دخل العدوان الإسرائيلي على غزة شهره السادس، مخلفًا آلاف الشهداء والجرحى، ودمارًا واسعًا في المنازل السكنية والبنى التحتية، وسط استمرار مفاوضات القاهرة الرامية إلى وقف الحرب على القطاع.
وأسفر العدوان المتواصل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي عن 30800 شهيد و72298 إصابة، حسبما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة الخميس.
وفيما تواصل عدوانها على غزة، ارتكبت "قوات الاحتلال 9 مجازر ضد العائلات في القطاع، راح ضحيتها 83 شهيدًا و142 جريحًا، خلال الـ24 ساعة الماضية"، حسب وزارة الصحة التي أشارت إلى أنه لا زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات حيث يمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم".
وكانت هيئة المعابر والحدود ذكرت أن جيش الاحتلال الإسرائيلي سلّم الخميس، جثامين 47 شهيدًا عبر معبر كرم أبو سالم جنوب شرقي قطاع غزة.
وزارة الصحة أطلقت أيضًا مناشدة للمؤسسات العربية والدولية بالعمل بشكل عاجل على توفير وحدات الدم ومكوناتها، نظرًا للحاجة الماسة لإنقاذ المرضى والجرحى في القطاع.
وعلى الصعيد الإنساني، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، إن الأطفال في غزة هم الأكثر تضررًا من الحرب، مشددة على ضرورة حمايتهم.
استشهاد 27 أسيرًا من غزة في معتقلات الاحتلال
ويأتي العدوان الإسرائيلي، في وقت كشفت فيه صحيفة "هآرتس" أن 27 معتقلًا فلسطينيًا من غزة توفوا أثناء احتجازهم في معتقلات إسرائيلية منذ اندلاع العدوان على القطاع.
هذا الأمر اعتبرته وزارة الخارجية الفلسطينية "جزءًا من حرب الإبادة"، وعبرت عن "تخوفها من أن هذا المصير يواجه ويتهدد الآلاف ممن تم اعتقالهم مؤخرًا في قطاع غزة، والضفة الغربية، بما فيها القدس ودون تحديد مصيرهم".
حركة حماس بدورها، اعتبرت استشهاد معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة بسبب التعذيب في سجون إسرائيل، "جريمة حرب تستدعي تحقيقًا دوليًا"، ودليلًا إضافيًا على حجم الجرائم والانتهاكات والفظائع التي يتعرض لها المعتقلون الفلسطينيون في سجون الاحتلال".
وأمام اعتداءات الاحتلال المستمرة، تواصل المقاومة الفلسطينية التصدي للجيش الإسرائيلي في مختلف المحاور في قطاع غزة.
فقد أعلنت سرايا القدس، الجناح المسلح لحركة الجهاد الإسلامي، أن مقاتليها استهدفوا 3 آليات عسكرية إسرائيلية بالقذائف، وفجروا مبنى مفخخًا تحصنت به قوة للعدو بمدينة حمد غرب خانيونس.
السرايا التي أكدت أنها نفذت أيضًا كمينًا استهدف رتلًا من آليات الاحتلال المتوغلة جنوب شرقي حي الزيتون في مدينة غزة، أشارت إلى أنها قصفت تجمعًا لجنود الاحتلال بقذائف الهاون جنوب حي الزيتون في مدينة غزة.
وكانت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، أعلنت أن عناصرها استدرجوا قوة من 20 جنديًا إسرائيليًا إلى كمين محكم أمس الأربعاء في شقة بمدينة حمد وفجروا عبوات وأوقعوا أفرادها قتلى وجريح.
وأمام عمليات المقاومة، اعترف الجيش الإسرائيلي الخميس، بمقتل 69 قائدًا عسكريًا برتب متفاوتة منذ بدء عدوانه على قطاع غزة.
وقالت إذاعة الجيش: إنه منذ بداية الحرب، "قُتل عشرات القادة العسكريين من النظاميين والاحتياط، ومن بينهم 4 قادة ألوية برتبة عميد و6 ضباط برتبة مقدم و39 قائد فصيلة و13 قائد سرية و7 قادة آخرين".
