في الأسابيع الماضية، بات مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة مسرحًا لاقتحامات عسكرية إسرائيلية شبه يومية تتخللها اشتباكات بين فلسطينيين وقوات إسرائيلية.
وتترك هذه العمليات آثارها الواضحة في المخيم حيث ينخر الرصاص واجهات مبانٍ بينما تعرض بعضها لدمار واسع، وتناثر ملابس الأطفال وسط الركام.
تروي الفلسطينية مواهب مرعي أن ابنها (15 عامًا) استشهد في عملية عسكرية إسرائيلية في مخيم جنين في الضفة الغربية المحتلة في 25 أكتوبر/ تشرين الأول.
كما فقدت السيدة الفلسطينية ستة من أقاربها خلال العدوان الإسرائيلي على غزة الذي بدأ منذ 79 يومًا وأدى لاستشهاد أكثر من 20 ألف فلسطيني.
عندما علمت مرعي بإصابة ابنها، خرجت على وجه السرعة تبحث عنه في المستشفيات، لتعثر عليه وهو يحتضر بعدما أصيب بشظية في رأسه من الخلف.
هجمات إسرائيلية في الضفة الغربية
وتصاعدت وتيرة الهجمات والاقتحامات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة عقب العدوان على غزة. وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، استشهد منذ السابع من أكتوبر الفائت، أكثر من 300 شخص برصاص الجيش والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967.
ويعيش في الضفة، من دون القدس الشرقية، نحو 490 ألف مستوطن في مستوطنات تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي.
ويعد مخيّم جنين حيث يعيش 23 ألف نسمة، معقلًا للفصائل الفلسطينية.
وفي حين يزعم جيش الاحتلال أن عملياته هدفها البحث عن مطلوبين، تؤكد وزارة الصحة الفلسطينية أن العديد من الشهداء في عمليات الاقتحام هم من المدنيين.
ويقف المسنّ هاني الدمج قرب حطام نتج عن قصف مسجد الأنصار في مخيم جنين، ويقول إنه وأقاربه المقيمين في جواره، محظوظون لخروجهم على قيد الحياة.
وأدى قصف جوي إسرائيلي في أكتوبر الفائت لتدمير المسجد، ولم يتبق منه سوى جدران خارجية وسلالم داخلية. وأعلنت وزارة الصحة استشهاد شخصين جراء هذه الغارة.
قتل ممنهج
وفي وقت سابق من الشهر الجاري استشهد 11 فلسطينيًا في عملية عسكرية إسرائيلية كما استشهد فتى (13 عامًا) كان مريضًا بعد منعه من الوصول إلى المستشفى، وفق مصادر فلسطينية.
وقالت جمعية إسعاف الهلال الأحمر الفلسطيني إن من بين الجرحى سيدة (27 عامًا) أصيبت بعيار ناري في الصدر.
والشهر الماضي، استشهد 14 شخصًا في عملية إسرائيلية تعتبر الأكثر حصدًا للأرواح منذ العام 2005، وفق الأمم المتحدة.
أما في الشهر الحالي، فقد أظهرت لقطات مصورة جنودًا إسرائيليين داخل أحد مساجد مخيم جنين وهم يرددن صلوات تلمودية عبر مكبرات الصوت، الأمر الذي اعتبرته السلطة الفلسطينية "تدنيسًا".
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن الجنود المشاركين تم إبعادهم عن الأنشطة العملياتية لمواجهة إجراءات تأديبية.
وطال الاقتحام مسرح الحرية القريب، وهنا يسأل المدير الفني للمسرح أحمد طوباسي "ما هذا السلوك الذي يقوم به جندي؟"، مضيفًا: "حياتنا، مستقبلنا، نومنا وكل نفس نتنفسه، في أيدي الإسرائيليين".
أما أمّ عيد فلا تزال تأمل في عودة ابنها إلى حضنها. وتقول دون أن تتمكن من حبس دموعها: "حتى اليوم أجلس ولديّ هاجس أنه سيرجع، أراه أمامي، أنظر إلى الصورة وأقول مستحيل أنه ذهب، سيرجع... هو لا يستغني عن البيت أو عنا".