الخميس 12 Sep / September 2024

هواجس من تقسيم البلاد.. هل يؤدي النزاع المستمر في السودان إلى تفتيته؟

المشهد السوداني
هواجس من تقسيم البلاد.. هل يؤدي النزاع المستمر في السودان إلى تفتيته؟
الأربعاء 20 سبتمبر 2023

شارك القصة

يأتي تصاعد الجدل بشأن المخاوف من تقسيم السودان بعد تحذيرات وجهها قائد قوات الدعم السريع قبل أيام - رويترز
يأتي تصاعد الجدل بشأن المخاوف من تقسيم السودان بعد تحذيرات وجهها قائد قوات الدعم السريع قبل أيام - رويترز

لم تعد تداعيات النزاع في السودان تقتصر على ويلات الحرب وما يكابده المواطنون في خضمها من مآسٍ، حيث يتسع الهامش ليشمل الهواجس المتزايدة من قضية تقسيم البلاد.

وكان حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، الذي أشار إلى استشعار ما وصفه بخطر التشظي يومًا بعد يوم، آخر من دق ناقوس الخطر في ذلك السياق.

وأضاف: يتبين من خلال مؤشرات دولية تنشط في ملف السودان أن هناك اتجاهًا لإعادة صياغة التفاوض بأن يتفاوض الجيش والدعم السريع كحكومات وليس كقادة جيوش، ليكتمل المشهد وفق قوله "بحكومة ثالثة في جنوب كردفان بقيادة الحلو"، في إشارة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان - شمال بقيادة عبد العزيز الحلو.

تحذيرات حميدتي

ويأتي تصاعد الجدل بشأن المخاوف من تقسيم السودان بعد تحذيرات وجهها قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو (حميدتي) قبل أيام قليلة، حيث هدد بإقامة سلطة مدنية في المناطق الخاضعة لسيطرة قواته في حال أقدم البرهان على خطوة مماثلة في مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرقي البلاد.

تبعًا لذلك، حذرت قوى سياسية عدة في السودان من تداعيات أي توجه من هذا القبيل، وقالت إنها ستشرع ببذل جهود كبيرة لتحقيق التوافق بين طرفَي النزاع وإنهاء الحرب وبلورة عملية سياسية توحد البلاد.

ويعيد مجرد التلويح بتشكيل كيانات متعدّدة داخل السودان إلى الواجهة سيناريو التقسيم، الذي شهدته البلاد قبل 12 عامًا، وانتهى بانفصال الجنوب.

كما يعيد الأمر المشهدَ في دول أخرى مثل ليبيا واليمن من حيث تعدد الكيانات الحاكمة، مما قد يترتب عليه الدخول في حرب أهلية وعرقية طويلة الأمد.

في المقابل، ثمة من يستبعد وصول السودان إلى مرحلة التقسيم ويعتبر أن تهديدات حميدتي هدفها فقط الضغط السياسي، وأن زيارات البرهان الخارجية انطلاقًا من بورتسودان هدفها فقط تعزيز موقعه في نطاق أي مفاوضات وترتيبات مستقبلية.

يعيد مجرد التلويح بتشكيل كيانات متعدّدة داخل السودان إلى الواجهة سيناريو التقسيم - غيتي
يعيد مجرد التلويح بتشكيل كيانات متعدّدة داخل السودان إلى الواجهة سيناريو التقسيم - غيتي

"المواطن قال كلمته"

في هذا السياق، يعتبر رئيس منظمة شباب من أجل دارفور أحمد عبد الله إسماعيل، أن المواطن السوداني قال كلمته الواضحة لكل القوى السياسية.

ويرى في حديثه إلى "العربي" من باريس، أن هذه القوى تتصارع في دول المهجر، ولكن ليس لها أي وجود داخل مكونات المجتمع السوداني.

ويلفت إلى أن على المجتمع الدولي وكل الذين يريدون التدخل لحل القضية السودانية أن يرجعوا ويستمعوا للذين يفترشون الأرض في معسكرات النازحين، ولمن هم في الأحياء ولا يملكون الماء والطعام ولا حتى المأوى.

"دول لها مصلحة بتفتيت السودان"

من ناحيته، يلفت عضو المكتب القيادي لمؤتمر البجا فايز القاضي، إلى أن حديث حاكم إقليم دارفور هو ربما إعلاء سقف ليس إلا، مشيرًا إلى أنه لا يتوقع أن تتم تقسيمات، ومع ذلك يؤكد وجود مخاوف.

ويعرب في حديثه إلى "العربي" من لندن، عن تخوفه من الدعوات الموجودة حول انقسام السودان إلى دويلات، مردفًا بأن البلاد مؤهلة لذلك. ويعتبر أن في الإقليم دولاً لها مصلحة في تفتيت السودان وعدم استقراره.

ويرى أن الجيش السوداني غير قادر حتى الآن على حسم المعركة ومثله قوات الدعم السريع، مذكرًا بسقوط الضحايا وما يتعرض له السودانيون من تشرد ونزوح.

وبينما يفيد بأن الكثير من الباحثين عن الأمن نزحوا إلى شرق البلاد، يعتبر أن النظام السابق يتمركز في مناطق مختلفة شرقًا.

ويتوقف عند مؤتمر عقد في أركويت للجبهة الوطنية التي يقول إنها داعمة للجيش السوداني، مضيفًا: "كنا نتمنى منها أن تدعو إلى إيقاف الحرب وتوجه الجيش والدعم السريع مباشرة إلى جدة أو أي منبر من المنابر التي تدعو إلى اتفاق لوقف إطلاق النار والعودة إلى المسار الديمقراطي السلمي المدني".

"استمرار الحرب يمكن أن يؤدي للتقسيم"

من جانبه، يأمل القيادي في قوى الحرية والتغيير محمد صادق أن تكون للبرهان وحميدتي إرادة حقيقية نحو وقف الحرب والقتال، والشروع فورًا في عملية سياسية وإنهاء المعاناة الإنسانية.

ويؤكد في حديثه إلى "العربي" من القاهرة، أن استمرار الحرب في دولة هشة كالسودان يمكن أن يؤدي إلى التقسيم وإلى انزلاق البلاد إلى هاوية سحيقة.

ويقول: "نحن في قوى الحرية والتغيير نعمل الآن من أجل وقف الحرب ورفع المعاناة عن شعبنا الكريم، ونسلك في ذلك عدة طرق واتجاهات، وقمنا بزيارات عديدة في الدول الإفريقية والمنطقة العربية والاتحاد الأوروبي".

ويوضح أن الهدف من ذلك هو إنشاء جبهة مدنية موسعة لاعتقادنا أنها الترياق لهذا المخطط الآثم الذي يستهدف السودان ووحدته.


تناقش الحلقة المرفقة من "للخبر بقية" تصاعد الجدل في السودان بشأن المخاوف المتعلقة بتقسيم البلاد ومبررات هذه المخاوف وإرهاصاتها الفعليّة إن وُجِدت. كما تبحث في الخطوات التي قالت قوى سياسية إنها ستشرع في اتخاذها للحيلولة دون شبح التقسيم.
المصادر:
العربي