واستنادًا إلى المعطيات الرسمية للجيش الإسرائيلي، قُتل 587 من ضباطه وجنوده منذ بداية الحرب على غزة، بينهم 247 خلال المعارك البرية التي بدأت في 27 أكتوبر الماضي، فيما أصيب 5053 آخرين، بينهم 1467 في العمليات البرية.
كما أعلن رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي الخميس، فتح تحقيق في "إخفاقات" 7 أكتوبر/ تشرين الأول، حينما فاجأت حركة حماس إسرائيل بعملية "طوفان الأقصى" على قواعد عسكرية محاذية لقطاع غزة.
مفاوضات القاهرة
سياسيًا، أعلنت حركة حماس مغادرة وفدها العاصمة المصرية القاهرة للتشاور مع قيادة الحركة، لكنها أكدت استمرار المفاوضات والجهود نحو وقف "العدوان" الإسرائيلي على غزة، وعودة النازحين وإدخال المساعدات الإغاثية.
وبعدما غادر وفد من حماس القاهرة، أكد السفير الأميركي لدى إسرائيل الخميس أن "الخلافات تضيق" في المحادثات حول وقف لإطلاق النار في قطاع غزة.
وصرح السفير جاك ليو في مؤتمر في تل أبيب: "لا أستطيع أن أقول لكم إن (المفاوضات) ستتكلل بالنجاح"، لكن "الخلافات تضيق"، مؤكدًا أن "الجميع يتطلعون نحو شهر رمضان الذي يقترب".
لكن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أعلن أن إسرائيل ستواصل هجومها على حماس، على الرغم من تزايد الضغوط الدولية، بما في ذلك في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وفي سياق ردود الفعل الدولية حيال العدوان على غزة، أكد أنور إبراهيم، رئيس وزراء ماليزيا، أن الاختلاف في رد فعل الغرب على الهجوم الروسي على أوكرانيا والعدوان الإسرائيلي على القطاع يتحدى المنطق.
من ناحيته، وصف وزير الخارجية الصيني وانغ يي الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، بأنها "وصمة عار على الحضارة"، مكررًا دعوات بكين إلى "وقف فوري لإطلاق النار".
كما أكدت ألمانيا وبريطانيا على الحاجة الملحة لوقف إطلاق النار لأسباب إنسانية في غزة مع استمرار تدهور الوضع الإنساني في القطاع.
إنزالات جوية جديدة على غزة
في غضون ذلك، أعلن الجيش الأردني أن طائرات سلاح الجو الملكي الأردني نفذت 9 إنزالات جوية جديدة لمساعدات إنسانية لمواقع في شمال قطاع غزة بمشاركة طائرات أميركية، وفرنسية، وبلجيكية، وهولندية، ومصرية.
من جهته، اعتبر الممثل الأعلى للسياسة الأمنية والخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل أن "عمليات الإنزال الجوي في قطاع غزة جيدة، ولكنها غير كافية"، مشددًا على ضرورة الضغط على الحكومة الإسرائيلية للسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "دون عوائق".
إلى ذلك، أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي جو بايدن سيكلف جيش بلاده بإنشاء ميناء عسكري على ساحل قطاع غزة لإيصال المساعدات الإنسانية العاجلة إليه عن طريق البحر.
وشددت كل من السويد والدنمارك على أهمية إيصال المساعدات الإنسانية بشكل آمن وسريع إلى قطاع غزة الذي يتعرض لحرب تجويع إسرائيلية.
وقال متحدث الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، إنه يجب على المجتمع الدولي التركيز على تقديم مساعدات واسعة النطاق إلى قطاع غزة عن طريق البر.
بدوره، أعلن وزير خارجية إسبانيا خوسيه مانويل ألباريس أن مدريد ستقدم مساعدات إضافية بقيمة 20 مليون يورو نحو 21.88 مليون دولار لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".