كارثي للحرب في السودان يمكن أن يمتد إلى المنطقة بأسرها وإلى خارجها".