قدّمت إسرائيل للولايات المتحدة وثيقة على شكل مطالب، تتضمّن في جوهرها شروطًا لحل تراه تل أبيب طريقًا لإنهاء الحرب.
ونقل المبعوث الأميركي آموس هوكستين الوثيقة إلى بيروت، قائلًا إنّها "الفرصة الأخيرة".
وأشارت تصريحات هوكستين إلى أنّ القصور في تطبيق القرار الأممي 1701 ساهم في إشعال النزاع وتصاعده.
ما هي شروط إسرائيل؟
في التسريبات الأميركية، جاء هوكستين حاملًا مجموعة من النقاط تدور حول السماح لجيش الاحتلال الإسرائيلي بتنفيذ ما وُصف بـ"الإنفاذ النشط" لضمان عدم إعادة تسليح "حزب الله" أو إعادة بناء بنيته العسكرية في مناطق الجنوب القريبة من الحدود.
ووفق مفهوم تل أبيب، يتضمّن الأمر حرية العمليات لسلاح الجو الإسرائيلي في الأجواء اللبنانية.
وتتناقض هذه النقاط مع القرار 1701، والذي ينصّ على أنّ الجيش اللبناني و"اليونيفيل" هما المسؤولان عن تطبيق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و"حزب الله".
وفي ردّ الفعل اللبناني على تصريحات هوكستين، قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إنّ الأولوية الآن هي لتطبيق القرار 1701 بشكل كامل، واصفًا القرار بأنّه ركيزة الاستقرار في المنطقة.
في هذه الأثناء، تتجه الأنظار إلى زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى المنطقة غدًا الثلاثاء، لمناقشة الحاجة إلى التوصّل لحل دبلوماسي بين إسرائيل ولبنان، بالإضافة إلى خطط ما بعد الحرب على غزة وضرورة تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية للمدنيين، وفق إعلان الخارجية الأميركية.
فما هي شروط إسرائيل للحلّ في ضوء زيارة هوكستين إلى لبنان؟ وما هو الموقف الرسمي اللبناني وانعكاسات الضغوط الدولية على جبهتَي غزة ولبنان؟
"شروط تصعيدية من هوكستين"
اعتبر منير الربيع، مسؤول القسم السياسي في صحيفة "المدن" اللبنانية، أنّ هوكستين كان واضحًا بأنّ القرار 1701 لم يعد كافيًا، وأنّه لا بد من البحث عن إطار جديد له تحت مسمّى توصية أو اتفاق ثلاثي أو ملحق.
وقال الربيع في حديث إلى التلفزيون العربي من بيروت، إنّه على الرغم من أنّ هوكستين لم يستخدم مصطلح تعديلات، إلا أنّ هذا لا يعني أنّه ليس هناك ضغوطًا وشروطًا أميركية وإسرائيلية تُقدّم إلى الدولة اللبنانية، بعضها يرتبط بالحصول على صك للاستسلام وبعضها يرتبط بأفق بعيد المدى عبّر عنه هوكستين بوضوح عندما قال إنّ هذه الحرب يجب أن تكون الأخيرة.
وأشار إلى أنّ كلام هوكستين يعني دخول لبنان إما في اتفاق أو العودة إلى اتفاق الهدنة عام 1949، أي وقف كل الأعمال العسكرية ربطًا بالشروط والضغوط الجديدة التي سيتمّ إدخالها في النص الجديد، والذي سيتمّ إلحاقه بالقرار 1701.
ورجّح أنّ الاتفاقات المقبلة ستدمج بين القرارين 1701 و1559، بشكل ينصّ على عدم وجود سلاح لـ"حزب الله" وإنهاء حالة المقاومة في لبنان.
وأكد أنّ الشروط التي وضعها هوكستين تصعيدية بغض النظر عن كل الجوانب التفصيلية التي بحثها لمرحلة ما بعد الحرب ووقف إطلاق النار ومن حيث تعزيز وجود الجيش اللبناني وكيفية انتشاره، وتعزيز عمل قوات "اليونيفل" وتوسيع صلاحياتها.
واعتبر أنّه من الواضح أنّ جيش الاحتلال سيمضي في عملياته العسكرية، وأن حكومة نتنياهو ستصعّد أكثر، وأنّ زيارة هوكستين تهدف إلى كسب الوقت حتى الانتخابات الأميركية.
"هوكستين ينتظر الردّ اللبناني على الموقف الإسرائيلي"
بدوره، اعتبر توماس واريك الدبلوماسي الأميركي السابق وكبير الباحثين في المجلس الأطلسي، أن لا تعديل متوقّعا على القرار 1701، وأنّ هوكستين كان مجبرًا على تقديم الموقف الإسرائيلي، وفق تعبيره.
وقال واريك في حديث إلى التلفزيون العربي من واشنطن، إنّ "هوكستين يعي أنّ الكرة في ملعب القادة اللبنانيين لشرح كيفية عمل أو سريان القرار 1701 بالطريقة التي نُصّ عليه".
ورأى أنّه للحفاظ على القرار 1701، على السلطات اللبنانية أن تخرج بمخرجات ملموسة عن كيفية تنفيذه.
واعتبر أنّ هوكستين قدّم الموقف الإسرائيلي وهو ينتظر الردّ أو الخطة اللبنانية في هذا الإطار.
"إسرائيل تريد تحويل لبنان إلى حالة مشابهة للضفة الغربية"
من جهته، رأى الباحث في مركز مدى الكرمل الدكتور امطانس شحادة، أنّ إسرائيل ستستمرّ في الحرب على لبنان، لأنّها تريد تحويله إلى نموذج مشابه لحالة الضفة الغربية.
وقال شحادة في حديث إلى التلفزيون العربي من حيفا، إنّ إسرائيل تريد أن تكون لها حرية مطلقة للقيام بأعمال عسكرية داخل الأراضي اللبنانية، ومنع إعادة بناء قدرات "حزب الله"، والتأثير على انتخاب الرئيس اللبناني عن طريق الولايات المتحدة، إضافة إلى السيطرة الأمنية والعسكرية على الأجواء والأراضي والحدود البحرية في لبنان.
وذكّر بأنّ إسرائيل أعلنت منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول أنّها تريد تغيير حالتها الإستراتيجية، وأنّها لن تقبل بوجود تهديد لها، وهي تترجم ذلك على أرض الواقع الآن.